أخبار البلد ــ تؤكد المعطيات أن العالم العربي، عموماً، والأردن خصوصاً، يحتاج إلى احتضان الشباب والجيل الجديد وإشراكهم في صناعة القرار من خلال أدوات مختلفة تساهم في ادماجهم بشكل مباشر في الحياة العامة، فضلاً عن العمل معهم بالقدر اللازم لتوظيف طاقاتهم بالشكل الأمثل.
هذه النتيجة تستند إلى الوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي يعبر عنها الشباب من خلال منصات التواصل الاجتماعي والصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، فتجد نوافذ مواقع التواصل الاجتماعي، باتت أداة الجيل للمشاركة والتعبير والتفاعل عن واقعه، الذي لا يختلف من شرق الوطن العربي إلى غربه، حتى لو اختلفت القشور التي تخفي ذلك.
ضمن هذه السياقات، ولفهم توجهات الشباب في التغيير وتوسيع مساحة التعبير الهادف من خلال التواصل الاجتماعي، عقد ملتقى النهضة العربي الثقافي في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ورشة عمل بعنوان: "الشباب وصناع المحتوى والحياة العامة: الدوافع، والتحديات، والبدائل"، الإثنين 30 كانون الثاني/ يناير 2023، ضمت صحفيين وإعلامين وكتاب ونشطاء وفاعلين وصناع محتوى رقمي، وخبراء في مجالي الإعلام والتواصل الاجتماعي.
وشدد رئيس ملتقى النهضة، باسل الطراونة، على ضرورة رفد قطاع الشباب والمتفاعلين عبر منصات التواصل الاجتماعي بالأسس الصحيحة والقيم الأخلاقية والإنسانية، لافتاً إلى أن الجيل الجديد أصبح له دور محوري وكبير في صناعة المحتوى الرقمي، والتعبير عن قضايانا في العالم العربي.
فيما بحثت الجلسة الأولى التي أدراها الباحث المتخصص في علوم الاتصال والإعلام، د. مروان شحادة، وتحدث فيها رئيس تحرير جريدة الغد، مكرم الطراونة، والصحافية والناشطة الحقوقية، نادين النمري، الدوافع والتحديات، والبدائل الماثلة أمام الشباب وعالم صناعة المحتوى والصحافة التقليدية. واعتبر شحادة أن أهم ما يميز عصرنا الحالي انتشار صحافة المواطن التي استطاعت بقدرة كبيرة إظهار شخصيات اجتماعية فاعلة ومؤثرة على أرض الواقع.
وحول خلط المفاهيم بين أدوات التواصل ومضمون الأحداث، رأت النمري أن المضمون المهني، يبقى ثابتاً لأنه مبني على الدراسات والأدلة، أما الأدوات فتتغير مع تغير العصر، مؤكدة على حاجتنا لبناء قدرات رواد مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إحداث التغيير، كما من المهم تبني الأشخاص لقضايا الشأن العام وتعزيز المواطنة الهادفة، وهو يحتاج للثقة بأهمية مشاركتهم، والوصول للمعلومة والمحتوى النسبي المطلوب، الذي يوازيه وجود محتوى هادف ومؤثر.
وفي استعراضه لواقع الإعلام التقليدي، اعتبر الطراونة أن هناك محددات عدة تعرقل تطور وسائل الإعلام والصحف الورقية كأداة من أدوات التغيير، على رأسها غياب الشفافية في التصريحات الرسمية حول الأحداث، إضافة إلى صعوبة الحصول على المعلومة الذي يشكل تحدٍ للتحليل والتأثير، وصولاً إلى قلة دعم الكلف التشغيلية لمواكبة التغيرات والتطورات الحالية. ورأى الطراونة أن النوافذ الذي يستخدمها الجيل الجديد إن لم تكن مبنية على معلومات دقيقة ستسهم في زيادة الجهل بدلاً من المعرفة.
بينما استعرضت الجلسة الثانية، التي أدارتها الصحافية المتخصصة بقضايا حقوق الإنسان، روان الجيوسي، وتحدث فيها مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين، نضال منصور، والكاتب والناشط عبد المجيد المجالي، والناشط سند نوار، "المحتوى الإلكتروني: الطموح والقيود"، والمقبول والمطلوب في الفضاء الرقمي.
وتساءلت الجيوسي "لماذا نكتب؟ لماذا نحتك؟ وأين هي المساحة المتاحة في عالم الخوارزميات الذي بات بنفسه يفرض قيوده؟ وهل بات الهم الأكبر للناشطين تجميع "اللايكات" على حساب المضمون الجيد والهادف؟
ورداً على أسئلة الجيوسي، اعتبر منصور أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت المجتمع أدوات ليعبر عن نفسه وهمومه، بصرف النظر عن الأسلوب والطريقة، مشيراً إلى أن تكنولوجيا الانتقالات جعلت من المستحيل ممكناً، وحققت مواقع التواصل الاجتماعي ما كنا نصبوا إليه من حريات وقدرة على تعبير، فيجب حمايتها وإتاحتها لمختلف وجهات النظر.
أما بشأن تأثير النشطاء على القرارات، فقال المجالي: "نحن لا نؤثر في القرارات التي نريد، لكن بالقرارات التي يريدها الناس"، مؤكداً أن بين صوت الشارع وصاحب القرار "فجوة كبيرة"، أساسها عدم الاستماع بجدية لمشكلات الشباب وطموحاتهم وأفكارهم.
في السياق، ذهب الناشط نوار إلى أن الشباب لديهم "حماس" التغيير، لكن ينقصهم الكثير من الأدوات والمساحات، مؤكداً أن لدينا مشكلة متعلقة بالمفاهيم ومحاولة التفسير الفضفاض لها مثل؛ خطاب الكراهية واعتباره السند كغيره من القوانين التي تحدد حرية التعبير.
اليوم؛ ومع وجود أنواع مختلفة في صناعة المحتوى سواء؛ العلمي أو الترفيهي أو حتى النقدي، وما بين النضال والمناصرة والاستخفاف والسخرية، من الحكم؟ يجد الشباب أن الضرورة تقتضي التركيز أكثر على عمل مشترك وجماعي يحمي ويساعد الجيل الجديد للمضي قدماً نحو مستقبلهم، والتشجيع على التفاعل التحليلي والعصف الذهني من خلال الحوار الثقافي، وأيضاً، جذب صناع المحتوى على المشاركة السياسية والمدنية من خلال الانضمام للأحزاب والاشتباك في الحياة العامة.
ووفق رؤيتهم؛ فإن البدائل محدودة بغياب العمل الحزبي، لذا من المهم أن تكون مؤسسات المجتمع المدني جاذبة وحاضنة لصناع المحتوى، وكذلك مطلوب إيجاد منصة لديها القدرة على التأثير وبناء الثقة بين الشباب والحكومة، إلى جانب تعزيز مفهوم التعددية في المجتمع لرفع سقف الحريات، مع أهمية الاستثمار بطاقات الأجيال الجديدة من الشباب، وتمكينهم بأدوات تطور ذاتهم للوصول إلى ما يطمحون إليه.
يشار إلى أن هذه الورشة التي تخللها جلستين حواريتين، تأتي ضمن مشروع جيل جديد الذي يتخذ هدفاً أساسياً له يتمثل بتعزيز التعاون بين المنظمات الشبابية، وأهمية العمل الجماعي لإحداث تغيير إيجابي وفرق ملموس في مجتمعاتنا.