لا شك أن حكومة بنيامين نتنياهو القادمة ستكون حكومة يمين متطرف، لكن نتنياهو سيجد مع عودته إلى ديوان رئاسة الحكومة، الكثير من "الإنجازات الاستيطانية" على أرض الواقع التي كان يحلم بتنفيذها، وقد سبقه إليها الثلاثي نفتالي بينيت وبيني غانتس ويائير لبيد، وسيجد تكريسًا للتقاسم الزماني في المسجد الأقصى بدأه بينيت في آذار/ مارس من العام الحالي وأبقى عليه لبيد ورعاه غانتس.
صرخات التحذير التي يطلقها الثلاثي المذكور تهدف أولًا لنفي التطرف الفعلي الممارس ميدانيًا، بما فيه جرائم تصفية عناصر المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، وحصرها في كونها "سياسة أمنية تفرضها الظروف" وليست تصعيدًا مخططًا له. وهي تهدف أيضًا لمحاولة إخفاء ما يحدث في القدس وتحديدًا في المسجد الأقصى، ورمي المسؤولية عن الانفجار المقبل في الأراضي المحتلة على "جنون حكومة نتنياهو المقبلة"، وفق التعبير الذي استخدمه لبيد أمس لتوصيف حكومة نتنياهو، ناسيًا ما أقدمت عليه يداه (ومعه غانتس وبينيت) خلال عام كامل من الحكم في هذا الباب.
صحيح أن الثلاثي القادم في حكومة نتنياهو الجديدة (إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وآفي ماعوز) هم من عتاة المتطرفين، إلا أنه ينبغي ألا يغيب عن البال أن بينيت جاء من المكان نفسه ومن المدرسة السياسية الدينية الاستيطانية نفسها، لكنه كان على رأس الهرم ونفذ كل ما يحمله من أفكار في هذا المجال بقدر ما أتاحته له الظروف: أكثر من 7000 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وبدء تكريس التقسيم الزماني، وتغيير إجراءات فتح النار على الفلسطينيين. نفّذ بينيت كل ذلك وسط تأييد وموافقة وقبول من شركائه في الحكومة السابقة، من اليمين والوسط واليسار، ومعهم أيضًا شرعية "عربية إسلامية" مثّلها حزب منصور عباس.