الملك من واشنطن أعلن أنّ الانتخابات البرلمانية ستجرى هذا العام، وقد اعتبر البعض أنّ هذا التصريح الملكي هو بمثابة موقف نهائي لموعد الانتخابات، بحيث لا يجوز بعده للحكومة والبرلمان الحالي إلاّ العمل ضمن أجندته الزمنية.
آخرون، لا يرون في تصريح الملك حول الانتخابات معنى الجزم والتأكيد على إجراءها في العام 2012، فعندهم الأمر يحتمل، وقد سبق أن قيل حول الانتخابات البلدية ما يشبه ما يقال اليوم حول البرلمانية.
أنا شخصيا كنت متأكدا من أنّ زيارة واشنطن ستجلب معها تسريع من نوع ما للعملية الإصلاحية، فالأمريكان معنيون بالإصلاح الأردني وهم يرون في الانتخابات النيابية ترجمة عملية على ذلك.
ولكن يبقى السؤال حول أهمية إعلان موعد للانتخابات البرلمانية في ظل تواصل حراكات الشارع من ناحية وإصرار الحركة الإسلامية على شروط متعلقة بتعديل الدستور من ناحية أخرى.
تخيّلوا معي مثلا، إجراء انتخابات نيابية يغيب عنها الحزب الأكبر والأهم في المشهد السياسي، بل ويبقى هذا الحزب وفق ثقله وتحالفاته في الشارع متظاهرا ومؤثّرا.
في حال كهذه، هل يمكننا عندها الحكم على المشروع الإصلاحي للدولة "الانتخابات والتعديلات المحدودة" بأنّه مشروع ناجح تجاوز الأزمة والمأزق؟
هذا بالإضافة إلى أنّ كثير من الحراكات الشعبية لن تثنيها الانتخابات عن الاستمرار في البقاء في الشارع ما لم يواكب ذلك تعديلات دستورية وأشياء أخرى جوهرية.
من هنا، يجب على النظام السياسي عدم اعتبار صيغته الإصلاحية وبرامجه الزمنية المعلنة بقرة مقدسة لا مساس فيها.
وعليه أن لا يخلط بين التسريع في الإصلاحات وبين فقدان الجوهر الإصلاحي الذي يطالب به المجتمع، كما من اللازم على أدوات النظام إعادة النظر في مقاربتهم التي تقول: (انتخابات ستنهي القصة وتوقف التظاهرات).
الخطوة الأهم تبدأ من خلال حوار كبير بين النظام والشارع، يجري فيه تبادل الآراء والمخاوف وينتهي بتعديل جوهري على صيغة النظام الإصلاحية الحالية. ثم ننطلق بعدها لانتخابات تجري في هذا العام أو العام الذي يليه، لا يهمنا التوقيت ما دمنا مسسنا الجوهر وعلّقنا الجرس في مكانه الصحيح والدقيق.