الأردنيون في امريكا.. قلق غيور وسؤال عن تباطؤ الإصلاح .
أول نشاطات الملك خلال زيارته للعاصمة الامريكية كان اللقاء مع جمع كبير من ابناء الجالية الاردنية في الولايات المتحدة, وربما لو كانت الظروف تسمح لكان اللقاء مع اكبر عدد من الاردنيين هناك, واعدادهم بآلالاف يتوزعون في معظم الولايات الامريكية واشكال العمل والتأهيل هناك.
اللقاء كان ودودا أردنيا, تواصل خلاله الملك والملكة بشكل مباشر وشخصي مع الحضور وخلال وقت اللقاء وقبله وبعده تسمع من الاردنيين هناك سؤالا قلقا غيورا يريدون فيه منا نحن القادمين من الاردن ان نبعث في نفوسهم الطمأنينة على الاردن, ليس لاننا في وضع صعب, بل لان ما يجري حولنا وغرق بعض الدول في دمائها وغياب الامن عنها امر يبعث على الخوف من اي تطور سلبي لا قدر الله.
ونسمع من الأردنيين هناك اشادة بما تم من خطوات إصلاحية, لكن نسمع ايضا سؤالا عن التباطؤ في انجاز خطوات مهمة وتحديدا قانون الانتخاب الذي ما زال في عالم الغيب واولوية متأخرة لدى الحكومة. ونجد عند من نتحدث معهم قناعة نتحدث بها في الأردن وهي ان الانتخابات هي الجزء الاهم من الحل وعنوان لتأكيد مصداقية مسار الإصلاح ووصوله الى نهاية طبيعية لاننا لا يجوز ان (نُباعد) بين كل تشريع وآخر او بين الافكار والوقائع.
من يُعطل الاصلاح ويبعث الشكوك في ارادة الاصلاح ويعطي مزيدا من الوقت لكل ما يجري هو من يحاول التذاكي على الاردنيين وتضييع الوقت لاسباب واعتبارات لا وزن لها إلا على صعيد اشخاص وليس الوطن. وخلال اللقاء وجهت سؤالا لوزير الإعلام الاسبق مروان المعشر الذي يعيش في واشنطن ويعمل في مجال الديمقراطية, سألته عن تقييم الاوساط السياسية للاصلاح في الاردن فكان الحديث عن الانتخابات النيابية البند الاهم وانه لا يجوز ان نتحدث عن انتخابات نيابية بعد عام ونصف العام وان هناك شعورا بان تأخير الانتخابات والمماطلة في انجاز متطلباتها ليس في مصلحة الاردن.
الملك وجه رسالة للجالية الاردنية في امريكا كان الاصلاح البند الاهم فيها, وكانت الاشارة الى قدوم انتخابات نيابية وبلدية في اسرع وقت ممكن, ولو ان الحكومات, وتحديدا السابقة والحالية قامتا بعملهما لانجاز عملية الاصلاح لكنا انجزنا الانتخابات البلدية نهاية العام الماضي, وكنا نستعد لاجراء الانتخابات النيابية خلال اشهر لكننا اليوم نتحدث عن اسرع وقت ممكن, اي ان العمليات السياسية التي تجسد الاصلاح السياسي بلا مواعيد واضحة, وهذا يعني بوضوح ان الحكومات تعطل الاصلاح إما لضعف او اعتبارات لا تأخذ بالاعتبار ما هو اهم على الصعيد الوطني.
إجراء الانتخابات هدف كبير لانه يجسد مصداقية عملية الاصلاح ويسلب حجة وذريعة من يريدون استغلال شعار الاصلاح ليس لاننا نريد انتخابات او لموقف من مجلس النواب. فلا يمكن ان يصلح لادارة المرحلة إلا من لديه الاحساس بتفاصيلها واستحقاقاتها والقادر على الانسجام مع الرؤية الملكية للاصلاح.
لقاء الملك مع عشرات من ابناء الجالية الاردنية في الولايات المتحدة كان فرصة للاستماع الى عدد من القضايا التي تهمهم وربما يحتاج الامر الى مقال آخر لكنني اشير الى امور منها مثلا غياب آلية الاستفادة من الكفاءات والخبرات ورؤوس الاموال الاردنية في الولايات المتحدة ولعلي هنا اشير الى ما سمعته من احد الاطباء الاردنيين العاملين في الولايات المتحدة بان هناك اكثر من 2000 طبيب اردني في مختلف التخصصات.
الطبيب المغترب اشار الى مشكلة, وهي عدم اعتراف الحكومة بالبورد الامريكي مما يشكل اعاقة للاستفادة من هذه الخبرات, وهو عدم اعتراف كان موجها لدول اخرى وسمعت منه استعدادا للتعاون مع القطاع الطبي والجامعات الاردنية التي تعاني نقصا في أعداد المدرسين.
أفكار كثيرة تخص عشرات الالاف من الاردنيين تحتاج الى مساحة اخرى, لكن إبقاء الابواب مفتوحة ضرورة لا تكفي معها الامنيات, بل تحتاج الى آليات ناجحة.