اخبار البلد- الكل يعلم ان الفساد في بلادنا قد تمأسس برعاية رسمية مدعومة بمستويات عدة ، و قد عرفت بلادنا قضايا فساد كبرى ظهرت في معظم مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية و اكتشفت تجاوزات و شبهات فساد في كل من الديوان الملكي و مجلس الوزراء و مجلس الامة و القوات المسلحة و الدوائرة الامنية والبلديات و في القطاعين العام و الخاص بما فيها الاحزاب العقائدية و البرامجية و النقابات المهنية و غير المهنية دون ان يلاحق الفاسدون بمعظمها ، و رغم ذلك يدعي البعض ان الفساد قد تم تضخيمه في بلادنا و ان كشف الفساد و الفاسدين يعمل على ابعاد المستثمرين او الدول المانحة او الشقيقة .... الخ .
و عودة لتاريخ الفساد في بلادنا نجد انه قد نما و ترعرع في عهد الملكية الرابعة بالقرن الحادي و العشرين وقبل ذلك كان الفساد كان مقصورا على فئة قليلة تعد على الاصابع و فسادها بغالبيته لا يتعدى رشوة موظف صغير او اختلاس محاسب لمبلغ زهيد كان يعاقب الفاسد به بعقوبة قاسية تبدأ بالثلاث سنوات حبس و غالبية الفاسدين من صغار الموظفين كان يدفعهم لذلك ضيق العيش و قسوة الحياة بعكس هذه الايام التي اصبح الفساد بها مهنة و حرفة من قبل كبار الموظفين لا صغارهم ، و اصبح فسادهم بالملايين بعد ان كان بالدنانير
حين كان الفاسد يحال الى القضاء يصبح منبوذا من اقرب الناس اليه سواء من ابناء عشيرته او منطقته لدرجة ان التوسط له يعيب من يتوسط على قاعدة ابن الناس لا يسرق و لا يرتشي و ان اصله يرده و مجتمعه يرفضه اما اليوم و ان تصادف و احيل فاسد للقضاء تهب لنصرته عشيرته و منطقته الجغرافية التي قد تتعدى احيانا الاقضية الى الالوية والمحافظات هذا ان لم تتعدى اصله و فصله و دينه و لغته .
و عودة للموضوع فان ما يحز في النفس ممارسة الانتقائية باحالة وجبات الفاسدين للقضاء و ما يحز اكثر في النفوس ان تهب للدفاع عن الفاسدين المنتقين عشائرهم او المحافظة التي ينتمون لها او الضفة التي انتسبوا اليها غربية كانت ام شرقية ناهيك عن علاقات النسب و المصاهرة مع مختلف المستويات علت ام هبطت ، فان بقينا على ذلك لا بد و ان نردد عظم الله اجرنا و شكر الله سعي الباحثين عن مكافحة الفساد رسميين كانوا ام شعبيين .
ان المثول امام القضاء هو الوسيلة الامثل للبراءة او التجريم لان براءة المتهم عن طريق القضاء اشرف الف مرة من برائته عن طريق الواسطة و المحسوبية و العشائرية و الاقليمية و الطائفية لان العشيرة او الاقليم او الطائفة اللواتي تحمي الفاسد و تتستر عليه هي شريكته بجريمته النكراء ، من هنا و قف الكثير من الناس عند التعديلات الدستورية الاخيرة التي ابقت حق احالة كبار المسؤولين الى القضاء من الوزارء و الاعيان والنواب بيد مجلس النواب و قيدت القضاء فيمن يلاحق او لا يلاحق جريا على عادة تقييد القضاء في بلادنا بعدة مناسبات بالماضي ابتداءا من سحب بعض اختصاصات القضاء المدني و تحويلها الى القضاء العسكري او حينما انشئت هيئة مكافحة الفساد و ارتبطت بالحكومة لا بالسلطة القضائية .
و خلاصة القول لما ذكرت ، يتوجب تفعيل مبدأ فصل السلطات دستوريا باعادة صلاحيات احالة كبار الفاسدين من المسؤولين العسكريين والمدنيين للقضاء مثلما يتوجب تفعيل قانون اصول المحاكمات الجزائية الذي بموجبه تحرك الدعوى العامة بحق اي متهم بمجرد علم النيابة او باخبار من اي كان عندها يعرف الجميع انه لا فضل لاحد على الاردن و الاردن فضله على الجميع بلا استثناء و كائن من كان .
حمى الله الأردن والأردنيين و ارزق قيادتهم البطانة الصالحة التي طال انتظارهم لها وإن غداً لناظره قريب.