ووصل الاقتراض منذ أبريل (نيسان) إلى 55 مليار جنيه استرليني (65 مليار دولار)، مقارنة بـ52 مليار جنيه استرليني (61.5 مليار دولار) التي توقعها مكتب مسؤولية الموازنة.
وتتعرض الحكومة البريطانية لضغوط لتقديم مزيد من الدعم للأشخاص الذين يواجهون أسوأ أزمة كلفة معيشية منذ عقود في حين من المتوقع أن يؤثر الانكماش الاقتصادي الوشيك في عائدات الضرائب.
وبلغ صافي اقتراض القطاع العام 4.9 مليار جنيه استرليني (5.8 مليار دولار) في يوليو بانخفاض قدره 800 مليون جنيه استرليني (946.3 مليار دولار) عن الشهر ذاته من العام الماضي، لكن بزيادة قدرها 5.9 مليار جنيه استرليني (6.9 مليار دولار) عن يوليو 2019 عندما كانت الموازنة فائضة.
وعادة ما تحقق الحكومة فائضاً في يوليو، لأن الإيرادات الضريبية تعززها عوائد العمل الحر التي يتم تقديمها عادة مرتين سنوياً في يناير (كانون الثاني) ويوليو، وتراجع الاقتراض بنسبة 77 في المئة من 22.8 مليار جنيه استرليني (26.9 مليار دولار) في يونيو (حزيران) بسبب زيادة قدرها 11 ضعفاً في الإيرادات من ضريبة الدخل المقيمة ذاتياً.
وقال زهاوي "أعلم أن التضخم المتزايد يخلق تحديات للعائلات والشركات، كما أنه يضغط على المالية العامة من خلال زيادة المبلغ الذي ننفقه على فوائد الديون، وأضاف "لمساعدة الناس خلال هذا الوقت العصيب، يستمر الدعم الحكومي في الوصول خلال الأسابيع والأشهر المقبلة ويستهدف أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه مثل المتقاعدين وذوي الدخل المنخفض وذوي الإعاقة. نحن نتخذ نهجاً متوازناً لحماية المالية العامة مع تقديم مساعدة كبيرة للأسر".
وكان التضخم الذي يقاس بمؤشر أسعار المستهلك ارتفع إلى رقمين الشهر الماضي مع زيادة الأسعار بنسبة 10.1 في المئة عن العام السابق وهو أعلى معدل تضخم منذ 40 عاماً.
وانخفضت مدفوعات فوائد الديون إلى 5.8 مليار جنيه استرليني (6.8 مليار دولار) من 19.7 مليار جنيه استرليني (23.3 مليار دولار) في يونيو، وربطت السندات الحكومية بمؤشر أسعار التجزئة الذي بلغ 12.3 في المئة الشهر الماضي وهو أعلى مستوى له منذ مارس (آذار) 1981، مع توقع ارتفاع التضخم إلى أعلى، كما ستنمو كلفة خدمة هذا الدين هي الأخرى.
وكان الصعود في مدفوعات الفائدة على الدين الحكومي السبب الرئيس وراء تجاوز الاقتراض العام توقعات مكتب الموازنة العمومية، وفقاً لصمويل تومبس من شركة "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" الاستشارية الذي قال لصحيفة "ذا تايمز" إن المكتب "توقع في بيان الربيع أن يبلغ إجمالي الاقتراض 99 مليار جنيه استرليني (117.1 مليار دولار) هذا العام، لكنه من المحتمل أن يراجع تقديراته إلى نحو 150 مليار جنيه استرليني (177.4 مليار دولار) إذا نشرت أرقام جديدة على أساس السياسات الحكومية الحالية والتوقعات الاقتصادية الأكثر كآبة".
وأضاف "يبدو الآن أن مدفوعات الفائدة سترتفع بنحو 35 مليار جنيه استرليني (41.4 مليار دولار) في 2022-2023 عما توقع مكتب الموازنة العمومية بافتراض أن الأسواق على حق في مسار سعر البنك".
وكانت المالية العامة خضعت لتدقيق شديد في الأسابيع الأخيرة بعدما أصبحت التخفيضات الضريبية الخط الفاصل الرئيس بين المرشحين المحافظين لمنصب رئيس الوزراء.
ويعتقد ريشي سوناك أنه يجب الحفاظ على الضرائب عند مستواها الحالي حتى يتم خفض التضخم، بينما تخطط ليز تراس لخفض الضرائب على الفور في محاولة لتعزيز الاقتصاد.
بريطانيا والركود
قال هوا دونغ الخبير الاقتصادي في شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" إن بريطانيا لديها فرصة بنسبة 46 في المئة للدخول في ركود خلال العام المقبل.
ويتوقع بنك إنجلترا أن يدخل الاقتصاد في ركود لمدة 15 شهراً هذا الشتاء عندما يرفع سقف أسعار الطاقة للمرة الثانية هذا العام في أكتوبر (تشرين الأول)، مما زاد الفواتير إلى ثلاثة أضعاف مستواها الخريف الماضي.
وأشار دونغ إلى أن "هذا الشهر سيكون أول اختبار ضغط لمرونة الأسر في مواجهة الزيادات غير المسبوقة في كلف التدفئة"، وتابع أنه مع احتمال الكشف عن زيادة أخرى محتملة في سقف أسعار الطاقة لشركة "Ofgem" في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن خيارات تبديل الأسر محدودة والحسومات لمرة واحدة "من غير المرجح أن تملأ الفراغ".
وتجرى الانتخابات العامة المقبلة في 2024 وهو العام الذي يتوقع بنك إنجلترا أن تخرج المملكة المتحدة خلاله من ركود استمر 15 شهراً بسبب التضخم الذي بات عند أعلى مستوياته في أربعة عقود، وما إذا كانت الحكومة فعلت ما يكفي لدعم الأسر خلال أكبر انخفاض في الدخل الحقيقي منذ الحرب العالمية الثانية سيكون مقياساً رئيساً لنجاحها في نظر الناخبين.
فيما ستفسح الحجج الأيديولوجية بين ريشي سوناك وليز تراس، المرشحين لمنصب رئيس الوزراء، المجال بلا شك هذا الخريف لخطط الإنفاق على الأسر الأكثر تضرراً من أزمة أسعار الطاقة.
فعلياً لا يوجد شيء في الوضع المالي للقطاع العام يمنع المرشحين من القيام بذلك، إذ تجاوز الاقتراض العام حتى الآن بشكل طفيف آخر توقعات مكتب الموازنة العمومية الصادرة في بيان الربيع والأسوأ لم يأت بعد، وستأتي أكبر زيادة في مدفوعات الفائدة أثناء الشتاء، فمن المرجح أن يتجاوز التضخم 13 في المئة، مما يدفع مستوى الاقتراض إلى أعلى بكثير مما كان متوقعاً.
لكن على الرغم من أن الاقتراض الحكومي سيكون أعلى بكثير من تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة، المتنبئ الرسمي، فإن أهدافه المالية حددت على مدى ثلاثة أعوام.
ومن غير المرجح أن يكون للمدفوعات لمرة واحدة للأسر هذا العام تأثير كبير في تلك الفترة الزمنية بشرط أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وأن يكون هناك فائض بالموازنة في نهاية فترة التنبؤ.
أما المشكلة الأكبر التي تواجه الوزير المقبل، فهي تأثير التضخم في قيمة القوة الشرائية الحكومية، فحتى الآن لم يتم تعديل الموازنات العامة حتى تصل إلى نسبة تضخم من رقمين، مما يعني أنها ستكون قادرة على تحقيق أقل.
إفلاس آلاف الشركات الصغيرة
وفي سياق الركود الذي يجتاح البلاد والضرر الذي تسبب به لكثير من الشركات، يبحث زهاوي عن خيارات لإنقاذ الشركات هذا الشتاء وسط مخاوف من إفلاس آلاف الشركات الصغيرة بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء.
وقالت مصادر حكومية إن زهاوي يعتقد أن حزمة المقترحات التي تضعها الخزانة لرئيس الوزراء المقبل يجب أن تتضمن خيار إعادة توجيه مخططات "كوفيد" لمساعدة الشركات في تجاوز أزمة الطاقة.
ومع عزم ليز تراس على الاحتفاظ بموازنة طارئة الشهر المقبل حال فوزها في مسابقة قيادة حزب المحافظين، يقول المطلعون إن هناك قليلاً من الوقت للعثور على "أرانب في القبعات"، بحيث يبحث المسؤولون بدلاً من ذلك في آليات التمويل التي ثبت بالفعل أنها تعمل على نطاق واسع.
ومع ذلك، قال مصدر آخر إن أي دعم للشركات الصغيرة والمتوسطة سيكلف على الأرجح المليارات وسيكون مشروطاً برغبة رئيس الوزراء الجديد في مزيد من الاقتراض.
من جانبها، تعهدت تراس بقطع مساهمات التأمين الوطني وعكس الزيادة المخططة في ضريبة الشركات وإزالة الرسوم الخضراء على فواتير الطاقة في خطوة يتوقع الاقتصاديون أن تكلف ما بين 30 مليار جنيه استرليني (35.4 مليار دولار) و50 مليار جنيه استرليني (59.1 مليار دولار) لتنفيذها.
مساعدة الأسر
من جانبه، دعا ديرموت نولان الرئيس التنفيذي السابق لـ"Ofgem"، هيئة تنظيم وطنية مستقلة تزود المنازل والأعمال في البلاد بالغاز والكهرباء، الوزراء إلى زيادة المساعدات للأسر ومساندتهم من أجل تجاوز أزمة الطاقة هذا الشتاء، وقال لصحيفة "صنداي تايمز" "أعتقد أن الحكومة يجب أن تقدم دعماً طارئاً كما كانت تفعل مع 400 جنيه استرليني (473.1 دولار) ولكن بمستوى أعلى مع التركيز بشكل أساسي على العملاء المعرضين للخطر".
وناشد نولان الذي غادر عمله بـ"Ofgem" في يناير 2020 بإدخال تعريفات اجتماعية بحيث يدعم العملاء فواتير الأسر الأكثر ضعفاً، ويأتي تدخله في وقت عصيب للأسر إذ ستعلن الهيئة يوم الجمعة عن مستوى سقف السعر التالي المحدد لأسعار الغاز والكهرباء.
وتشير التقديرات إلى أنه سيكون نحو 3500 جنيه استرليني (4.1 ألف دولار)، وهي زيادة كبيرة عن المستوى الحالي البالغ 1.971 جنيه استرليني (2.33 ألف دولار).
وإضافة إلى التعريفة الاجتماعية، اقترح نولان إجراء إصلاح شامل لنظام أقصى سعر، وقال "تحتاج Ofgem إلى ضمان استقرار النظام وكيف يمكن أن تتطور المنافسة في مرحلة ما"، مردفاً "وربما الاستعداد لما إذا كان سقف السعر هو الآلية الصحيحة على المدى الطويل أو لا".
وكان نولان تعرض لانتقادات بسبب دخوله في مواجهة مع موردي الطاقة الجدد الذين يتمتعون بخبرة قليلة أو معدومة أو يخضعون للضوابط المالية، وتعرض أكثر من 30 مورداً للإفلاس بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي التي ستصل كلفتها إلى مليارات الجنيهات وسيدفعها المستهلكون من خلال فواتير أعلى.