قضية اراضي الدولة, اصبحت جزءا اساسيا من ملف الاشاعات والحقائق المتداولة حول قضايا الفساد, ولم يعد المواطن يعرف الحقيقة نتيجة التضارب في الاخبار ونتيجة نوايا البعض في تعويم المشكلة وإضاعة الحقيقة وعدم معاقبة الفاسدين.
قبل الخوض في التفاصيل, يجب القول بان اراضي الدولة هي ملك للاجيال القادمة ومملوكة للاردنيين جميعا على الشيوع ولا يوجد مبرر واحد يعطي الحق لاي كان للتنازل عنها او بيعها او اهدائها.
وعلى الحكومة و مجلس النواب اغلاق باب التنفع والتنفيع من بيع اراضي الدولة عبر التقدم بمشروع قانون خاص باراضي الخزينة يحدد اسلوب التعامل معها من خلال وقف بيع اراضي الدولة الى اي مستثمر او مواطن على حد سواء والاكتفاء بمبدأ التأجير الاستثماري الى مدد زمنية محددة لا تزيد على 99 عاما, مقابل اجر زهيد لتشجيع الاستثمار او بدل اجر المثل.
ان اعطاء الحكومات حق التصرف في اراضي خزينة الدولة او التنازل عنها بيعا او اهداء هو الذي فتح باب التكسب والمنافع الشخصية امام بعض المسؤولين وامام المستثمرين وامام مواطنين وجمعيات ومؤسسات خيرية وغيرها وادى الى فوضى وفساد وعدم وضوح واعتداء على اموال الخزينة بما فيها اراضي الحراج التي يمنع القانون التصرف بها او حتى قطع شجرة بدون موافقة وزارة الزراعة.
ان بعض اراضي الخزينة لا يمكن ان تقدر بثمن وخاصة المناطق الحدودية ومناطق شواطىء البحر الميت او البحر الاحمر ومع ذلك وصل الامر الى بيع ميناء العقبة وبيع العبدلي وبيع ارضي معرض عمان الدولي, بحجج واهية هي جلب الاستثمارات الخارجية وكأن المستثمرين الاردنيين (افرادا وشركات) غير موجودين ولا يقبلون بهكذا استثمارات.
واغرب ما سمعته من احد المسؤولين في تبريره لعملية بيع اراضي الخزينة للمستثمرين العرب "الارض تبقى موجودة, لا يمكن للمستثمر ان يحملها معه عندما يغادر", هذا منطق اعوج وقد خبرناه عند توقيع معاهدة وادي عربة عندما اكتشفنا ان اراض في قرية الباقورة ( 300 دونم) هي ملكية لرجل يهودي, وذلك لان الدولة وقتها باعت تلك الارض الى مستثمر اجنبي من اجل انشاء مشروع (روتمبيرغ) لتوليد الطاقة الكهربائية عند نقطة التقاء نهر اليرموك مع نهر الاردن والان احفاد ذلك المستثمر ورثوها.
ان على الدولة التخلى عن مبدأ بيع الاراضي واقفال هذا الملف نهائيا, وهذا ما هو معمول به في كل دول العالم, فالمستثمر مرحب به وتؤجر له الارض شريطة عدم نقل ملكيتها الا باذن من الحكومة.