عند التاسعة من مساء أمس الخميس، وقف شاب عشريني أمام مقهى ومحال تجارية في شارع ديزنغوف في وسط تل أبيب متأملا المشهد أمامه، قبل أن يفتح نيران سلاحه على الموجودين هناك
هكذا بدأ الشاب الفلسطيني رعد حازم ليلة الرعب في تل أبيب الإسرائيلية، ليترك خلفه قبل أن ينسحب اثنين من القتلى و14 جريحا جراح بعضهم خطيرة، ومدينة يدب الرعب فيها
بهدوء تام، انسحب رعد وجلس على كرسي قبل أن يختفي عن الأنظار، لتبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي البحث عن منفذ تلك العملية التي وقعت في أحد أكثر الشوارع حساسية وأهمية في إسرائيل
وبينما كانت تل أبيب -التي يطلق عليها سكانها المدينة التي لا تنام- تغلق حاناتها ومطاعهما ومراقصها بعد العملية؛ تنفيذا لتعليمات الأمن وتحسبا لظهور المسلح الشبح مرة أخرى، كان رعد حازم يتخطى كافة الإجراءات الأمنية متجها إلى مدينة يافا
8 ساعات استغرقت علمية البحث عن المسلح الشبح، بحثت خلالها قوات الاحتلال في أزقة تل أبيب، وحتى لحظة استشهاده في مدينة يافا قرابة السادسة من فجر اليوم، الجمعة الأولى من شهر رمضان، سجَّل منفذ عملية ديزنغوف أنه مجهول، لا أحد يعرف حتى اللحظة كيف خرج رعد (29 عاما) من منزله بمخيم جنين شمال الضفة الغربية حتى وصل إلى شارع ديزنغوف، المسمى على اسم مؤسس تل أبيب مائير ديزنغوف، والموسوم تاريخيا بأشهر العمليات الفدائية والتي قتل فيها ما لا يقل عن 40 إسرائيليا
بين الزقاق والنضال
هناك بين أزقة المخيم وبيوته المتزاحمة، ولد الشهيد "السايبر" -كما يلقبه أهل المخيم- رعد حازم عام 1993 لأسرة عرفت بتاريخها النضالي. فوالده أحد قادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وقد أصيب أثناء مشاركته فيها واعتقل بعد ذلك، وشغل مع مجيء السلطة منصبا عسكرية برتبة عقيد في الأمن الوطني، وكان نائب قائد منطقة قبل أن يتقاعد مبكرا
أما عمّه أمين زيدان فقد كان مطاردا ومعتقلا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وابنه عمه نضال أحد المقاومين في مخيم جنين ومطلوب لسلطات الاحتلال، ومن أخواله: عثمان السعدي -الملقب بأبي العواصف- الذي كان أحد قادة الثورة الفلسطينية في جنوب لبنان، واستشهد هناك
كما كان خاله الثاني محمد السعدي أحد قادة "الفهد الأسود"، أحد الأجنحة المسلحة لحركة فتح، واستشهد عام 1992 بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في مدينة جنين، وزوج خالته هو القائد في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ بسام السعدي الذي أمضى حياته متنقلا بين سجون الاحتلال
ولد الشهيد رعد لأسرة مكونة من 5 ذكور و3 إناث، وعرف "بأخلاقه الحميدة وحنانه على أهله وذكائه الخارق وصمته الذي لم يجد أحد تفسيرا له"، حسبما يقول أهله وجيرانه
اكتسب رعد لقبه "السايبر" من عمله في مجال الإلكترونيات والكهربائيات، ومعرفته المميزة بالشبكة العنكبوتية ومعاملات العملات المشفرة بشكل مميز
ويؤكد ذووه وأصدقاؤه أنه لم ينتمِ لأي تنظيم سياسي، ولم يكن له توجه سياسي معين سوى قناعته بأنه لا بد من مقاومة المحتل. ويقول والده إنه لم يظهر عليه أنه كان يتحضر لعملية كالتي قام بها، فقد تناول مع عائلته طعام الإفطار وكان طبيعيا جدا في تصرفاته وسلوكه
لم تعرف العائلة -وهي تتابع أخبار العملية في شارع ديزنغوف- أن المنفذ هو ابنها رعد. وعند الساعة السادسة من صباح الجمعة اتصل ضابط المخابرات الإسرائيلي بوالده، وأخبره أن منفذ العملية هو نجله رعد، وأنه قتل بعد اشتباك مسلح مع وحدة اليمام الإسرائيلية الخاصة قرب مسجد مدينة يافا، وأن عليه هو بقية أبنائه تسليم أنفسهم
وما هي إلا دقائق حتى انتشر الخبر وبدأ أهالي المخيم والمناطق المحيطة يتوافدون إلى منزل والد الشهيد الذي وقف صامدا أمام الجماهير المحتشدة، وخاطبها: "لا نتهاون ولا نتخاذل بنصرة ديننا ونصرة وطننا، جاهدتم وقدمتم وصببتم دماءكم صبا حتى رويتم تراب هذا المخيم بالدماء وخضبتم أرضنا بالشهداء"، مضيفا "سترون النصر في أيامكم المقبلة"
شاب متسامح
نشأ الشهيد رعد محبا للآخرين متسامحا مع غيره. يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين جمال حويل، المقرّب من والد الشهيد وأسرته، إن رعدا قبل أسبوع من العملية كان قد صفح عن شخص تشاجر معه وقدّم صلحا أبيض ولم يأخذ أدنى حق من حقوقه، وقال بالحرف الواحد: "هذا لله ولرسوله وكرامة للمقاومة بمخيم جنين، وإن مشكلتي الحقيقية مع من يحتل أرضي وليس مع ابن بلدي"
ويقول حويل معلقا إن المقاومة ومخيم جنين تحديدا "علامة مسجلة"، وإن الشهيد رعد كغيره من الفلسطينيين تأثر بما رآه من تصعيد الاحتلال واستهدافه للفلسطينيين بالقتل والاعتقال، وانسداد أي أفق سياسي أمامه
فشل السياسية الأمنية للاحتلال
يضيف حويل أن العملية جاءت "بسياق طبيعي" يعبر عن غضب الشعب الفلسطيني وعنفوان شبابه، وأنه ما لم يكن حل سياسي واقتصادي للوضع في الفترة القادمة، فإن الوضع القادم مرشح لمزيد من الانفجار، وعلى الاحتلال ألا يعول كثيرا على غير الشعب الفلسطيني -في إشارة لقمة النقب- لتحقيق الأمن والسلام لدولة الاحتلال، "فالمشكلة تبدأ وتنتهي في فلسطين"
وهنا يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن تعقيدات وتحديات العملية التي نفذها الشهيد رعد تكمن في 3 قضايا، أولاها كيفية دخول الشاب لتنفيذ عمليته رغم كل إجراءات الاحتلال الأمنية، عقب عملية الشهيد ضياء حمارشة قبل 12 يوما
والثانية: تحدي الشهيد للاحتلال الإسرائيلي ونخبه العسكرية بتنقله من مدينة تل أبيب إلى مدينة يافا الفلسطينية، سيرا على الأقدام رغم كل التشديد الأمني والملاحقة
والقضية الثالثة: تكمن في رفض الفلسطيني لكل محاولات "صهر الوعي" الاحتلالية وخلق حالة من الرعب عند الفلسطينيين لمنعهم من تنفيذ أية عملية مقاومة، وذلك بقتل الاحتلال وبطريقة عنيفة 3 مقاومين فلسطينيين قبل أيام قرب بلدة عرابة جنوب مدينة جنين، "فجاءت العملية ومن نفس المدينة والمخيم لتثبت فشل الاحتلال على الصعد الثلاثة، وتكبح جماحه"
وتأتي عملية ديزنغوف بعد شهر من عمليات مشابهة نفذها فلسطينيون في مدن النقب والخضيرة وتل أبيب داخل الخط الأخضر وقتل فيها 13 إسرائيليا
هكذا بدأ الشاب الفلسطيني رعد حازم ليلة الرعب في تل أبيب الإسرائيلية، ليترك خلفه قبل أن ينسحب اثنين من القتلى و14 جريحا جراح بعضهم خطيرة، ومدينة يدب الرعب فيها
بهدوء تام، انسحب رعد وجلس على كرسي قبل أن يختفي عن الأنظار، لتبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي البحث عن منفذ تلك العملية التي وقعت في أحد أكثر الشوارع حساسية وأهمية في إسرائيل
وبينما كانت تل أبيب -التي يطلق عليها سكانها المدينة التي لا تنام- تغلق حاناتها ومطاعهما ومراقصها بعد العملية؛ تنفيذا لتعليمات الأمن وتحسبا لظهور المسلح الشبح مرة أخرى، كان رعد حازم يتخطى كافة الإجراءات الأمنية متجها إلى مدينة يافا
8 ساعات استغرقت علمية البحث عن المسلح الشبح، بحثت خلالها قوات الاحتلال في أزقة تل أبيب، وحتى لحظة استشهاده في مدينة يافا قرابة السادسة من فجر اليوم، الجمعة الأولى من شهر رمضان، سجَّل منفذ عملية ديزنغوف أنه مجهول، لا أحد يعرف حتى اللحظة كيف خرج رعد (29 عاما) من منزله بمخيم جنين شمال الضفة الغربية حتى وصل إلى شارع ديزنغوف، المسمى على اسم مؤسس تل أبيب مائير ديزنغوف، والموسوم تاريخيا بأشهر العمليات الفدائية والتي قتل فيها ما لا يقل عن 40 إسرائيليا
بين الزقاق والنضال
هناك بين أزقة المخيم وبيوته المتزاحمة، ولد الشهيد "السايبر" -كما يلقبه أهل المخيم- رعد حازم عام 1993 لأسرة عرفت بتاريخها النضالي. فوالده أحد قادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وقد أصيب أثناء مشاركته فيها واعتقل بعد ذلك، وشغل مع مجيء السلطة منصبا عسكرية برتبة عقيد في الأمن الوطني، وكان نائب قائد منطقة قبل أن يتقاعد مبكرا
أما عمّه أمين زيدان فقد كان مطاردا ومعتقلا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وابنه عمه نضال أحد المقاومين في مخيم جنين ومطلوب لسلطات الاحتلال، ومن أخواله: عثمان السعدي -الملقب بأبي العواصف- الذي كان أحد قادة الثورة الفلسطينية في جنوب لبنان، واستشهد هناك
كما كان خاله الثاني محمد السعدي أحد قادة "الفهد الأسود"، أحد الأجنحة المسلحة لحركة فتح، واستشهد عام 1992 بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في مدينة جنين، وزوج خالته هو القائد في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ بسام السعدي الذي أمضى حياته متنقلا بين سجون الاحتلال
ولد الشهيد رعد لأسرة مكونة من 5 ذكور و3 إناث، وعرف "بأخلاقه الحميدة وحنانه على أهله وذكائه الخارق وصمته الذي لم يجد أحد تفسيرا له"، حسبما يقول أهله وجيرانه
اكتسب رعد لقبه "السايبر" من عمله في مجال الإلكترونيات والكهربائيات، ومعرفته المميزة بالشبكة العنكبوتية ومعاملات العملات المشفرة بشكل مميز
ويؤكد ذووه وأصدقاؤه أنه لم ينتمِ لأي تنظيم سياسي، ولم يكن له توجه سياسي معين سوى قناعته بأنه لا بد من مقاومة المحتل. ويقول والده إنه لم يظهر عليه أنه كان يتحضر لعملية كالتي قام بها، فقد تناول مع عائلته طعام الإفطار وكان طبيعيا جدا في تصرفاته وسلوكه
لم تعرف العائلة -وهي تتابع أخبار العملية في شارع ديزنغوف- أن المنفذ هو ابنها رعد. وعند الساعة السادسة من صباح الجمعة اتصل ضابط المخابرات الإسرائيلي بوالده، وأخبره أن منفذ العملية هو نجله رعد، وأنه قتل بعد اشتباك مسلح مع وحدة اليمام الإسرائيلية الخاصة قرب مسجد مدينة يافا، وأن عليه هو بقية أبنائه تسليم أنفسهم
وما هي إلا دقائق حتى انتشر الخبر وبدأ أهالي المخيم والمناطق المحيطة يتوافدون إلى منزل والد الشهيد الذي وقف صامدا أمام الجماهير المحتشدة، وخاطبها: "لا نتهاون ولا نتخاذل بنصرة ديننا ونصرة وطننا، جاهدتم وقدمتم وصببتم دماءكم صبا حتى رويتم تراب هذا المخيم بالدماء وخضبتم أرضنا بالشهداء"، مضيفا "سترون النصر في أيامكم المقبلة"
شاب متسامح
نشأ الشهيد رعد محبا للآخرين متسامحا مع غيره. يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين جمال حويل، المقرّب من والد الشهيد وأسرته، إن رعدا قبل أسبوع من العملية كان قد صفح عن شخص تشاجر معه وقدّم صلحا أبيض ولم يأخذ أدنى حق من حقوقه، وقال بالحرف الواحد: "هذا لله ولرسوله وكرامة للمقاومة بمخيم جنين، وإن مشكلتي الحقيقية مع من يحتل أرضي وليس مع ابن بلدي"
ويقول حويل معلقا إن المقاومة ومخيم جنين تحديدا "علامة مسجلة"، وإن الشهيد رعد كغيره من الفلسطينيين تأثر بما رآه من تصعيد الاحتلال واستهدافه للفلسطينيين بالقتل والاعتقال، وانسداد أي أفق سياسي أمامه
فشل السياسية الأمنية للاحتلال
يضيف حويل أن العملية جاءت "بسياق طبيعي" يعبر عن غضب الشعب الفلسطيني وعنفوان شبابه، وأنه ما لم يكن حل سياسي واقتصادي للوضع في الفترة القادمة، فإن الوضع القادم مرشح لمزيد من الانفجار، وعلى الاحتلال ألا يعول كثيرا على غير الشعب الفلسطيني -في إشارة لقمة النقب- لتحقيق الأمن والسلام لدولة الاحتلال، "فالمشكلة تبدأ وتنتهي في فلسطين"
وهنا يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن تعقيدات وتحديات العملية التي نفذها الشهيد رعد تكمن في 3 قضايا، أولاها كيفية دخول الشاب لتنفيذ عمليته رغم كل إجراءات الاحتلال الأمنية، عقب عملية الشهيد ضياء حمارشة قبل 12 يوما
والثانية: تحدي الشهيد للاحتلال الإسرائيلي ونخبه العسكرية بتنقله من مدينة تل أبيب إلى مدينة يافا الفلسطينية، سيرا على الأقدام رغم كل التشديد الأمني والملاحقة
والقضية الثالثة: تكمن في رفض الفلسطيني لكل محاولات "صهر الوعي" الاحتلالية وخلق حالة من الرعب عند الفلسطينيين لمنعهم من تنفيذ أية عملية مقاومة، وذلك بقتل الاحتلال وبطريقة عنيفة 3 مقاومين فلسطينيين قبل أيام قرب بلدة عرابة جنوب مدينة جنين، "فجاءت العملية ومن نفس المدينة والمخيم لتثبت فشل الاحتلال على الصعد الثلاثة، وتكبح جماحه"
وتأتي عملية ديزنغوف بعد شهر من عمليات مشابهة نفذها فلسطينيون في مدن النقب والخضيرة وتل أبيب داخل الخط الأخضر وقتل فيها 13 إسرائيليا