قراءة قانونية في تقرير منظمة العفو الدولية: ثالثة الأثافي لإسرائيل

قراءة قانونية في تقرير منظمة العفو الدولية: ثالثة الأثافي لإسرائيل
أخبار البلد -  
اخبار البلد -
 

تمهيد: التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية الذي أطلقته السيدة انياس كالمار، والأمينة العامة لمنظمة ‏العفو الدولية، يوم الثلاثاء 1/2/2022 من القدس، يعتبر (ثالثة الأثافي) لإسرائيل، إذ أن هذا التقرير ‏الشامل، المكون من (182) صفحة، هو ثالث تقرير يكشف الأوضاع السياسية والقانونية في اسرائيل، ‏خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة، حيث كانت كل من (منظمة بتسليم) الاسرائيلية قد أصدرت في كانون ‏الثاني 2021 تقريراً مشابهاً يندد بسياسات حكومات اسرائيل المناهضة للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة ‏في الاراضي المحتلة عام 1967 وفي داخل الخط الأخضر معتبرة تلك السياسات بأنها تمييزية وعنصرية ‏واعتبرتها بأنها سياسات (فصل عنصري) (واضطهاد). كما أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرياً ‏في شهر أيار 2021 وردت فيه نفس الانتقادات تقريباً حيث اعتبر بأن اسرائيل تمارس (الفصل العنصري) ‏واعمال اضطهاد للشعب الفلسطيني، ليس فقط في الاراضي المحتلة بل وفي الداخل الاسرائيلي أيضاً.‏
لذلك، فإن التقرير الأخير الصادر عن منظمة أمنستي الدولية جاء ليكمل ثالثة الأثافي بالنسبة للدولة ‏العبرية، وليؤكد ما ورد في التقريرين السابقين من أوضاع سياسية وقانونية مخالفة لكافة قواعد القانون ‏الدولي العام والانساني ومناقضة للشرائع والقيم السائدة في الدول الديمقراطية. وتجدر الاشارة هنا إلى أن كلا ‏التهمتين ، أي الفصل العنصري (الأبرتهايد) والاضطهاد تعتبران بموجب المادة (7) من النظام الأساسي ‏للمحكمة الجنائية الدولية بمثابة جرائم ضد الانسانية، وهي من أشد الجرائم الدولية خطورة لذلك فإننا سوف ‏نبين ماهية هاتين الجريمتين وعناصر كلٍ منهما.‏
‏1-‏ جريمة الفصل العنصري (الابرتهايد) ‏
نصت المادة السابعة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن جريمة الفصل العنصري تعتبر ‏احدى الجرائم ضد الانسانية، إلى جانب عدة جرائم خطيرة أخرى من ضمنها: جريمة الاختفاء القسري ‏للأشخاص، وجريمة الاضطهاد وجريمة الابادة وجريمة الاسترقاق وغيرها. ‏
وتجدر الاشارة إلى أن جريمة الفصل العنصري كانت قد صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ‏‏1966، ثم صدرت ضمن معاهدة دولية صادقت عليها وانضمت إليها عشرات الدول فيما بعد، وذلك تحت ‏مسمى (المعاهدة الدولية لمنع كافة انواع التمييز العرقي)، وكان هدفها الرئيسي آنذاك التنديد بممارسات ‏حكومة المستعمرين البيض في دولة جنوب افريقيا ونظامها السياسي القائم على اساس (الفصل العنصري) ‏بين المواطنين البيض والسود.‏
بعد ذلك صدرت اتفاقية روما عام 1998 التي اعتبرت نفس الجريمة – أي الفصل العنصري، ضمن ‏الجرائم الخطيرة التي أطلقت عليها (الجرائم ضد الانسانية)، ثم اعتبرت تلك المعاهدة بأنها (النظام الأساسي ‏للمحكمة الجنائية الدولية) التي نصت على اربعة أنواع من الجرائم هي: جريمة العدوان، وجريمة ابادة ‏الجنس البشري (‏Genocide‏)، والجريمة ضد الانسانية، وجرائم الحرب. وبذلك اعتبرت الجريمة ضد ‏الانسانية من ضمن أخطر الجرائم في القانون الدولي وتم تكليف المحكمة الجنائية في لاهاي بالنظر في ‏هذه الجرائم الأربع، علماً بأن النظام الاساسي للمحكمة عرَّف الجرائم الثلاثة الأخيرة وأجل تعريف العدوان ‏إلى المستقبل.‏
المعاهدة الدولية لمنع كافة أنواع التمييز العرقي عرفت التمييز العرقي بأنه: (أي تمييز أو استثناء أو تقييد ‏أو أفضلية تستند إلى العرق أو اللون أو السلالة أو الأصل العرقي أو الوطني، يكون هدفه منع أو إعاقة ‏تمتع البشر جميعاً بحقوق الانسان على قدم المساواة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ‏والثقافية، أو في مجال آخر في الحياة العامة). بينما عرفت الفقرة الثانية (ح) من المادة (7) من النظام ‏الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة الفصل العنصري بأنها (أية أفعال لا انسانية تماثل في طابعها ‏الأفعال المشار اليها في الفقرة (1) من المادة (7)المذكورة أعلاه وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه ‏الاضطهاد الممنهج والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة ازاء أية جماعة أو جماعات عرقية ‏أخرى، وترتكب بنية الابقاء على ذلك النظام). ‏
وهنا تجدر ملاحظة أن جميع التهم التي أسندها تقرير منظمة العفو الدولية لإسرائيل تنسجم تماماً مع كل ‏من التعريفيين المذكورين أعلاه، وخاصة التعريف الوارد للفصل العنصري في المادة (7) من النظام ‏الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث أن تقرير منظمة العفو الدولية أكد على (وجود أعمال منهجية ‏متكررة ومتواصلة في التمييز بين مجموعتي السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وفي داخل ‏الخط الأخضر، وذلك في عشرات المجالات الحياتية، أي بين المواطنين اليهود والفلسطينيين. كما ذكر ‏التقرير بشكل خاص اعمال السيطرة الاسرائيلية على الاراضي والممتلكات الفلسطينية وعمليات القتل خارج ‏القانون، وتقييد حرية حركة الفلسطينيين بالحواجز والقيود على سفرهم، والاعتقالات الادارية، والحرمان من ‏الجنسية ومن الحقوق القومية (قانون القومية الصادر في 18/7/2018) وغيرها من أعمال التمييز الدائم ‏والمنهجي ضد أبناء الشعب الفلسطيني. ولا شك في أن هذه الاجراءات الاسرائيلية تتناقض مع نصوص ‏وقواعد القانون الدولي الاتفاقية والعرفية ذات العلاقة والتي أشرنا إلى بعضها.‏
‏2-‏ جريمة الاضطهاد
نصت المادة السابعة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية على جريمة الاضطهاد، من بين عدة ‏جرائم أخرى اعتبرت جميعها بأنها تعتبر جرائم ضد الانسانية، كما أشرنا إليها أعلاه. ‏
الفقرة (1-ح) من هذه المادة السابعة عرفت الاضطهاد بأنه يعني (اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع ‏محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو أثنية أو ثقافية أو دينية أو يتعلق بنوع الجنس، أو ‏لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل باي فعل مشار إليه في ‏هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة).‏
بالنسبة لهذه الجريمة، المتداخلة مع جريمة الفصل العنصري، يجب الاشارة إلى أن كلاً من تقرير المنظمة ‏الدولية وحديث الأمينة العامة لها السيدة انياس كالمار، ركّزا على وجود عمليات اضطهاد واسعة وممنهجة ‏ضد كل من الاقلية الفلسطينية داخل الخط الأخضر وضد المواطنين الفلسطينيين المقيمين تحت سلطة ‏الاحتلال الحربي في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، حيث يخضع جميعهم لاضطهاد متواصل ‏في مجالات عديدة أهمها: السيطرة على الارض والممتلكات والمياه، والحرمان من الحريات العامة ‏والاعتقالات العشوائية والاحكام الادارية دون اتاحة الفرصة للمواطنين الفلسطينيين في محاكمة عادلة وفقاً ‏للمعايير الدولية وقواعد العدالة، وغيرها من الاجراءات التي عددها التقرير واعتبرها بأنها ترقى إلى عملية ‏اضطهاد لأقلية عرقية بشكل موسع ومتواصل وممنهج.‏
وفي هذا الصدد، يجب التنويه بأن كلاً من الجريمتين أي الاضطهاد والفصل العنصري، تعتبران من الجرائم ‏ضد الانسانية، وأن هذا النوع من الجرائم هو من أخطر الجرائم التي تنزل بالشعوب أو الأقليات العرقية ‏وبأنها أكثر خطورة من جرائم الحرب، خاصة وان هذا النوع من الجرائم يكون ضحيتها عادةً مجموعة من ‏السكان، أي أنها تقع على جماعة قد يصل عددهم إلى ملايين المواطنين بينما جرائم الحرب، قد يكون ‏ضحيتها أفراد أو مجموعة من المواطنين، وليس بالضرورة أن تكون ممنهجة وعلى نطاق واسع أو ان ترتكب ‏ضد مجموعة عرقية أو أثنية. ‏
أهمية تقرير منظمة العفو الدولية:‏
يمتاز تقرير منظمة العفو الدولية بأنه شامل وموسع ويتسم بشموليته وباعتماده على اثباتات مستندة إلى ‏دراسات وأبحاث علمية قامت بها جماعات متخصصة في مجالات حقوق الانسان، ومن أكثر من جنسية، ‏وبأنه يشير في، اغلب فقراته، إلى بينات وأدلة وإلى ممارسات متواصلة لسنوات عديدة وإلى مراجع متعددة، ‏جمعت خلال عمل دؤوب ومتواصل مستنداً إلى حقائق يصعب دحضها، خاصة وأن الكثير منها أوردته ‏كتابات صحفية اسرائيلية أو أبحاث ودراسات صدرت عن جهات اسرائيلية موثوقة.‏
أما من ناحية أهميتها العملية يمكننا القول بأن هذا التقرير يعتبر ذو فائدة كبيرة لقضايا الشعب الفلسطيني، ‏خاصة وأنه مسنود بتقريرين سبقاه خلال عام 2021، كما أشرنا إليه أعلاه.‏
ولعل الأمور الأكثر أهمية لهذا التقرير يمكن اعتبارها كما يأتي:‏
‏1-‏ أهمية اعلامية: يمكن اعتبار الأهمية الاعلامية للتقرير بأنها كبيرة خاصة وأن الاعلام العالمي أخذ في ‏الفترة الأخيرة يسجل الكثير من المخالفات الخطيرة المرتكبة في الاراضي المحتلة وفي حدود الخط ‏الأخضر، حيث أصبح من الصعب اخفاء الكثير من الحقائق عن الراي العام الدولي. ‏
لذلك فإن هذا التقرير يعتبر ذو أهمية كبيرة، خاصة وأن منظمة العفو الدولية تحظى بمصداقية كبيرة على ‏النطاق الدولي وتعتبر، إلى حدٍ كبير، بأنها منظمة مستقلة، وبسبب كون تقريرها يضاف إلى تقريرين ‏سابقين اشرنا إليهما، مما يزيد من مصداقية هذا التقرير.‏
‏2-‏ كذلك فإن هذا التقرير من الممكن أن يضيف الكثير من الحقائق الهامة إلى البينات والوثائق المقدمة ‏إلى المحكمة الجنائية الدولية في القضايا المقدمة إليها من قبل السلطة الوطنية.‏
‏3-‏ لعل التقرير يقدم الكثير من الخدمة والدعم للمنظمات الدولية الداعية لمقاطعة اسرائيل ولإيقاع عقوبات ‏دولية على الحكومة الاسرائيلية والامتناع عن المساهمة في الاقتصاد الاسرائيلي والمسماة حملة ‏‏(‏BDS‏).‏
‏4-‏ كذلك يمكن للتقرير أن يخفف من مغالاة العديد من الدول وخاصة الدول الأوروبية، في دعم وتأييد ‏اسرائيل، أو على الاقل، من شأنه أن يحيد بعض تلك الدول بحيث تمتنع عن تأييد أعمال واجراءات ‏الحكومة الاسرائيلية أو تخفف من ذلك التأييد.‏
‏5-‏ كذلك يمكن تقديم طلب لانعقاد دورة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة كي تبحث في ما ورد في ‏التقرير وتصدر رايها بتوصية ومن ثم تقدم تلك التوصية إلى مجلس الأمن، وفقاً لنصوص ميثاق الأمم ‏المتحدة، كي يتخذ المجلس عقوبات ضد اسرائيل بموجب نصوص الفصل السابع من الميثاق، مع العلم ‏بان هناك فيتو أمريكي ينتظرنا في المجلس، إلا أنه على الرغم من ذلك الفيتو فإن عرض الأمر على ‏مجلس الأمن من شأنه أن يزيد من نشر الموضوع وتحريك الراي العام الدولي وزيادة وعيه بالأمر.‏
‏ إلا أن ذلك كله مشروط بحسن أداء السلطة الفلسطينية وقدرتها على الاستفادة من التقرير وما ورد فيه من ‏معلومات وامكانياتها في ايصال ذلك إلى أوسع جماهير الراي العام الدولي.‏

شريط الأخبار زخات أمطار متوقعة في هذه المناطق بالأردن الأحد الأردن يشارك بأعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة التربية تمنع العقود الورقية للعاملين بالمدارس الخاصة .. وثيقة بالفيديو .. القسام تنشر مشاهد من استيلائها على آلية ومسيّرات للاحتلال خلود السقاف عملت وزارة من لا شيء واستبدالها يؤكد أن الاستثمار مجرد جائزة ترضية مبيضين يرد على منتقدي درس سميرة توفيق 60 ألف حالة زواج في الأردن خلال العام الماضي إنتخاب إياد التميمي رئيساً للجنة المالية في إتحاد شركات التأمين "الصحة اللبنانية": ارتفاع حصيلة ضحايا ضاحية بيروت الجنوبية وانفجارات أجهزة النداء واللاسلكي إلى 70 شهيدا رسالة من والد احد شهداء فاجعة البحر الميت إلى دولة الرئيس: "عند الله تجتمع الخصوم" الوزير سامي سميرات يضحي بربع مليون دينار في "أورنج" مقابل خدمة الوطن من خلال حكومة حسان .. وثيقة رسائل نضال البطاينة المشفرة ... يعرب القضاه يقدم استقالته من شركة الخطوط البحرية الوطنية الاردنية علاء البطاينة يقدم استقالته من المجموعة العربية الاوروبية للتأمين مراقب عام الشركات: 40 شركة متعثرة تلجأ للإعسار تجنبا للتصفية بالأرقام والنسب والأسماء.. الملخص الأسبوعي لبورصة عمان البلاد للأوراق المالية تطفي خسائر بـ 3 مليون دينار بدء الخريف فلكيا مساء الأحد حزب الله ينعى 15 قياديًا ومقاومًا في قصف الضاحية زفاف روحاني .. أميرة النرويج تتزوج بمشعوذ!