الترتيب العربي في نماذج القياس الدولية وتداعياته المستقبلية

الترتيب العربي في نماذج القياس الدولية وتداعياته المستقبلية
أخبار البلد -  
اخبار البلد - 
 

من بين مشكلات التقييم لإنجازات أيّ دولة أو إقليم سياسي أو تنظيم دولي هي مشكلة تحديد المعايير التي تتم على أساسها مقارنة الدول بين بعضها، وترتيبها طبقاً لإنجاز هذه المعايير.
وثمة فرق بين الصورة "الانطباعية" عن دولة معينة والتي تسود غالباً لدى الرأي العام محلياً أو إقليمياً أو دولياً، وبين الصورة التي تقوم على تكمية (التحويل الكمي) quantification مؤشرات معينة والمقارنة بين الدول على أساس هذه المؤشرات، والتي تمثل الصورة الواقعية والأقرب إلى الحقيقة من الصورة الانطباعية، ومعلوم أن التخطيط الاستراتيجي للدولة أو الاقليم أو الهيئة الدولية يتم على أساس الصورة الواقعية لا الانطباعية.
أولاً: منهجية قياس المؤشرات
يعيد أغلب الباحثين في مجال تكمية الظواهر الاجتماعية المختلفة أول خطوة في هذا المسار إلى تأثيرات المنهج الوضعي Positivism الذي طرحه المفكر الفرنسي أوجست كونت Auguste Comte في القرن التاسع عشر، والذي نادى فيه بتناول الموضوعات الاجتماعية تناولاً يحاكي تناول موضوعات العلوم الطبيعية، ووجد نداؤه صدى لدى المفكر الفرنسي فريدريك ليبلاي Frédéric le Play في القرن التاسع عشر أيضاً في قيامه بإجراء استطلاعات الرأي العام. ثم بدأ ظهور المقاييس المختلفة خصوصاً في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتحديداً في نطاق الدراسات السيكولوجية، لتنتشر بعد ذلك في كافة فروع العلوم الاجتماعية تقريباً لتصل إلى العلوم السياسية والعلاقات الدولية.[1]
ويقوم بناء النماذج المعاصرة لتكمية الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية على عدد من الخطوات التي تعتمدها أغلب نماذج القياس السياسية، وهي:[2]
1. تحديد مؤشرات الظاهرة موضوع القياس، ويتم تقسيم هذه المؤشرات إلى مؤشرات مركزية تنقسم بدورها إلى مؤشرات فرعية.
2. تحديد أوزان المؤشرات الفرعية التي تشكل في مجموعها وزن المؤشر المركزي، ويتم تحديد الأوزان استناداً لقواعد رياضية ونظريات اجتماعية، وقد تبين لنا، بالمقارنة، أن حجم الفروق بين وزن المؤشر الواحد في مختلف النماذج كان بسيطاً عند مقارنة نموذج بآخر، وبالتالي فإن مجموع الفروق في الأوزان لا تؤثر، غالباً، على ترتيب الدولة أو المستوى العام لإنجازها. وتحدد قيمة كل مؤشر فرعي استناداً لبيانات يتم الحصول عليها من الدولة والمؤسسات البحثية والمنظمات الإقليمية أو الدولية أو الدراسات الأكاديمية (أو وسائل الإعلام عند الضرورة)، ويتم أحياناً استخدام التنسيب الأحادي[3] Normalization الإحصائي بهدف توحيد القياس للمؤشرات المختلفة الأوزان.
3. يعتمد وضع وزن المؤشر على أساس ما يسمى مصفوفة التأثير المتبادل Cross Impact Matrix، من خلال قياس معامل الارتباط بين كل مؤشر فرعي وبقية المؤشرات لمعرفة حجم التأثير لكل مؤشر على بقية المؤشرات (سلباً أو إيجاباً)، وطبقاً لهذا الحجم يتم توزيع الأوزان على المؤشرات، حيث تعطى المؤشرات الأعلى تأثيراً (سلباً أو إيجاباً) أعلى الأوزان، ثم يتم ترتيب أوزان بقية المؤشرات على هذا الأساس.
4. يتم تقييم الدولة وترتيبها Ranking على أساس مجموع النقاط التي حصلت عليها في مجموع المؤشرات الفرعية لكل مؤشر مركزي، ثم مجموع المؤشرات المركزية. ومن الضروري التنبيه إلى أن بعض المؤشرات المركزية (مثل الاستقرار السياسي) تضم عدداً كبيراً من المؤشرات الفرعية، بعضها تمّ تصنيفه كمؤشر مركزي في نماذج أخرى؛ فمثلاً مؤشر غيني Gini الذي يقيس عدالة توزيع الدخل نجده في بعض النماذج مؤشراً مركزياً، وفي أخرى فرعياً لمؤشر مركزي مختلف، وهو ما يستوجب اختصار حسابه مرة واحدة لضمان دقة الحساب.
5. تعتمد بعض نماذج القياس على المقارنة إما على المستوى العالمي بين الدول أو على المستوى الإقليمي. ولا تتم عملية المقارنة غالباً على أساس سنة واحدة بل على أساس المعدل العام لعدد من السنين، حسب المؤشر الاجتماعي أو السياسي المراد قياسه.
ثانياً: مؤشرات الدراسة
اعتمدنا في قياس ترتيب الدول العربية على عشرة مؤشرات مركزية يتفرع من كل منها مؤشرات فرعية وصل مجموعها إلى 413 مؤشراً فرعياً، وتمّ إعطاء أوزان للمؤشرات استناداً للقاعدة التي سبقت الإشارة لها، وعند تطبيق القياس استناداً لعدد من نماذج القياس لم نجد فروقاً ذات دلالة إحصائية. أما المؤشرات التي استخدمناها وأوزانها ومؤشراتها الفرعية فيوضحها الجدول التالي:[4]
الجدول رقم 1: مؤشرات القياس وأوزانها
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
ثالثاً: نتائج القياس للدول العربية
من بين الصعوبات التي واجهتنا خلال إعداد هذا البحث عدداً من المفارقات التي لا بدّ من وضعها في الاعتبار عند وضع النتائج:
أن "بعض" الدول العربية مثل سورية، وليبيا، واليمن، وتونس، والعراق، والسودان، ومصر ولو بقدر أقل من بقية الدول السابقة، مرت خلال الفترة 2020-2010 في ظروف غير طبيعية أصابت قيمة المؤشرات بتغيرات كبيرة، وعليه فقد قمت باعتماد قيمة المتغيرات المركزية على أساس ثلاث سنوات قبل عشرية الاضطراب العربي وقيمتها في آخر ثلاث سنوات (2021-2018)، ثم استخراج المعدل العام للدولة وعلى أساس أكثر من نموذج للقياس لضمان دقة النتائج.
عند تحديد ترتيب الدول العربية فيما بينها ثم تحديد الترتيب عالمياً، لاحظنا عدم اتساق الترتيب الإقليمي مع الترتيب العالمي، والسبب يعود إلى:
إن عدد الدول على الأساس الإقليمي هو عدد ثابت (وهو 19 دولة عربية التي تمّ قياسها)، بينما في النماذج الدولية هناك مؤشرات يتم قياس أكثر من 200 دولة (مستقلة أو إقليم تابع)، وبعضها يقيس 193 دولة (عدد دول الأمم المتحدة)، أو يقيس الدول التي توفرت البيانات عنها والتي تصل إلى أقل من مئة دولة أحياناً. ومن هنا تباين الترتيب الدولي عن العالمي، لكنه تباين محدود.
تأثير حدة عَقد الاضطراب (2020-2010) كان متبايناً بين دولة عربية وأخرى، فبعض الدول أصيب اقتصادها بتحولات كبرى تفوق غيرها من الدول العربية، وهو ما جعل دولة ما تتقدم في المرتبة على حساب غيرها نتيجة الظروف الطارئة، وهنا تمّ تعديل بعض النتائج استناداً للاتجاه trend الخاص بالمؤشر موضع القياس باستخدام تقنية السلاسل الزمنية Time Series في الدراسات الإحصائية والمستقبلية بهدف تحديد الاتجاه الأعظم Mega-Trend للمؤشر.
أما نتائج القياس فكانت على النحو التالي:
جدول رقم 2: نتائج قياس المؤشرات في الدول العربية 2021-2018
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
رابعاً: الترتيب عربياً:
تمّ ترتيب الدول العربية على أساس الخطوات التالية:
1. تحديد قيم كل مؤشر للدولة.
2. تحديد ترتيب كل دولة عربية استناداً للقيم الخاصة بكل مؤشر من المؤشرات العشرة (من الأعلى إلى الأقل).
3. إعطاء الدولة الأفضل قيمة 19 (طبقاً لعدد الدول موضع القياس) تليها 18 ثم 17…إلخ.
4. نقوم بضرب رتبة الدولة في قيمة الوزن النسبي للمؤشر (يعني نضرب 19 في 5 للدولة الأولى ثم 18 في 5 للدولة الثانية…إلخ)، وهكذا مع بقية المؤشرات الأخرى، حيث نضرب ترتيب الدولة في وزن المؤشر كما هو موضح في الجدول رقم 1. مع ضرورة التنبه أننا راعينا أن بعض المؤشرات تكون القيمة العليا هي الأكثر سوءاً (مثل معدل الجريمة أو العسكرة…إلخ). وعليه، فإن الدولة الأسوأ يتم ترتيبها رقم 1 لتضرب في وزن المؤشر، فتحصل على قيمة أقل من الدولة الأفضل (أي أن ترتيب القيم يتم أحياناً تصاعدي وأحياناً تنازلي، طبقاً لطبيعة المؤشر (سلبياً أو إيجابياً)، ولمراعاة الترتيب.
5. نقوم بجمع القيم المتحصل عليها لكل دولة ونعطيها الترتيب حسب المجموع.
واستناداً إلى هذه الخطوات، كان مجموع الدول العربية وترتيبها في المؤشرات العشرة على النحو المبين في الجداول رقم 8-3:
الجدول رقم 3: معدل مؤشر الديموقراطية والاستقرار السياسي عربياً (2021-2018)
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
الجدول رقم 4: مؤشرا الفروق الطبقية (غيني) والعسكرة
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
الجدول رقم 5: مؤشرا العولمة والإنفاق على البحث العلمي
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
الجدول رقم 6: مؤشرا الجريمة والفقر
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
الجدول رقم 7: مؤشرا الإنفاق على الصحة ومعدل الأمية
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
الجدول رقم 8: ترتيب الدول العربية قبل عقد الاضطراب العربي وبعده
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
ويشير الجدول رقم 8 إلى النتائج التالية:
1. هناك 17 دولة تراجعت نتائجها الإجمالية بعد عقد الاضطراب.
2. هناك دولتان فقط تحسن أداؤهما وهما العراق (تحسنت 6 نقاط)، والمغرب بنقطة واحدة.
3. هناك خمس دول تحملت العبء الأكبر من تراجعات عقد الاضطراب، وهي سورية (103 نقاط)، واليمن (61 نقطة)، وليبيا (33 نقطة)، ثم لبنان (17 نقطة)، وأخيراً السودان (21 نقطة).
4. إذا اعتبرنا أن القيمة المطلقة لمجموع المؤشرات هو: 19 (عدد الدول) ضرب 31 (مجموع الأوزان النسبية)= 589، وأن مجموع قيمة نقاط التراجع هي 278 كما يتضح من الجدول رقم 8، فإن ذلك يعني أن الاضطراب أدى لتراجع الإنجازات العربية في المؤشرات العشرة ما يساوي 47.2%.
أما الترتيب العربي دولياً في كل مؤشر، فيوضحه الجدول رقم 9 على النحو التالي:
الجدول رقم 9: ترتيب الدول العربية عالمياً في كل مؤشر من المؤشرات العشرة[16]
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
وعند دراسة ترتيب الدول العربية عالمياً تبين لنا ما يلي (معدل عدد الدول الخاضعة للقياس 185 دولة في المؤشرات العشرة خلال ثلاث سنوات):
1. لم يكن هناك أي دولة عربية بين الـ 65 دولة الأولى في الترتيب عالمياً.
2. توزعت الدول العربية من حيث الترتيب على النحو التالي:
أ. 13 دولة وقعت بين المرتبة 66 و97.
ب. 6 دول عربية وقعت بين المرتبة 105 و134.
3. إن مجموع سكان الدول العربية التي تقع في ذيل القائمة في الترتيب العالمي تضم 64.7% من مجموع سكان الوطن العربي، وهو ما يمثل مؤشراً على استمرار المأزق العربي، وهو ما يستوجب القياس لا على أساس الدول العربية بل على أساس "المجتمع" لأنه أكثر تعبيراً عن الحالة العربية.
4. يشير الجدول إلى أن مجموع فارق النقاط بين أفضل دولة عربية (تونس) والدولة الأسوأ (اليمن) هو 678 نقطة، وهو ما يفوق الضعف، مما يعني أن التباينات في البنية العربية حادة بقدر كبير.
5. لو نظرنا في قيم المؤشرات لدولة مثل مصر، وهي الأكبر سكاناً وتأثيراً إعلامياً وقوة عسكرية، ناهيك عن رصيد المخزون التاريخي لها في الذهن العربي، سنجد أن تراجع قدرتها على قيادة المنطقة هو انعكاس لتراجع مستوى إنجازاتها وترتيبها في مؤشرات التطور، فهي تحتل المرتبة 14 عربياً، ولم تتصدر أي مؤشر لا في المرتبة الأولى ولا الثانية من المؤشرات العشر، بل إن الفارق بينها وبين الدولة الأولى عربياً يصل إلى 388 نقطة كما يتضح من الجدولين 9 و10.
فعند تحديد أفضل دولتين عربيتين في كل مؤشر تبين لنا النتائج التالية طبقاً للمقاييس السابقة:
جدول رقم 10: الدول التي حازت المرتبة الأولى والثانية بين الدول العربية في كل مؤشر
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
خامساً: التحليل:
من الضروري بعد هذا الرصد الابتعاد عن الثقافة الانطباعية في قبول أو رفض هذه النتائج كما أشرنا في مقدمة الدراسة، أو الاستناد إلى مؤشر واحد وإسقاط الحكم على الدولة بناء على ذلك المؤشر، أو إغفال الفوارق في أوزان المؤشرات.
وبرصد المؤشرات العشرة عربياً خلصنا إلى ما يلي:
1. يلاحظ أن المؤشرات المركزية، ذات الوزن النسبي العالي، سجَّل فيها العرب أسوأ إنجازاتهم مثل الديموقراطية والاستقرار السياسي والعسكرة، وهي تمثل 45.2% من إجمالي وزن المؤشرات كافة. ولما كانت هذه المؤشرات الثلاث ذات طبيعة بنيوية، فإنها هي الأكثر تأثيراً في بقية المؤشرات، وهي التي تشكل المحرك لبقية المؤشرات أو ما تسميه الدراسات المستقبلية الموجه أو السائق Driver. وهو ما يعني أن أي تحولات في المكانة العربية مرهون بشكل رئيسي في حركة هذه المؤشرات الثلاثة. يلاحظ أن الدول العربية المركزية (مصر، والعراق، وسورية، والمغرب، والجزائر، والسعودية، والسودان) متخلفة في أغلب مؤشراتها عن بقية الدول العربية المتوسطة أو الصغيرة من حيث المكانة والسكان، وهو ما يعني أن تعاضد ضعف المؤشرات المركزية مع تخلف القوى العربية المركزية يدفع إلى القول بأن الواقع العربي لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع السيناريو المتفائل.
2. من الضروري التنبه إلى أن بعض المؤشرات (الفقر، والصحة، والأمية) تمّ حسابها في الدول الخليجية على أساس المجموع الكلي للسكان وليس للمواطنين فقط (حيث يشكل الأجانب نحو 63% من إجمالي السكان في العام 2019/2018)، مع الأخذ في الاعتبار أن مجموع دول مجلس التعاون الخليجي يشكل نحو 9% فقط من مجموع السكان العرب.[18]
3. إن مقارنة الوزن الجيو-استراتيجي للإقليم العربي مع بقية الأقاليم يشير إلى أنه يتراوح بين المرتبة الأخيرة أو ما قبل الأخيرة، وخصوصاً في المؤشرات المركزية.
4. لقد تبين من دراسة أنجزها الباحث سابقاً أن الإقليم العربي هو أكثر أقاليم العالم اختراقاً من الخارج،[19] لكن تراجع الولايات المتحدة حالياً وتراجع مكانة الإقليم العربي في أهميته للولايات المتحدة، كما يتضح من وثيقة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن Joe Biden هذه السنة،[20] يعني أن المنطقة مقبلة على تحولات استراتيجية تمنح القوى العربية المركزية فرصة نسج تحالفات دولية جديدة مع القوى الدولية الصاعدة ذات النزعة التدخلية الأقل قياساً بالنزعة التدخلية الغربية الأوروبية والأمريكية، لكن ذلك مرهون بمستوى رشد صُنَّاع القرار العرب، ومستوى إنجاز المؤشرات العشرة التي بحثناها في هذه الدراسة.
سادساً: الاتجاه العام للاستقرار السياسي في الدول العربية للسنوات الأربع 2021-2018:
لما كان مؤشر الاستقرار السياسي هو الأكثر شمولاً بين المؤشرات، فإن تحديد اتجاهه العام يحدد بقدر ما اتجاهات الاستقرار في الدول العربية خلال السنوات الخمس القادمة حتى سنة 2025.
وبناء على النتائج للسنوات الأربع الماضية، تبين لنا النتائج التالية الواردة في الجدول التالي:
الجدول رقم 11: اتجاهات الاستقرار السياسي في الدول العربية 2017–2021[21]
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
1. إن سنة 2021 شهدت تحسناً في مستوى الاستقرار في ثلاث دول عربية هي اليمن ومصر والجزائر من بين 19 دولة. لكن الملفت أن معدل التحسن في كل من مصر والجزائر يتراجع نحو تحسن أقل في كل سنة قياساً للسنة التي سبقتها، مما يشي باحتمال الدخول إلى مرحلة السالب في معدل الاستقرار خلال السنوات القليلة القادمة.
2. يلاحظ أن ما ينطبق على مصر والجزائر ينطبق تقريباً على أغلب الدول العربية من حيث الميل التدريجي نحو تراجع التحسن (كما في السودان أو الكويت مثلاً)، أو زيادة السوء كما هو الحال في كل من لبنان، والبحرين، وعُمان، والإمارات، والأردن، وفلسطين، وليبيا، وهو ما يعني أن اتجاه التراجع في مستويات الاستقرار سابق على جائحة الكورونا Covid-19، لكن الجائحة أضافت عاملاً جديداً لعدم الاستقرار في المؤشرات الفرعية ذات الصلة.
3. إذا حسبنا إجمالي التحسن والتراجع في مستويات الاستقرار لسنة 2021، نجد أن الإجمالي العام لكل الدول العربية هو تراجع الاستقرار بمجموع 20.2 نقطة عن سنة 2020.
سابعاً: مؤشرات الاستقرار السياسي في القوى الإقليمية غير العربية:
يكشف الجدول رقم 12 عن قيم مؤشر الاستقرار السياسي، كونه الأكثر شمولية، في القوى الإقليمية ذات التأثير المباشر والمستمر في الشأن العربي، وتتمثل هذه القوى الإقليمية في ثلاث دول هي "إسرائيل" وتركيا وإيران.
ويشير الجدول إلى النتائج التالية:
إن اتجاه عدم الاستقرار يتزايد في دولتين هما إيران و"إسرائيل" بنسبة متساوية مع أن مجموع نقاط مستوى الاستقرار في "إسرائيل" أعلى منه في إيران، غير أن تنامي نقاط عدم الاستقرار في الدولتين سينعكس بكيفية أو أخرى على المنطقة العربية بما يزيد الاحتقان فيها.
على الرغم من أن تركيا سجلت تحسناً واضحاً في معدل استقرارها خلال فترة القياس، إلا أن الملاحظ أن مستوى التحسن يتراجع خلال فترة 2020 لينتقل إلى القيمة السلبية سنة 2021، وهو ما يشي هو الآخر بمزيد من عدم الاستقرار.
إذا أخذنا التأثير المتبادل بين عدم الاستقرار العربي وبين عدم استقرار القوى الإقليمية غير العربية، فإن الأمر يشي بمزيد من الاضطراب لدى الطرفين العربي وغير العربي.
شكَّل الانكماش الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط فراغاً جيو-استراتيجياً ستعمل القوى الصاعدة (الصين، وروسيا) على توظيفه، مما سيعرض خريطة التحالفات التقليدية إلى إعادة تشكيل، وهو ما قد يوجِد مواجهة بين قوى التحالفات التقليدية الإقليمية وبين قوى الاستدارة نحو تحالفات جديدة، وهو أمر سيترك بصماته على الاستقرار البنيوي لإقليم الشرق الأوسط، ويصبح موضوع الاستقرار لكل دولة مرهون بقدرتها على توفير متغيرات التكيف الاستباقي لامتصاص آثار التحولات القادمة.
الجدول رقم 12: القوى الإقليمية غير العربية[22]
(للاطلاع على الجدول، يرجى زيارة موقعنا)
ثامناً: التوصية:
على الرغم من إقرارنا بوجود ثغرات في مناهج القياس الكمية، لكنها تُخَلّص المجتمع من أوزار نظرية "عدم الاتساق المعرفي" Cognitive Dissonance،[23] والتي تقوم على التحايل العقلي الناتج عن سيطرة فكرة معينة أو انطباع تدحضه المعطيات الكمية، فالتحيز الأيديولوجي، أو النزعات القطرية، أو الروابط العاطفية، أو الانجذاب للشخصيات الكارزمية، أو التعصب الإثني تدفع الأفراد والقادة على حدّ سواء إلى اللجوء لافتعال تأويلات لمعطيات الواقع لتتسق مع الفكرة المسيطرة على الفرد أو القائد، لكن "المناهج الكمية العلمية الصارمة" تهذب هذه النظرة وتُحَيّد تأثيرها على المنظومة المعرفية للفرد، مما يضع الأساس السليم للتحليل "الكيفي"، وبناء النظريات الأنسب لفهم واقعنا العربي وتحديد إنجازات كل دولة عربية من ناحية، وإنجازات الإقليم العربي مقارنة ببقية الأقاليم الجيوسياسية العالمية من ناحية ثانية.
وعليه، فإننا ندعو إلى:
1. تحديد المواقف والسياسات من الأنظمة العربية على أساس الاستناد إلى المناهج الكمية المناسبة لموضوع دراساتنا للتخلص من مراوغات الاتساق المعرفي المفتعل.
2. دعوة القوى العربية إلى البدء بوضع استراتيجيات تكيفية استباقية لتتمكن من توظيف التحولات المستقبلية الجيو-استراتيجية لصالحها.
3. ضرورة التنبه إلى أن تنافس القوى الإقليمية غير العربية على نسج شراكات استراتيجية أو تفاهمات استراتيجية مع القوى الدولية الزاحفة نحو المنطقة، بعد التراجع الأمريكي، يشير إلى أن الأقل حظاً في ذلك هو "إسرائيل"،[24] فعلى الرغم من تطور علاقاتها مع الصين ومحاولات ترتيب علاقاتها مع روسيا، إلا ان العلاقات الإيرانية مع القوتين وكذلك العلاقة التركية مع روسيا تشير إلى تقدمهما في هذا المجال على "إسرائيل"، وهو أمر يستحق من الاستراتيجيين العرب التأمل في كيفية توظيفه لصالح الطرف العربي، وهو موضوع يمكن أن يكون نقطة بحث علمي لاحق.

شريط الأخبار إنتهاء أعمال انتشال جثامين شهداء من مقابر جماعية بمجمع ناصر الطبي زلزال بقوة 6,1 درجات في تايوان 10 إصابات إثر حادث تصادم بين مركبتين في جرش الكرك: وفاة "خمسيني" بعيار ناري أصابه بالخطأ بيان صادر عن حركة حماس مساء الجمعة انخفاض الرقم القياسي للأسهم في بورصة عمان شاهد بالفيدو .. اللحظات الأولى لانقلاب مركبة المتطرف بن غفير اصابة بن غفير بجراح جراء انقلاب مركبته اثناء توجهه الى عملية الطعن في الرملة الهيئة العامة لنقابة الصحفيين تقرر حفظ ملف لجنة التحقق بالتامين الصحي إصابة مستوطنة في عملية طعن بالرملة جرش .. مطالب بتنفيذ الإجراءات اللازمة لمكافحة آفة جدري العنب مسيرات في عمان والمحافظات للتنديد بالعدوان الغاشم على قطاع غزة مصر.. جديد واقعة طفل شبرا منزوع الأحشاء 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى أمطار رعدية في طريقها إلى المملكة تحذير من مديرية الأمن العام للأردنيين بعد الولادة المعجزة.. وفاة رضيعة غزة التي خرجت من جثمان أمها فتح باب الاعتماد للمراقبين المحليين للانتخابات النيابية وفيات الجمعة 26/ 4/ 2024 جيش الاحتلال ينسف مربعات سكنية في بلدة المغراقة وسط قطاع غزة