لا يقتصر الحقّ في الغذاء على حق الانسان في الحصول على الحد الأدنى من السعرات الحرارية والكميات الغذائية المحددة لكل فرد واللازمة لنموهِ وبقائهِ وتطور نشاطه البدنيّ؛ انما يمتد ليشمل إمكانية الحصول والوصول والكفاية المستدامة لإنتاجه وخلوه من المواد الضارة بصحة الفرد لجميع الافراد ووضع الخطط والبرامج التي تضمن الامن الغذائي للأجيال المستقبلية
يُعد التعليق رقم (12) الصادر عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة الى نص المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعي الإطار المرجعيّ لإعمال الحق في الغذاء الذيّ اوجب على الدول الاطراف اتخاذ التدابير اللازمة المبنية وفي برامج محددة الأهداف لتوفير الغذاء والتخفيف من اثر الجوع في جميع الأوقات بما فيها الظروف الطارئة والاستثنائية. حيث اكدت اللجنة ان المضمون المعياريّ للحق في الغذاء يتضمن عدة مبادئ اساسية:
1. مبدأ الكفاية والاستدامة: بمعنى تأمين الغذاء بكميات ونوعية جيدة لتلبية إحتياجات الافراد بما يتوافق مع السياق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والبيئي إضافة الى إمكانية الحصول عليه حاضراً ولأجيال المستقبل على المدى البعيد التي تتحدد تلك الأمور بالأوضاع ولاقتصادية والمناخية والايكولوجية بما يحقق الامن الغذائي المستدام.
2. مبدأ التوافر: والذي يلزم تمكين الفرد من الحصول والوصول الى الغذاء مباشرة من خلال الاعتماد على الزراعة او الموارد الطبيعية او الحصول على معدات الإنتاج والتسويق بشكل انسيابي وفق نهج حقوق الانسان الذي يتطلب من الدول من وضع برامج وأدوات سياساتية مصممة بحيث تلائم السياقات المحلية لإدماج حقوق الانسان المتمثلة في المشاركة والعالمية وعدم القابلية للتجزئة والمساواة وعدم التمييز والمساءلة وسيادة القانون.
3.مبدأ الحصول: بمعنى اتاحة الغذاء السليم للفرد بكل الأوقات مع اعمال الأولوية للفئات المستضعفة والمهمشة والفقيرة اثناء الكوارث البشرية والطبيعية مع عدم اخضاع الحصول على الغذاء لأي سبب من أسباب التمييز.
تلك المبادئ يتم اعمالها على ارض الواقع من منطلق الالتزامات التي تتعهد بها الدول للوفاء بها وهي التزامات الحماية والتوافر والالتزام، يتم ذلك من خلال اتباع التدابير الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولو بشكل تدريجي في بادئ الامر في سبيل الوصول الى الاعمال الكامل للحق بالحصول على الغذاء الكافي وحماية الافراد من الجوع وسوء التغذية. يستلزم هذا الامر اعتماد استراتيجية وطنية لضمان الامن الغذائي والتغذوي للجميع استناداً الى مبادئ حقوق الانسان التي تحدد الأهداف وتصميم البرامج والخطط وما يقابلها من مؤشرات ومقاييس والوسائل والموارد المالية والاطار الزمني لتحقيقها لإجل الوصول الى رعاية الحماية الاجتماعية للأفراد دون أي تمييز. يضاف الى ذلك توسيع أدوار الجهات من المنظمات الغير حكومية والقطاع الخاص مع اعتماد اليات المساءلة والرقابة من خلال سن قانون اطاري لتنفيذ الاستراتيجية المتعلقة بحماية الحق بالغذاء.