فصل الطب عن الإدارة في المستشفيات.. ، عندما نتحدث عن هذه المشكلة التساؤل اليوم ليست إن كانت هنالك مشكلة في القطاع الصحي أم لا، وهنالك حديث من وزارة الصحة على رأس ذلك، أين هي المشكلة؟ هل هي مشكلة مركبة؟ هل هي نقص في الكوادر؟ هل هي الميزانية؟ فما هو وضع القطاع الصحي الأردني اليوم؟
هذا الموضوع هو موضوع هام يهم جميع الأردنيين. القطاع الصحي في الأردن يعاني من أزمة إدارية بالدرجة الأولى، ولا أعتقد بأن الإمكانيات هي المشكلة الرئيسية، قد تتوفر الموارد المالية والبشرية والتكنلوجية والمستشفيات بكل تخصصاتها، لكن إذا لم تكن هنالك إدارة فعالة وإدارة مدربة وإدارة كفؤة على مستوى المستشفيات وعلى مستوى النظام الصحي ككل فيما يتعلق بالحوكمة، حوكمة النظام الصحي ابتداء ومن ثم إدارة المستشفيات وإدارة المؤسسات الصحية، فلا يجوز أن نبقى في دائرة رد الفعل وإدارة الأزمات، برأيي أن الأمور لا تحل بتعيين ونقل واستغناء ومعاقبة موظف أو طبيب أو ممرض أو مهني، القضية قضية إدارية بالدرجة الأولى تحتاج الى تخطيط تحتاج الى تنظيم وتوجيه ورقابة وتمكين.
السؤال الذي يطرح نفسه ما هو محور هذه الإدارة؟ المحور هو عندما نتحدث اليوم عن أطباء مختصين يعالجون ويمسكون بزمام الأمور في مستشفيات طبية اختصاصية، ماذا ينقصنا اليوم هل هو التدريب الإداري أم المهارات الإدارية؟ أين تقع هذه المنطقة في الإدارة بالتحديد؟ ينقصنا الكفاءات الإدارية المؤهلة، يوجد لدينا كفاءات متخصصة في الإدارة الصحية ولكن لا يتم الاستفادة منها، لا يجوز للطبيب الذي أمضى عشرون عاما أو خمسة وعشرون عاما في غرفة العمليات أن يصبح مديرا بقرار أو كتاب، هنا هي المشكلة الأساسية، فهذا لا يجوز، الإدارة عملية مهنية علمية تحتاج الى إعداد وتحتاج الى تدريب مستمر وتحتاج الى كفاءات، فبتالي يجب أن نفصل بين الممارسة الطبية والإدارية، حتى الطبيب الذي يصبح مديرا يجب أن يكون متفرغ ويجب أن يكون مؤهل، لا يستطيع الطبيب أن يجمع كرتين في يد واحدة، يدير ويعالج المرضى هذا لا يجوز، يجب أن يكون تفرغ تام، لأن الإدارة تحتاج الى أكثر من أربع وعشرين ساعة، المدير يحتاج الى تخطيط تنظيم الى توجيه الى رقابة. لذلك المشاكل التي نعاني منها الآن هي مشاكل غياب الإدارة وغياب التخطيط وغياب تأهيل الكوادر الإدارية، يوجد لدينا برامج إدارية في المستشفيات وخريجين ومؤهلين، لكن لماذا لا يتم الاستفادة منهم في مجال إدارة المستشفيات؟ بمعنى آخر لماذا نظلم الطبيب ونأخذه من عيادته أو من غرفة العمليات ونعينه بقرار أو بكتاب بين عشية وضحاها كمدير إداري لإدارة المستشفيات.
حتى نتحدث بحل منطقي وواقعي قد نصفه الآن بما هو متاح فكيف يجب أن يتم ذلك؟ المتاح حاليا على الأقل إننا صرنا برد الفعل هو أن نحسن الأمور من خلال إشراك الإداريين الأطباء في دورات سريعة يتم تنظيم دورات متخصصة بالجانب الإداري إدارة المستشفيات، قد يساعد هذا الإجراء لكنه حل مؤقت وليس حل استراتيجي، الحل الاستراتيجي هو بوجود إدارات مدربة ومؤهلة يتم إدخالها للنظام الصحي أولا بأول ونفصل بين ممارسة الطب والإدارة، لذلك نحن نظلم الطبيب عندما نكلفه بالإدارة وهو لم يتدرب ويتعلم، وكليات الطب في الأردن لا تعلمه الإدارة الصحية وإنما تعلمه الطب، وفي المقابل عند مقارنة الأردن بالدول الأخرى يوجد بهذه الدول إدارة صحية وإدارة مستشفيات والتخطيط الصحي، وإذا أخذنا الدول المتقدمة معظم المدراء فيها عندهم تخصصات في إدارة المستشفيات لو على مستوى الماجستير على الأقل.
برأيي المدير ليس من الضرورة أن يكون مختصا في مجال عمله يعني أن يكون طبيبا لكنه يجب أن يكون قائدا وفيه سمات القيادة الحقيقية والإدارة الصحية لإدارة صرح طبي تتوقف عليه تجاوز التحديات والعقبات، لذلك الإدارة ليس لها علاقة بالتخصص بل هي مهارات قد يكتسبها الفرد من الحياة العامة ومن المواقف، ولا تحتاج لتطبيق نظريات الكتب على أرض الواقع.