يروي معارضون سوريون في باريس قصصا عن شخصية برهان غليون المبتدئ سياسيا والضعيف أمام أحد المفكرين العرب والذي يتولى بأمر من مشيخة قطر أمر رعاية غليون والمجلس الوطني السوري.
ومما يتناقله الجمع المعارض قصة تهديد "المفكّر" لغليون عند ذهاب الأخير إلى تركيا لحضور جلسة الإعلان عن تأسيس المجلس الوطني بتاريخ 17 أيلول الماضي والذي لم تكن دولة قطر راضية عنه كليا. ويقول القوم السوري المعارض أن هذا "المفكّر" اتصل بغليون ووجه له أمرا مباشرا بعدم الذهاب إلى الاجتماع والعودة إلى باريس. وعندما حاول غليون تقديم وجهة نظر مختلفة وجه له "المفكّر" إنذارا وقال له: "عليك الحجز في أول طائرة تغادر إلى باريس وإذا لم تفعل هذا سوف يصيبك في قناة الجزيرة ما أصاب جماعة هيئة التنسيق"، فما كان من غليون إلا أن التزم بالأوامر وعاد إلى فرنسا.
في هذا السياق لم تأتي مقابلة برهان غليون مع جريدة (وول ستريت جورنال) يوم الجمعة والتي تبرأ فيها الرجل من كل حركات المقاومة في العالم العربي وتنازل فيها عن كل ما هو وطني وقومي، لم تأتي هذه المواقف مفاجئة للمتتبعين لرحلة الرجل السياسية منذ أن أتت به المخابرات الفرنسية والمال القطري رئيسا للمجلس الذي أنشأته فرنسا وتركيا وقطر ومن ورائها أمريكا، في سعيها لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
فالرجل منذ تعيينه سلم للمفكّر العربي نفسه رئيسا مؤقتا لمدة شهرين للمجلس الوطني السوري. وقد حصل خلاف عند إنشاء المجلس الوطني حول مدة الرئاسة وانتهى إلى أن تكون الرئاسة دورية وكل دورة شهرين فقط لا غير ما اثأر رفض غليون الذي هدد بالاستقالة وبالعودة إلى صفوف هيئة التنسيق، فما كان من القطريين إلا أن أرسلوا له مع "المفكّر" أن "إستقل، وأين المشكلة؟". والحال الآن أن مدة الشهرين قد انقضت وأصبح برهان غليون رئيسا منتهية ولايته حسب الاتفاق المذكور. وبدأت الأصوات تتعالي داخل المجلس لانتخاب رئيس جديد آو لتعيينه، كما أن الخلافات التي كانت مخفية بدأت بالظهور العلني منذ اقتراب موعد الشهرين، وقد ظهرت هذه الخلافات بصورة قوية وبارزة أولا بعد رسالة التعزية التي بعث بها برهان غليون لرجب طيب أردوغان باسم المجلس الوطني على أثر عملية لحزب العمال الكردستاني بتاريخ 19 تشرين أول الماضي أدت لمقتل ستة وعشرين جنديا تركياأ ما أنزل عليه غضب أكراد سورية الذي هددوا بالاستقالة من المجلس و طالبوه بالاعتذار وقد قدم اعتذارا علنيا عن خطأه هذا .
الخلاف الثاني أتى بعد عودة غليون من زيارة قام بها لموسكو منتصف تشرين ثاني الماضي والتي خرج بعدها غليون مقتنعا بالدعم الروسي القوي للنظام في سورية، ما دفعه للإدلاء بتصريحات قال فيها إنه لا يريد تدخلا خارجيا في سورية، وقد جلب عليه هذا الموقف سخط جماعة الإخوان المسلمين حيث رد عليه المراقب العام للجماعة محمد رياض الشقفة من تركيا أن المجلس لا يعارض تدخلا تركيا في سورية، بينما خرج العرعور على شاشة الوصال ليهدد غليون بقطع لسانه عندما قال: "سوف أقوم بقص ألسنة أولئك الذين يرفضون التدخل العسكري التركي"، هذه التصريحات العلنية ضد غليون استكملت عمليا على أرض الواقع عبر إجبار الأخير على الذهاب منذ أسبوعين إلى تركيا ولقاء ما يسمى بقائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد، وقد عبر غليون عن عدم رضاه عن هذه الخطوة في تسجيلات بثت على اليوتوب. زد على ذلك تجاهل كل اراء غليون في كل المواقف التي اتخذتها جماعة الإخوان المسلمين منذ شهر تقريبا، وقد لاحظ المعارضون السوريون أن برهان غليون دأب منذ فترة على إصدار كل البيانات باسمه الشخصي وليس باسم المجلس الوطني، رغم محاولات التعويم الفرنسية والتي ظهرت في استقبال وزير خارجية فرنسا له من دون ميشال كيلو والوفد المعارض الذي كان برفقته غير أن فشل المجلس في جمع المعارضات السورية تحت لوائه وهذا شرط الدول الغربية للاعتراف به جعل موقف غليون ضعيفا في رئاسة المجلس، فلجأ وأمام أعضائه فعمد الى سلوك طريق سلكها قبله (معمر القذافي) وهي التقرب من إسرائيل وأميركا للبقاء في السلطة، وأتت مقابلته مع (وول ستريت جورنال) في هذا السياق بالتحديد.
أما عن العلاقة بمشيخة قطر النفطية فحسرة غليون كبيرة والسبب عدم حصوله على الملايين التي توردها وسائل الإعلام العربية. فقطر وبعد تجربتها مع الفرنسي (روبير مينار) الرئيس السابق لمنظمة صحفيون بلا حدود، لم تعد تدفع بالسخاء الذي يروج له، وبحسب المعلومات التي تدور في أوساط سورية قريبة من المجلس الوطني، كل ما حصل عليه غليون من مشيخة قطر بطاقة مصرفية مفتوحة لدفع تكاليف السفر والطعام واللبس وكافة المصاريف التي يحتاجها، فضلا عن منبر قناة الجزيرة، فيما أوكلت السعودية الى (أيمن ألأصفري) رجل الأعمال السوري المعروف والمقرب منها توزيع بعض الأموال على شخصيات سورية معارضة ومنها غليون، وفي هذا تفاصيل سوف ننشرها في الوقت المناسب.