افطار على شاطىء بحر يافا . غداء شهي ، سمك طازج من بحيرة طبريا ، أو ستيك منقوع بالنبيذ في مطعم بعكا..سهرة في ملهى ليلي في حيفا. هذا ما وعدوا به اليهود عندما غرروا بهم وجاؤوا بهم الى أرض الرفاه والوطن الموعود ! .
لكن بعد سبعة عقود من القتل و الكذب والمراوغة و المماطلة اكتشف هؤلاء القادمون زيف الادعاءات التي روجتها الحركة الصهيونية ومنها قشرة الديمقراطية التي غطت البيضة الفاسدة من الداخل . فأغلب من حكموا اسرائيل انتهى بهم الأمر الى السجن بتهم الرشى والتكسب المالي مثل عيزرا وايزمن ويهودا اولمرت ، والتحرش الجنسي مثل موشيه كاتساف وفي الطريق نتنياهو.
كان الاعلام الاسرائيلي يتفاخر بالديمقراطية التي بموجبها يسجن «رئيس» ويحاكم رئيس وزراء . لكنه لم يكن يركز على الفساد نفسه المتفشي في المجتمع الاسرائيلي والذي سببه قناعة هؤلاء بأن «اسرائيل» كذبة كبيرة وأن عيشهم في فلسطين مؤقت وليسرقوا ما استطاعوا قبل ان تنتهي الكذبة فيموت من يموت و يعود الى بلاده من يعود.
لقد اسهمت صواريخ المقاومة من غزة في تسريع فضح جذورالكيان الاسرائيلي .ووجهت انذاراً ، قد يكون الأخير ، للاسرائيليين بان دولتهم الى أفول . وأكدت لهم أنهم وان أقاموا لهم دولة فانهم لم يحققوا لهم «الوطن» . وهذا ما يدركه الجيل الثاني من الاسرائيليين والذين نجوا بالرحيل من الكيان .
يقول رفائيل ميمون الكاتب اليهودي الفرنسي الذي ترك اسرائيل ليعيش في لوس انجلوس «الصهيونية لا تفضي الى سلام عادل وان الضغط الخارجي وحده القادر على انهاء الفصل العنصري الاسرائيلي».
وفي مقال في «الواشنطن بوست» يقول ميمون انه نشأ في بيت صهيوني وقضى اثنا عشر سنة في حركة شبابية صهيونية حيث الدعم غير المشروط لاسرائيل هو القاعدة . لكن ما رآه نظام فصل عنصري بالكامل ما يعني تطبيق قانونين لجماعتين عرقيتين «فلو ارتكب يهودي و عربي الجريمة نفسها بالضفة الغربية فسيواجه الاول محكمة مدنية اما الثاني فسيقف امام محكمة عسكرية «.
يضع الكاتب قلمه على جذر القضية فيكتب «لقد تمت تغذية مجتمعي اليهودي على سرد تاريخي منفصل عن الواقع –أي الكذبة الصهيونية- وهو أن فلسطين كانت الى حد كبير صحراء غير مأهولة بالسكان قبل ان نستقر فيها وهو ما نسميه حرب الاستقلال ن وأن الميليشيات الصهيونية لم تطرد الفلسطينيين بل هم تركوامنازلهم برغبة منهم لافساح المجال امام الجيوش العربية لرمي اليهود في البحر «.
لكن هذه الادعاءات تم دحضها على مر السنين . ويستذكر ما قاله رئيس وزراء اسرائيلي سابق ، ربما ديفيد بن غوريون ، عن دوره في طرد الفلسطينيين في حرب 1948 . ويستشهد بما قاله مؤرخون جدد بأن معظم أراضي فلسطين كان يزرعها عرب قبل الهجرة الصهيونية .
والحل ؟
يرى ميمون ان الحالة الوحيدة التي يمكن ان تحقق الحرية لفلسطين هي ان تفوق تكلفة الاحتلال فوائده لاسرائيل . وهو ما يتطلب ضغطاً خارجياً هائلاً كما حدث في حالات الفصل العنصري والاحتلالات الاخرى كما جرى في جنوب افريقيا . وهذا يتطلب مقاطعة المستهلكين والشركات للمنتجات الاسرائيلية من بضائع و تكنولوجيا وفرض عقوبات عليها من قبل شركائها والداعمين لها .
هذا ما يؤمن به يهودي صهيوني نوجهه الى الصهاينة العرب !