نقلَ كاتبٌ لبنانيٌ عن جورج حبش، قبل ثماني سنوات، تسليمَه بإِخفاقِ اليسار الفلسطيني والعربي، وبأَنَّ هذا زمن حزب الله وحماس. تُسْتدعى هذه الخاطرة، هنا، في تأَمُّلِ نجاحاتِ الإِسلاميين في الانتخابات العربية، وخسارات أَهلِ اليسار والتياراتِ القومية والليبرالية فيها. ولأَنَّ الذين تصدّروا الفائزين في أَحدَثِ انتخاباتٍ عربية، في المغربِ وتونس، من التيار الإِسلاميِّ المحتكمِ إِلى التنافس الديمقراطي، ولأَنهم صاروا في السلطةِ بعد أَنْ مكثوا عقوداً في المعارضة، بل وفي الخصومةِ المتوتّرة، أَحياناً، معها، تطرأُ إِلى البالِ البديهيّةُ إِياها عن يُسرِ المعارضة وصعوبةِ الحكم، فليس ثمّة أَريحُ من أَنْ تُعلي صوتك في مواجهةِ خياراتٍ لستَ من صنّاعها، فيما يعدُّ موقعك صانع قرار، وتحتك مباشرةً مع المشكلات القائمة والطارئة، امتحاناً لقدراتِك في تحقيقِ ما كنتَ تُؤاخذ الحكمَ على عدم تحقيقِه. ولأنَّ الأَيدلوجيات والشعارات لم تعد تستهوي الجمهورَ العريضَ من الناس، ولو اقترنت مع الكلامِ عن إِخفاقاتِ الحكمِ في مواجهةِ تحدياتٍ كثيرةٍ، يصيرُ الاختبارُ أَمام الإسلاميين في التسييرِ والإِدارةِ في قدرتِهم على تنزيلِ ذلك كله في الواقع العويص، والذي يتبدّى، إِبّان المعارضة، معادلةً ذهنيةً من المقدورِ صوغ حلولِها، طالما أَنك لستَ في موقع المسؤوليةِ وفحص الممكناتِ والمعيقات.
لعلَّه الباحثُ السوداني، الدكتور حيدر إِبراهيم علي، من قالها، قبل عقدين، إِنَّ الإِسلاميين ممتازون في المعارضة وفاشلون في الحكم، وكانت في ذهنِه تجربةُ حكمِ الجبهة القومية للإِنقاذ في بلادِه. وهذه، للحقِّ، ليست مشجعةً، إِنْ لم تكن فاشلةً بامتياز في تحقيق تطلعات السودانيين بشأْنِ زوبعةِ أَزماتٍ معيشيةٍ وتنمويةٍ غير هيِّنةٍ، ناهيك عن أَسئلةٍ وطنيةٍ وسياسيةٍ كبرى، وإِنْ يجوزُ التنويهُ إِلى نجاحاتٍ طفيفةٍ في هذا الموضع أَو ذاك. وإِذا نُظرَ إِلى تجربةِ حكم حركةِ حماس في قطاع غزة، سيَّما في سنواتِ الانقسامِ الفلسطينيِّ إِياه، فإِننا نعثر على الخيبةِ والإشفاق، مع التسليم بهول التحدّيات الثقيلةِ هناك، بسبب الحصار واعتداءاتِ الاحتلال وغيرهما. وحسناً أَنَّ زعيم حزب العدالة والتنمية المغربي، عبد الإِله بنكيران، قال بعد فوز حزبِه ب 107 مقاعد من 395 في برلمان بلاده الجديد، إِنه لا تجربةَ إِسلاميةً عربيةً في الحكم يمكنُ الاسترشاد بها، أَو الإِفادة منها. ولعلَّ تطلع حزبِ حركةِ النهضة في تونس إلى نموذج “العدالة والتنمية” في تركيا، وكذا الإعجاب الواسع لدى إِسلاميين عرب عديدين به، يُيَسِّر اطمئناناً إِلى غياب التجربة السودانية عن مدارك إِسلاميي المغرب وتونس، وهو ما تُعزِّزُه المسافاتُ الملحوظةُ بين تصورات الحزبين الإسلاميين في البلدين وتصورات الأحزاب الإخوانية المشرقية.
مصالحُ الناس والفقر والبطالة والفساد، بعضُ عناوين ملحةٍ في برامجَ عمليةٍ مطلوبة، يتطلع المغاربة والتوانسة، وكلنا في مصر وليبيا واليمن وسورية وغيرِها، وهي محكاتٌ سيتم تصويبُ أَنظارِ المجتمعات العربيةِ إِلى طرائق الإِسلاميين في الحكم بشأْنِ إِيجادِ الحلول الناجعة لها. وكان لافتاً أَنَّ حزب حركة النهضة التونسي تعهَّدَ في حملته الانتخابية بإِيجاد 590 ألف فرصة عمل في خمس سنوات، وأَن العدالة والتنمية المغربي وعد بتخفيض نسبةِ الفقر إِلى النصف، وزيادة الحدِّ الأَدنى للدخل 50%. وكان راشد الغنوشي حاذقاً في قولِه إِنَّ انتخاباتٍ نيابيةً في بلدِه ستنتظمُ بعد عام، وسيحاسِبُ التوانسة “النهضة” فيها بناءً على ما ستُقدمه لهم، لا على ما يسمعون منها، ونظنُّه هذا سيصير معيارَ النظرِ إِلى أَداءِ الإِسلاميين العرب في الحكم.
لعلَّه الباحثُ السوداني، الدكتور حيدر إِبراهيم علي، من قالها، قبل عقدين، إِنَّ الإِسلاميين ممتازون في المعارضة وفاشلون في الحكم، وكانت في ذهنِه تجربةُ حكمِ الجبهة القومية للإِنقاذ في بلادِه. وهذه، للحقِّ، ليست مشجعةً، إِنْ لم تكن فاشلةً بامتياز في تحقيق تطلعات السودانيين بشأْنِ زوبعةِ أَزماتٍ معيشيةٍ وتنمويةٍ غير هيِّنةٍ، ناهيك عن أَسئلةٍ وطنيةٍ وسياسيةٍ كبرى، وإِنْ يجوزُ التنويهُ إِلى نجاحاتٍ طفيفةٍ في هذا الموضع أَو ذاك. وإِذا نُظرَ إِلى تجربةِ حكم حركةِ حماس في قطاع غزة، سيَّما في سنواتِ الانقسامِ الفلسطينيِّ إِياه، فإِننا نعثر على الخيبةِ والإشفاق، مع التسليم بهول التحدّيات الثقيلةِ هناك، بسبب الحصار واعتداءاتِ الاحتلال وغيرهما. وحسناً أَنَّ زعيم حزب العدالة والتنمية المغربي، عبد الإِله بنكيران، قال بعد فوز حزبِه ب 107 مقاعد من 395 في برلمان بلاده الجديد، إِنه لا تجربةَ إِسلاميةً عربيةً في الحكم يمكنُ الاسترشاد بها، أَو الإِفادة منها. ولعلَّ تطلع حزبِ حركةِ النهضة في تونس إلى نموذج “العدالة والتنمية” في تركيا، وكذا الإعجاب الواسع لدى إِسلاميين عرب عديدين به، يُيَسِّر اطمئناناً إِلى غياب التجربة السودانية عن مدارك إِسلاميي المغرب وتونس، وهو ما تُعزِّزُه المسافاتُ الملحوظةُ بين تصورات الحزبين الإسلاميين في البلدين وتصورات الأحزاب الإخوانية المشرقية.
مصالحُ الناس والفقر والبطالة والفساد، بعضُ عناوين ملحةٍ في برامجَ عمليةٍ مطلوبة، يتطلع المغاربة والتوانسة، وكلنا في مصر وليبيا واليمن وسورية وغيرِها، وهي محكاتٌ سيتم تصويبُ أَنظارِ المجتمعات العربيةِ إِلى طرائق الإِسلاميين في الحكم بشأْنِ إِيجادِ الحلول الناجعة لها. وكان لافتاً أَنَّ حزب حركة النهضة التونسي تعهَّدَ في حملته الانتخابية بإِيجاد 590 ألف فرصة عمل في خمس سنوات، وأَن العدالة والتنمية المغربي وعد بتخفيض نسبةِ الفقر إِلى النصف، وزيادة الحدِّ الأَدنى للدخل 50%. وكان راشد الغنوشي حاذقاً في قولِه إِنَّ انتخاباتٍ نيابيةً في بلدِه ستنتظمُ بعد عام، وسيحاسِبُ التوانسة “النهضة” فيها بناءً على ما ستُقدمه لهم، لا على ما يسمعون منها، ونظنُّه هذا سيصير معيارَ النظرِ إِلى أَداءِ الإِسلاميين العرب في الحكم.