مرور ثلاثة وسبعون عاما على ذكرى نكبة فلسطين وقيام دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين لم تنسي الفلسطينيون حقوقهم التي لم ولم يتنازلوا عنها، ومعركة القدس اليوم هو تأكيد على ديمومة الصراع الذي لا ينتهي سوى بتحرير القدس وفلسطين من دنس الاحتلال الصهيوني منذ إعلانها عام 48 ولغاية الآن لم يسقط الحق الفلسطيني ولم ينسى الفلسطينيون والعرب فلسطين، وبالرغم من هذه السنون وموت معظم جيل النكبة إلا أن فلسطين بقيت في عقول هؤلاء الأطفال والشباب والكهول فلسطينيون وعرب، وذكرى النكبة لهذا العام ليس كغيره من الأعوام السابقة حيث يسطر الفلسطينيون المقدسيين ومعهم كل الفلسطينيين التصدي للإرهاب الصهيوني لقوات الاحتلال والمستوطنين الذين اقتحموا بالأمس المسجد الأقصى بوحشية غير مسبوقة هو في سياق مخطط إسرائيلي لتكريس العنصرية الاسرائيليه التي تقود الأصولية اليهودية المتطرفة، هذا الواقع تحاول من خلاله الحركات الاستيطانية المتطرفة في الكيان العنصري فرضه على المجتمع الدولي لتشريع الاستيطان والتوسع الاستيطاني وممارسة كل الضغوط لترحيل الفلسطينيين عن القدس وكل الجغرافية الفلسطينية بهدف تفريغها وتهويدها لتنفيذ وتكريس الأصولية اليهودية" يهودية الدولة على أرض الواقع في فلسطين" .
التظاهرات الفلسطينية والعربية جميعها التي هبت للدفاع عن القدس والأقصى أربكت مخططات الاحتلال الصهيوني ووضعته في مأزق، وعكست حالة من التباين في المواقف الإسرائيلية حيال ما يحدث بالقدس وشكلت حالة إرباك سياسي على المستوى الرسمي ممثلا بنتنياهو الذي دعا للتهدئة، أو من قبل القائد العام للشرطة الذي اعتبر أن ما حدث عند باب العمود نتيجة «خطأ استخباراتي» وباتت هبة القدس تتصدر المواجهات في محيط المسجد الأقصى -بعد اعتداء قوات إسرائيلية صباح اليوم الاثنين على المصلين-الساحات الفلسطينية المتفجرة والمشتعلة رفضا لسياسات الاحتلال، إلى جانب ملف حي الشيخ جراح الذي ينتظر الحسم بالمحاكم الإسرائيلية منذ عام 2010.
إن مظاهرات تحالف «الصهيونية الدينية» عند أسوار القدس القديمة، والدعوات لقتل الفلسطينيين، زادت من حالة التوتر والغليان التي خرجت عن طوق أسوار القدس القديمة، وذلك مع تخطيط «منظمات الهيكل» لاقتحام جماعي للأقصى الشريف بمناسبة ما يسمى «توحيد القدس» الذي وافق يوم الاثنين يوم 28 من رمضان.
في الذكرى ال 73 لذكرى النكبة الكيان الإسرائيلي يعيش أزمة وجود وهوية في ظل ظاهرة تنامي الوجود الفلسطيني فعدد الفلسطينيين تضاعف منذ «النكبة»، عام 1948 إلى ما يزيد عن 9 مرات.،و بمناسبة إحياء الذكرى الـ 73 للنكبة، بلغ عدد الفلسطينيين المقدر حول العالم، مع نهاية 2020، حوالي 13.7 مليونا، بينهم 5.2 ملايين في الضفة الغربية (بما فيها القدس)، وقطاع غزة، إسرائيل تعي وتدرك الخطر الديموغرافي الفلسطيني وتعلم أن النجاح في إبقاء قضية فلسطين قضية حية وقضية مركزية للعالم العربي والإسلامي، وقضية مركزية عالمية رغم النجاحات المحدودة في عملية التطبيع. وكلما جرت محاولات لتهميشها وإغلاق ملفاتها تعود لتفرض نفسها مجددا، وها هي قضية القدس تتصدر العناوين كونها معادلة الصراع، لتكشف قضية القدس واعتداءات المستوطنين ومحاولات اخلاء حي الشيخ جراح وسياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي عن «المظلومية» الفلسطينية، ومدى قبح وتَوحُّش الاحتلال الصهيوني، ومدى نفاق المجتمع الدولي وقواه الكبرى.
ان صمود وثبات الشعب الفلسطيني رغم وجود نصف الشعب الفلسطيني في المنافي والشتات؛ فإنه ما زال يعيش على أرض فلسطين التاريخية ستة ملايين ونصف مليون فلسطيني. وقد تمكنوا مطلع سنة 2021 من تجاوز أعداد اليهود في فلسطين، وذلك بعد مرور أكثر من 123 عاماً على المشروع الصهيوني و73 عاماً على إنشاء الكيان الصهيوني. ورغم كافة أشكال الاحتلال والقهر والمعاناة فإن ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، ما زال يسبب مشكلة وجودية للمشروع الصهيوني.
فشلت «إسرائيل» في التحول إلى كيان طبيعي في المنطقة، واستمرار النظرة إليها كيان سرطاني غريب؛ والفشل الذريع لكافة أشكال التطبيع الشعبي معها، وانزواء التطبيع مع «إسرائيل» وبالتالي اعتماد «إسرائيل» في بقائها على منظومة غطرسة القوة والغطاء الدولي، وهو ما لا يمكن ضمانه على المستوى البعيد. لقد أعادت قضية القدس في ذكرى نكبة فلسطين ال 73 أهمية ومكانة القضية الفلسطينية في الوجدان العربي والإسلامي والإنساني، باعتبارها قضية حقّ وعدل، حيث فشلت كافة المحاولات الصهيونية والدولية (وكذلك محاولات حلفائهم في المنطقة) في عزلها وتشويهها وإطفاء لهيبها.