المتحمسون لعودة التعامل مع حماس يرون انها الآن كفّت ووفّت حين التزمت بالشروط وزادت عليها حماسة للتنفيذ. وهم يرون أن ملفها قد نضج كي يفتح، وأنه لم يكن مع الحكومة التي راحت تقرأ من السطور الأخيرة دون ادراك للمداخل والمخارج والتطورات المصاحبة والعوامل الدافعة والمخاطر المفتعلة.
باختصار ملف حماس لم يكن لدى الحكومات المتعاقبة منذ أزمة العلاقة مع حماس.. وهذا الملف بدأ يتكون منذ حوالي ثلاث سنوات وبخطوات دؤوبة وجهد كبير وشراكات تجمع فيها الكثير من المعلومات والإجراءات والخطوات..
يقول المتحمسون لحماس وتأهيلها أردنياً في علاقة واضحة وشفافة إنها تعترف بالاتفاقيات الدولية التي وقعها الأردن على اختلاف مصادرها والجهات الموقعة معها.. وانها أي حماس تحترم سيادة الأردن واستقلاله ورؤيته وانها تلتزم بعدم تهريب أي أسلحة من أراضيه وأن ما حدث في الماضي جرى تناوله وتوظيفه بشكل خاطئ ولغير الأسباب التي قام من أجلها والمتحمسون لحماس يضيفون انها لن تمارس أي نشاط داخل الأردن يتعارض مع سياساته والتزاماته ويذهب بحق القناعة حد القول إن حماس تلعب دوراً في دعم رؤيتنا في القضية الفلسطينية.. وتلتقي معنا على ثوابت حق العودة للاجئين الفلسطينيين ونقاط أخرى.
وانها أي حماس لم تكن ضد رعاية أردنية للمصالحة الفلسطينية وأنها كانت على الدوام وحتى اليوم ترجح الحاضنة الأردنية على أي حواضن أخرى بما فيها المصرية وأن عدم تمكينها من الاختيار كان خارجاً عن إرادتها ورغبتها.. وأنها ما زالت توافق على رعاية أردنية للمصالحة تفترض أن يكون التعامل الأردني سياسياً معها قائماً.. وهي تتطلع لذلك.
شخصياً قد لا أرى هذه الرؤية التي اناقشها فيما وصل إليه ملف حماس الذي حاولت الحكومة فتحه دون دراية ودون أن يكون لها فيه اسهام. ومن هنا تأتي المعضلة والتعقيد وقد تتحول الإيجابيات الناتجة التي يريد الملف ابرازها أو توظيفها إلى سلبيات حين لا يجري ادراك مصالح كل الأطراف المشاركة في المصالحة. والمكونة للملف والتي يجري اقحام دورها او تسميته إلى غير ما هو له.
اتمنى ان يبقى ملف حماس في يد الجهة التي بدأته الى ان تخرج النتائج بالشكل الذي يخدم المصالح الوطنية الأردنية أولاً ويمنع التوظيف السياسي السريع او اعتبار مضمون الملف طُعماً لصيد قوى داخلية أردنية للدخول الى المشاركة باغرائها أو الضغط عليها أو حتى بيع الملف لها.. فحماس شيء وجبهة العمل الإسلامي شيء آخر والتعامل مع الطرفين لا بد ان يكون بينهما خيط أبيض وأسود ليكون الحلال بيّن والحرام بيّن وما بينهما مشتبهات..
وفي المضامين الدقيقة والصائبة فإن عنوان حماس هو غير عنوان الإخوان المسلمين في عمان وغير عنوان حزب جبهة العمل الإسلامي وحتى غير تمثيل محمد نزال الذي لم تفوّضه حماس وإنما مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس والذي بنيت كثير من مكونات الملف من تصريحاته والتزاماته وما عكسه من مواقف واتصالات لم تستكمل بعد.. سواء في زيارته الأخيرة واختلاف الرؤية في قراءتها أو في المستجدات على أكثر من ساحة والتي تدرك حماس أن علاقتها المرشحة الجديدة مع عمان تحتاج إلى قراءة أخرى مغايرة لما سبق.. ويبقى أن حماس لم تطلب من عمان حتى الآن ان تقيم في الأردن أو تفتح فيه مكاتبها أو تمارس منه نشاطها فما زال لديها خيارات أخرى والملف لا يتحدث عن هذا وإنما عن طبيعة التعامل مع حماس كفصيل فلسطيني مقاوم له ما له وعليه ما عليه.
أطراف محددة جداً تعرف عمق الملف وهي الأمينة عليه وسواها يهرف بما لا يعرف. وكان الله في عوننا ومع مصالحنا.