لا رضى على أيِّ حكومة!
.. أطرف ما يمكن أن تسمعه من تعليقات على تشكيل حكومة د. عون الخصاونة بأنها: حكومة الفرصة الأخيرة لاسترداد ثقة الشعب بالحكومات!!. ومصدر الطرافة أن كل الحكومات من حكومة رشيد طليع الدرزي اللبناني إلى حكومة البخيت لم تكن تنال رضى الشعب الأردني، وأي شعب عربي آخر. ذلك أن العصر العثماني وإدارته لم يكونا مقبولين لدى الناس، ثم جاءت عصور الانتداب الإنجليزي والفرنسي.. وحين جاءت الاستقلالات بعد الحرب العالمية الثانية جاء معها حكم حكومات «الأفندية» الذين كانوا دائماً بانتظار أوامر وتعليمات «المعتمد» أو المندوب السامي!!.
.. حتى حكومات أردنية عظيمة مثل حكومة سليمان النابلسي.. ثم بعد ذلك حكومة وصفي التل فإنهما رغم الإنجازات الوطنية والإصلاحية كان «الطخ» عليهما من كل الاتجاهات. ولعل الشباب الذين يبجلون الآن سليمان ووصفي لا يعرفون حجم قوى الشد العكسي التي أمسكت بحكومتيهما.. فلم تبق الواحدة أكثر من عام!!.
.. والفرق بين عدم الرضى القديم المتأصل عند الناس والتظاهرات والاعتصامات الآن, هو ان هزيمة حزيران عام 1967, ونجاح أدوات القمع الحديثة والذكية أبقت كل شيء حبيس الصدور. وحين هبّت نسائم الحرية ولو من الشبابيك الضيقة, وجد الناس فرصتهم في الشارع. مع أن الحكومات كانت مستعدة للحوار, واستيعاب القوى الحقيقية.. فالشارع أربح من تحمل المسؤوليات!!
.. الآن لماذا لا يريد الاخوان المسلمون دخول حكومة الخصاونة؟
المعلق الذكي يعرف أن دخولهم سيكون بمثابة محرقة لكل كلام قالوه في الحكومات السابقة. فأين برنامجهم الاقتصادي والمالي؟! وكيف سيتعاملون مع الدين العام؟! وهل يستطيعون تأميم ما تمت خصخصته.. وأخذ مسار اشتراكي ليس من طبيعتهم؟! ثم ماذا يعملون في معاهدة السلام مع إسرائيل؟!
ومع العلاقات العربية؟!
الأربح أن لا يدخلوا لجان الحوار, ولا الانتخابات البلدية او النيابية, ولا وضع قوانين الانتخاب والأحزاب والمحكمة الدستورية، ولجان الإشراف على الانتخابات .. وكل شيء، ذلك أن الشارع أسلم!! وكما كنا نقول ونحن في الإذاعة: سكّن تسلم!!.
لن تكون الحكومات مصدر رضى، طالما أننا لا نعرف بعد علاقة المواطن بدولته ولا نعرف معنى الديمقراطية، ولا نعرف نظام الأحزاب والبرلمانات، .. ذلك أننا، مع الأسف، نتعامل مع .. قشرة الحضارة!!.