انتقل الصراع على ليبيا من صراع الوكيل إلى صراع الأصيل وبات الصراع مفتوحا على مصراعيه وكل الاحتمالات مفتوحة بين محاور الصراع بين دول حلف الأطلسي، فبعد ان كان الصراع محصورا بقوى داخليه بات صراع بين دول الاتحاد الأوروبي المنضوية تحت لواء حلف الأطلسي، بعد هزيمة حفتر في معركة طرابلس ومساندة تركيا لحكومة السراج، فتحت الازمه الليبيه مناكفات بين باريس وتركيا، تصاعدت حدتها مع ازدياد التدخّل التركي العسكري وتغلغلها في ليبيا، ليصل الخلاف إلى ذروته مع تهديد باريس لأنقرة بعقوبات أوروبية، وتشهد العلاقات بين انقره وباريس توترا متزايدا بتبادل الطرفين اتهامات بخرق الحظر المفروض على إرسال الاسلحه الى ليبيا، فيما تتهم باريس أنقرة باستهداف الفرقاطة الفرنسية أثناء عملية مراقبة بحرية. بعد أن أوقفت فرنسا مشاركتها في عمليات المراقبة البحرية في إطار مهمّة « سي غارديان» التابعة لـ» حلف شمال الأطلسي» في المنطقة، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أنّ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، سيجتمعون في 13 تموز/ يوليو بطلب من فرنسا، للتباحث في شأن تركيا. وقال أمام مجلس النواب الفرنسي: «فرض الاتحاد الأوروبي أصلاً عقوبات على تركيا بسبب عمليّات الحفر التي بدأتها تركيا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، ويمكن أيضاً النظر في فرض عقوبات أخرى».
تشترط فرنسا تحقيق أربعة مطالب، بينها أن «يؤكّد الحلفاء رسمياً تمسّكهم والتزامهم باحترام الحظر» على الأسلحة في ليبيا. كما تريد وضع « آلية أكثر دقة» لفضّ النزاعات داخل «الناتو». كذلك، تنتقد باريس بشدّة التدخل العسكري التركي في ليبيا لدعم حكومة «الوفاق الوطني» في طرابلس. في هذا السياق، حمّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تركيا، الإثنين، «مسؤولية تاريخية وجنائية» في الصراع الليبي كدولة «تدّعي أنّها عضو في الناتو».
وبعيداً عن حرب التصريحات المتعلقة بحادثة الفرقاطة، شهدت الأسابيع الماضية تبادل البلدين لكثير من الاتهامات حول المسؤولية عن تأجيج الأزمة الليبية. تصعيد اللهجة الفرنسية تواصل على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي اتهم تركيا بتوريد الجهاديين من سورية إلى ليبيا «بكثافة»، قائلاً إنها تتحمل مسؤولية «تاريخية وإجرامية» عما يحدث في هذا البلد، وهو ما قوبل برد من وزير الخارجية التركي الذي قال إن فرنسا تلعب دوراً «تدميريا» في ليبيا.
انتقادات ماكرون الأخيرة جاءت بعد حوالي أسبوع من تصريحات مشابهة أطلقها خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي قيس سعيد، في العاصمة باريس، وقال فيها إن تركيا تمارس في ليبيا «لعبة خطرة» لا يمكن التسامح معها، وأن تدخلها في ليبيا يشكل تهديداً مباشراً لأوروبا والمنطقة. وتشير الزيارة التي قام بها وزير الخارجية اليوناني نيكوس دنتياس إلى مدينة طبرق ولقائه برئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، إلى أن دولاً أوروبية أخرى بدأت تنخرط مباشرة في الملف الليبي. خاصة وأن دنتياس أدان من طبرق «الغزو التركي» لليبيا، بينما تمخضت الزيارة عن الإعلان عن تشكيل لجنة لترسيم الحدود البحرية مع اليونان من قبل سلطات شرق ليبيا فيما يبدو إجراء موازياً لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي أعلنت تركيا عن توقيعها مع حكومة الوفاق أواخر العام الماضي. المواقف الاوروبيه تبدو متباينه فيما يتعلق بالاصطفاف داخل ليبيا، خاصة مع ما يتردد عن الدعم الإيطالي لحكومة الوفاق في ضوء زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إلى طرابلس ولقائه رئيس حكومة الوفاق فايز السراج الأسبوع الماضي. كل ذلك في غياب موقف استراتيجي عربي فيما تعاني منه ليبيا من صراعات.