شرعت حكومة الاحتلال الإسرائیلي في شھر حزیران/ یونیو عام 2002 ،في بناء جدار الفصل العنصري في
الضفة الغربیة قرب الخط الأخضر، مدّعیةً بأن الجدار ھو «حاجز أمني ولیس سیاسیاً، مؤقت ولیس دائماً، وبالتالي
.«فھو لن یضر بأي من قضایا الوضع النھائي، بما فیھا الحدود الأمنیة
تتناقض ھذه الادعاءات كلیاً مع الحقائق على الأرض، حیث تم بناء الجدار في عمق أراضي الضفة الغربیة ولیس
على طول الخط الأخضر الذي یشكل حدود عام 1967 ، ّ وھو یطوق الضفة الغربیة من كافة الجھات، و87 %من
الجدار یمتد داخل الضفة الغربیة ویعزل قرابة 10 %من مساحة الضفة. ویحاصر ھذا الجدار نحو 173 مدینة
وقریة فلسطینیة في الضفة الغربیة، ویحاصر نحو 150 ّ قریة وتجمعاً تقع بینھ وبین الخط الأخضر، وانتزع أكثر
.من 200 كلم من مساحة القدس المحتلة
وعلى الرغم من إعلان محكمة العدل الدولیة في تموز/ یولیو 2004 قراراً یقضي بعدم قانونیة الجدار، ومطالبتھا
«إسرائیل» بھدمھ ودفع تعویضات للفلسطینیین، وتبني 150 دولة لھذا القرار بالجمعیة العامة للأمم المتحدة،
ّ استمرت «إسرائیل» في سیاستھا التوسعیة الاستیطانیة العنصریة، ضاربةً بعرض الحائط كافة الأعراف والمواثیق
.الدولیة والإنسانیة
رافق بناء جدار الفصل العنصري فرض قیود على حریة الحركة، وانتھاك الحق في الغذاء، والحق في المیاه،
وتدمیر الحیاة الاجتماعیة والثقافیة، وفرض معاملة قاسیة ومھینة (خاصةً على الحواجز) واستئصال فرص العمل
.والتعلیم
ولم یتوقف الأمر عند الجدار العنصري فحسب، حیث أعلن رئیس الحكومة الإسرائیلیة بنیامین نتنیاھو عن نیة
«إسرائیل» ضم منطقة الأغوار ومنطقة شمال البحر المیت إلى السیادة الإسرائیلیة في تموز/ یولیو 2020 .وھذا
الضم إن تم فإنھ من شأنھ أن یحسم السیادة الإسرائیلیة بالكامل على الضفة، ویقطع التواصل بین الأردن والأراضي
الفلسطینیة، وبالتالي القضاء بشكل نھائي على حل الدولتین، وفرصة عودة اللاجئین الفلسطینیین المتواجدین في
.الأردن والبالغ عددھم قرابة 2 ملیون لاجئ مسجلین لدى الأونروا
إن الاستراتیجیة التي تقف وراء الجدار العنصري، مرتبطة بشكل وثیق بالاستراتیجیة التي تقف وراء خطة الضم،
ُنشأ لتطویق الضفة الغربیة وفصلھا عن القدس والخط الأخضر، وتأتي خطة الضم لتستكمل
بحیث أن الجدار أ
فصل الأراضي الفلسطینیة المحتلة عن أي تواصل حدودي مع الجانب الأردني، وفرض السیادة الإسرائیلیة
.الكاملة، والسیطرة على أكبر سلة غذائیة ومخزون استراتیجي للمیاه في فلسطین
كجزء من الخطة ذات المدى الأبعد، یبدو أن الاحتلال الإسرائیلي یسعى إلى تھجیر سكان منطقة الأغوار الذین
یتراوح أعدادھم حسب مختلف التقدیرات بین 50 و65 ألف فلسطیني. وفي الوقت الذي تتصاعد فیھ غطرسة
ّ الكیان الإسرائیلي بقیادة حكومة نتنیاھو –غانتس، عبر تكثیف سیاسة الاستیطان والتوجھ نحو ضم منطقة الأغوار
ومنطقة شمال البحر المیت إلى السیادة الإسرائیلیة، وتھجیر الفلسطینیین والتضییق على الأسرى في سجون
الاحتلال ومحاولة طمس ھویة القدس الشریف واستمرار الحصار على قطاع غزة وغیرھا من الممارسات
العدوانیة والعنصریة التي لم یشھد التاریخ الحدیث مثیلاً لھا، تكتفي الدول العربیة بإصدار بیانات الشجب
والإستنكار والرفض، سوى الأردن الذي مثّل ھذه المرة استثناء عربیاً بموقفھ المتقدّم، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي
. ّ الغربي الذي ھ ّ دد بفرض عقوبات على الكیان الإسرائیلي إذا ما تم الضم
لم تعد «إسرائیل» تكترث لأي قرار أو إدانة أممیة في ظل الدعم الأمیركي المطلق لھا ولمشروعھا الاستعماري،
ولا بدّ أن نصل إلى قناعة مفادھا أن «جعجعة الأمم المتحدة لا تنتج طحیناً»، حیث أن «إسرائیل» ماضیة في
تحقیق حلمھا بإقامة «دولة إسرائیل الكبرى»، ولم یعد مقبولاً فلسطینیاً التماھي مع أي حلول یطرحھا المجتمع
الدولي، طالما ھو عاجز عن لجم ھذا الاحتلال الإرھابي العنصري، ولا بدّ من العودة إلى المربع الفلسطیني
.الأول، ورفع سقف المطالبة والرؤى لتشمل كافة أنحاء فلسطین التاریخیة
من الجدار إلى الضم الإسرائيلي العنصري
أخبار البلد - اخبار البلد-