في مواقع التواصل يتبدّى هذا الوعي على حقيقته، وبشكل عفوي ومن دون تزويقه، ويظن السيد المواطن هنا أن بإمكانه ممارسة طبيعته من دون تحسب، ومن دون تورّع عن شيء. لسببين؛ أنه يدخل باسم مستعار غالباً، أو أن يرى الجمع كله على طبيعته فينساق إلى كشف طبيعته مثلهم من دون تردد.
أسرد لكم هنا قصة حقيقية صادفتها هذا الأسبوع على أحد مواقع التواصل الشهيرة، وفي صفحة عامة يسهر فيها نصف الشعب الأردني كل ليلة.
سألت سيدة بجدية ورصانة: "مرحبا لو حدا بده يتبرع بأعضاؤه بعد ما يموت، كيف ووين بقدر يعمل هالاشي؟!”. ولك هنا أن تتخيل طبيعة الإجابات، التي تبرع بها السيد المواطن وهو "على طبيعته”، وبكامل "وعيه”. ولكن لماذا أتركك تتخيل أيها السيد القارئ؟! فهنا مختارات وعينات من هذه الإجابات أنقلها لك حرفياً. بل أسردها بصياغاتها وأخطائها الإملائية حتى لا أفسد "طبيعيتها” ووقع الأصوات فيها.
قال أحد المعلقين في رده على السيدة: "انتي اتوكلي ع الله وبعدين بصير خير. شو أم هالمواضيع هذي عالريق”.
في حين تساءل آخر "طيب الواحد بدو يتبرع بأعضاؤه وهو عايش؟ كيف؟ انتي حرة”. ثم جاء معلق يعتقد أنه يملك وجهة نظر جادة ليقول "بس من وجهة نظري المبنية على كلام الدكتور عمر عبد الكافي، جسدك مش الك، هاد أمانة معك وبعدين كيف تعطي ما لا تملكي لمن لا يستحق”.
ثم تعليق يقول: "احنا في بلاد إكرام الميت دفنه خصوصا ازا بنت.. فكري بالمشرحة وكيف بيفتحو الجسم وبيستأصلوا جزء جزء. شيء مرعب بعدين عملية التخييط والتشويه في النهاية ما بتعرفي الناس المشرفة ع هاي العملية ونفسياتهم. الناس بتاكل بعض وهي عايشة فما بالك بس تكوني ميتة بعد عمر طويل الله يمد في عمرك.. ويخلي لكل عين رجاها”.
أما الذي ظن أنه سيحسم الجدل بوعيه الفائق، فقال "الوعي الوعي يا جماعة قبل لتنزلو بوست فكروا مليون مرة.. واسألي دكاترة الشريعة.. اللي بيدرسو قضايا معاصرة واجتهاد”.
في حين جاء آخر متذمراً من هذا الموضوع الدموي برأيه، فقال "شو هالنفسيات هاي تشريح وتقطيع”. ليتبعه المتذاكي الرصين بالقول "يعني ما بزبط تعملي خير الا بأعضائك يختي”.
أما شديد الإيمان فجاء بثوب الورع والتقوى ليدعو لها "اللهم قوي إيمانك”.
ثم قال الذي يحلّل ويحرّم "أنا من وجهة نظري وقناعتي الدعاة حكوا حرام لأنو الجسد مو الك بالنهاية لتخلي حدا يتلاعب فيه”.
وجاء صاحب النكتة وخفيف الدم ليلقي طرفته "القويسمة عند الجبالي”.
ليقول آخر "انتي توكلي على الله وبعدين بنقرر شو بدنا نعمل فيكي”.
أما صاحب العلم والاطلاع، فقال "هاد عنوان شب تاجر أعضاء في ألمانيا بفهم في هيك قصص”.
ثم تتالت مئات التعليقات الساخرة والمهينة والغبية، التي جرفت كالسيل بعض التعليقات المحترمة القليلة جداً.
ولا حاجة للتعليق على القصة، فهي تحمل في طياتها السؤال والجواب. والجواب على رهان الوعي أيضاً!
وهذا ليس جلدا مبالغاً فيه للذات، وليس مازوشية، أو استمراء للتقليل من شأن أنفسنا، لكنه توصيف لفئة لا يستهان بحجمها وعددها لا ينبغي إغفال أثرها، فهي حتى لو جادلتني بأنها قليلة لكنها كبقعة الزيت على سطح الماء.
.. وما كدت أنتهي من قراءة ذلك حتى طالعني عنوان كبير جاد: "وزارة الصحة تدرس قياس مناعة المجتمع الأردني”!
أسرد لكم هنا قصة حقيقية صادفتها هذا الأسبوع على أحد مواقع التواصل الشهيرة، وفي صفحة عامة يسهر فيها نصف الشعب الأردني كل ليلة.
سألت سيدة بجدية ورصانة: "مرحبا لو حدا بده يتبرع بأعضاؤه بعد ما يموت، كيف ووين بقدر يعمل هالاشي؟!”. ولك هنا أن تتخيل طبيعة الإجابات، التي تبرع بها السيد المواطن وهو "على طبيعته”، وبكامل "وعيه”. ولكن لماذا أتركك تتخيل أيها السيد القارئ؟! فهنا مختارات وعينات من هذه الإجابات أنقلها لك حرفياً. بل أسردها بصياغاتها وأخطائها الإملائية حتى لا أفسد "طبيعيتها” ووقع الأصوات فيها.
قال أحد المعلقين في رده على السيدة: "انتي اتوكلي ع الله وبعدين بصير خير. شو أم هالمواضيع هذي عالريق”.
في حين تساءل آخر "طيب الواحد بدو يتبرع بأعضاؤه وهو عايش؟ كيف؟ انتي حرة”. ثم جاء معلق يعتقد أنه يملك وجهة نظر جادة ليقول "بس من وجهة نظري المبنية على كلام الدكتور عمر عبد الكافي، جسدك مش الك، هاد أمانة معك وبعدين كيف تعطي ما لا تملكي لمن لا يستحق”.
ثم تعليق يقول: "احنا في بلاد إكرام الميت دفنه خصوصا ازا بنت.. فكري بالمشرحة وكيف بيفتحو الجسم وبيستأصلوا جزء جزء. شيء مرعب بعدين عملية التخييط والتشويه في النهاية ما بتعرفي الناس المشرفة ع هاي العملية ونفسياتهم. الناس بتاكل بعض وهي عايشة فما بالك بس تكوني ميتة بعد عمر طويل الله يمد في عمرك.. ويخلي لكل عين رجاها”.
أما الذي ظن أنه سيحسم الجدل بوعيه الفائق، فقال "الوعي الوعي يا جماعة قبل لتنزلو بوست فكروا مليون مرة.. واسألي دكاترة الشريعة.. اللي بيدرسو قضايا معاصرة واجتهاد”.
في حين جاء آخر متذمراً من هذا الموضوع الدموي برأيه، فقال "شو هالنفسيات هاي تشريح وتقطيع”. ليتبعه المتذاكي الرصين بالقول "يعني ما بزبط تعملي خير الا بأعضائك يختي”.
أما شديد الإيمان فجاء بثوب الورع والتقوى ليدعو لها "اللهم قوي إيمانك”.
ثم قال الذي يحلّل ويحرّم "أنا من وجهة نظري وقناعتي الدعاة حكوا حرام لأنو الجسد مو الك بالنهاية لتخلي حدا يتلاعب فيه”.
وجاء صاحب النكتة وخفيف الدم ليلقي طرفته "القويسمة عند الجبالي”.
ليقول آخر "انتي توكلي على الله وبعدين بنقرر شو بدنا نعمل فيكي”.
أما صاحب العلم والاطلاع، فقال "هاد عنوان شب تاجر أعضاء في ألمانيا بفهم في هيك قصص”.
ثم تتالت مئات التعليقات الساخرة والمهينة والغبية، التي جرفت كالسيل بعض التعليقات المحترمة القليلة جداً.
ولا حاجة للتعليق على القصة، فهي تحمل في طياتها السؤال والجواب. والجواب على رهان الوعي أيضاً!
وهذا ليس جلدا مبالغاً فيه للذات، وليس مازوشية، أو استمراء للتقليل من شأن أنفسنا، لكنه توصيف لفئة لا يستهان بحجمها وعددها لا ينبغي إغفال أثرها، فهي حتى لو جادلتني بأنها قليلة لكنها كبقعة الزيت على سطح الماء.
.. وما كدت أنتهي من قراءة ذلك حتى طالعني عنوان كبير جاد: "وزارة الصحة تدرس قياس مناعة المجتمع الأردني”!