لقد وصفت في مقال سابق حكومة البخيت بأنها حكومة تعمل تحت ضغط الشارع الغوغائي ( أسلوب التكسير وحرق الإطارات ) ، فليس عيباً أن تعمل الحكومات تحت رغبة الجماهير بناء على أسس علمية مدروسة من خلال الاستبانات وجمع المعلومات وإجراء استفتاء شعبي إن تتطلب الأمر ؛ لدراسة رغبات الناس الحقيقية التي تنسجم بشكل أساسي مع الواقع العملي من حيث المخصصات المالية وكلفة التشغيل . ففي حادثة غريبة ومفاجأة قبل 6 أشهر أعلن الحكومة ولسبب مجهول عن نيتها لتشكيل لجنة هدفها تقييم عملية الدمج بهدف فصل بعض البلديات ، وكانت الحادثة مثاراً لفتح شهية الكثير من الناس لفصل بلدياتهم ، وتوقع البعض حينها أن الأمور ستجري بشكل منطقي وأن عدد البلديات المستحدثة لن يزيد عن 20 بلدية في مختلف مناطق المملكة . لكن المفاجأة كانت أكبر من المتوقع حيث أعلن عن استحداث 99 بلدية !! والاستحداث كاد أن يكون مستمراً بعد إغلاق الطريق الدولي في الجيزة والعصيان المدني في الموقر و أيدون – المفرق . لم تستطع الحكومة في بداية عهدها الخروج من مأزق الاعتصامات والمسيرات الإصلاحية بل ساهمت بشكل معين في زيادة وتيرة المطالبة في الإصلاح وارتفع سقف الشعارات متجاوزاً كل المرجعيات والخطوط الحمراء ومن ثم دخلت في فضيحة الكازينو التي ثبت تورط رئيس الحكومة رسمياً فيها وخرجت من منعطف هروب خالد شاهين لتعلو زاهية بهيكلة الرواتب التي لم ولن تنفذ حتى استقرت في مأزق قضية فصل البلديات . حكومة البخيت هزيلة بكل المعايير والمستويات ولم تقدم للمواطن الأردني شيئاً مقنعاً لحد الآن ، فبدأت تبحث عن انجاز تاريخي لها وهو ملف فصل البلديات ، لينقلب السحر على الساحر وليزداد الطين بلة ؛ فأثارت بفعلتها النكراء البلابل والقلاقل في أنحاء الوطن ، متجاوزة أسس القرار الإداري السليم الذي يصدر من القاعدة إلى الهرم وليس العكس حيث استفردت الحكومة بكثير من القرارات دون الرجوع للشعب . للأسف حكومة لا تسمع إلا لغة الصوت العالي والاعتصامات والمسيرات والعصيان المدني ، ولا تقبل على نفسها إلا لغة الغوغائية في ظل انفلات الأمني وتهاوي دولة القانون والمؤسسات . وقد كان جلالة الملك مدركاً لخطورة الحدث ومدى استفحاله – لا قدر الله- لو بقيت حكومة البخيت تتخبط بقراراتها ، ولذلك لجأ لوجه جديد غير مكــرور ممثلاً بدولة السيد القاضي عون الخصاونة ، وهنا لا أستطيع التسرع بالحكم على شخص الخصاونة ، وما سيقدمه للوطن؛ لأني لم أرى بعد ماذا سيقوم؟ وما هي طبيعة تشكيلته الوزارية ؟ هل هي مقنعة لدى الشارع ؟ وهل سيكون الفريق الوزاري مؤهلاً بخبرات عملية ؟ وماذا سيضع من استراتيجيات تنموية واقتصادية ؟ هل سيعنى بالشأن الخارجي والوضع في المنطقة ؟ هل سيكون رجل المرحلة؟ أم سيكون كسابقيه رجل يريد تعبئة شاغر الوقت فقط ؟ أقول في نهاية المقال أن دولة السيد عون الخصاونة شخص منتمي لوطنه و ذو شخصية قوية و يمتلك خبرة متراكمة في العمل الحكومي ويحمل ثقافة عملية تساعده على إدارة شؤون الدولة...... لكن ذلك ليس كافياً للحكم على الرجل بنجاحه أو إخفاقه، فالأمور دائماً تقاس بخواتيمها وليس ببداياتها . بشار مخلدالغمار
بشار الغمار يكتب .. نهاية حكومة هزيلة
أخبار البلد -