أعتقد أن قليلين يعرفون ان خيار تكليف عون الخصاونة بتشكيل الحكومة كان متوفرا ومطروحا لدى صاحب القرار منذ خمس سنوات على الاقل , لكنه كان يوفره ويدخره الى يوم تشتد فيه ازمة الثقة بالحكومات والحكم معا, وها قد جاءالتكليف في وقت حرج بعد انسداد افق الحوار السياسي لعملية الحوار وانتقاله الى الشوارع مستندا الى خطايا الحكومة وبطئها وترددها في إنجاز المطلوب وفقدانها لدور المبادرة وتخبط إداراتها وسوء تحضيرها للانتخابات البلدية وما انتجه من شظايا أصابت الجميع .
بكل وضوح انها مرحلة حساسة وخطرة وتحتاج الى عقول"باردة ومبادرة" في التعامل مع القضايا والشعارات المطروحة من اجل فكفكت كل الملفات العالقة وما تخفيه وراءها من أزمة الاحتقان السياسي والاقتصادي التي باتت تؤرق الاردنيين كلهم على المستويات كافة.
فالازمة لا تخص النظام السياسي وحده بل تخص المعارضة ايضا وتخص جميع الاطراف الشعبية, لان لا مصلحة للجميع الا بتجديد شباب الدولة ودورها الوطني وإعادة توزيع المهام و ضخ الدماء الجديدة فيها وإشاعة الامل لدى الاردنيين بمستقبلهم ودورهم وهويتهم والتوافق على حلول تقوم على إنهاء ملفات الفساد بشكل فعال يضع حدا فاصلا للفاسدين بغض النظر عن مواقعهم ومكاناتهم ويغلق الحديث عن هذا الفاسد او تلك القضية بما يجفف منابع الاحتجاجات والاشاعات.
وهذا يحتاج الى قادة جدد من طينة جديدة يُعرفون بنزاهتهم وكفاءتهم وطيبة سيرتهم واحترامهم في قواعدهم الشعبية ليكونوا عنوانا لاسلوب جديد في الحكم يقوم على التواصل مع الناس الى حد الاندماج والتماهي معهم ومع مصالحهم, فالدولة التي لا يحميها شعبها لا يمكن لاكبر قوة امنية او عسكرية ان تحميها, وهذه خلاصة التجربة المصرية والتونسية والليبية.
الرئيس المكلف عون الخصاونة شخصية اردنية مرموقة ويحظى باحترام كبير ولديه رصيد كبير كرجل قانون دولي وصل الى مرتبة نائب رئيس محكمة العدل الدوليه في لاهاي وشارك في فصل اكثر من 80 قضية دولية, وقبوله بالمنصب فيه نوع من التضحية بالعديد من الامتيازات الوظيفية والمالية, لذلك فالامل المعقود عليه كبير.
سمعنا ان الرئيس الخصاونة طلب ان يكون صاحب ولاية عامة بكل ما تعني الكلمة, ابتدأ من تشكيل الحكومة ونهاية باتخاذ القرارت من دون شريك او"تشييك" وتزامن مع طلبه تغيير في قيادة جهاز المخابرات ليصب في الهدف نفسه ومن اجل تجديد دورالجهاز في حماية البلد ووضع المعلومة الامنية بيد السياسيين لتداول القرار.
ان امام الخصاونة فرصة كبيرة للنجاح, اذا ما احسن خياراته فهو الان سيد نفسه, ولا عذر له بعد الان, فان نجح فلنا جميعا, وإن فشل فهو يتحمل المسؤولية وحده, لكن الموقف بحاجة الى اختيار طاقم وزاري رشيق يعمل بنظام "الاوركسترا الموسيقية" وقادرعلى تقديم العون وأن يكون حاملا لا محمولا, وطاقما وزاريا لا يحمل اوزانا زائدة او"حالات انسانية".
دولة الرئيس لا عذر لك بعد الان
أخبار البلد -