في زحمة كل ما يجري في جوارنا العربي فإننا مطالبون جميعاً أن لا ننسى العنصر الأهم وهو علاقتنا جميعاً مع الأردن الوطن, وأن لا ننسى مسؤوليتنا عن رسم صورته وعن المحافظة على أمنه واستقراره واستمراره, وكيف نقول لأنفسنا وأجيالنا التي تنمو عن طريقة تعاملنا مع أي قضية تشغلنا أو نختلف عليها.
لا أتحدث عن أي نشاط سياسي يتم بشكل قانوني وحضاري, لكن ما يؤذينا جميعاً أن ندفع ثمناً لأفعال وردود أفعال لا يمكن فهمها وتبريرها من إغلاق طرق أو قطع لطرق بالسلاح أو إشعال حرائق في الشوارع والسبب ليس ظُلماً أو قمعاً بل مطلب خدماتي أو خلاف على قضايا تحدث دائما بين الناس.
وحتى من يفعل هذا لأنه على قناعة بأن الدولة اليوم لا يمكنها تفعيل القانون, أو يرى أن الظرف السياسي يجعل البعض على قناعة بأن هيبة الدولة ليست كما يجب فإننا نسأل هؤلاء الأردنيين سواء كانوا يعملون بدافع سياسي أو مطلبي : لمصلحة من، أن تكون الدولة ضعيفة أو سلطتها غائبة أو عاجزة عن تفعيل القانون؟ , وإذا كان بعضنا قد يخرج اليوم ومعه سلاح ويغلق طريقاً عاماً ليحقق مطلبا خدماتياً, فمن يضمن إذا كانت الدولة ضعيفة أن لا يدخل إلى بيت أي واحد منا عصابة مسلحة فتسلب الزوجة وتعتدي عليها أو تقتل الأطفال أو تهين الأب أمام عائلته!
ضعف الدولة إذا ما تحقق –لا قدر الله – لا يكون انتقائياُ ليستفيد منه شخص أو مجموعة أو تحقق فئة من خلاله مطلبا خدماتيا أو سياسيا, بل هو حالة تحرم المواطن من حقه في الامان, وهي أعلى مراتب الفساد مثلما هو الاحتلال أعلى مراتب الإرهاب.
الأردن لا يستحق منا أن نرسم صورته في الخارج وكأنه مقبل على انفلات, ولا يستحق هذا الوطن الذي نفتخر به جميعا أن نقدمه للعالم وكأنه على وشك انفجار سياسي أو أمني, ولا يستحق الأردن من أي جهة مهما كانت دوافعها بريئة أن تزرع في نفوس أبنائه أن دولتهم عاجزة ضعيفة ومقبلة على ما نراه في دول أخرى.
كنا جميعا قبل أسابيع نكتب ونتظاهر ونصدر بيانات تندد بالاستفزازات الصهيونية التي تستهدف هوية الدولة واستقرارها, فهل ننتبه اليوم أن إشاعة أجواء الفوضى ولو كانت محدودة أو التعامل على قاعدة أن الدولة ضعيفة وعاجزة يخدم أعداء الأردن الذين نعلمهم جميعاً وعلى رأسهم الكيان الصهيوني.
وحتى لو صدرت أخطاء من مسؤولين أو من الحكومة فإن أدوات التواصل بيننا موجودة وهناك ألف وسيلة ووسيلة, ولسنا بحاجة إلى أن نشيع أجواء الفوضى أو نرسم صوراً سلبية لبلدنا لنحصل على مطلب قد يكون حقاً لنا وقد لا يكون.
وربما على المسؤولين في هذه المرحلة أن يمتنعوا عن أي خطأ, وأن يكونوا قريبين من الناس, لأن لكل مرحلة تجاراً من أهل السياسة وغيرها, والمراحل الخاصة تحتاج إلى إدارة خاصة ورفيعة.
وحتى القوى السياسية التي نُقدر حقها في التعبير فإننا ندعوها إلى التنبه إلى أن استقرار الدولة لا يقل في أهميته عن الإصلاح, وما دامت أبواب الحوار السياسي حاضرة, وما دام هناك خطوات كبرى تم إنجازها فان إشاعة أجواء الهدوء السياسي جزء من حق الدولة علينا جميعا.
ما نسمعه من البعض وما يتصرف على أساسه البعض من أن الدولة ضعيفة وعاجزة أمرٌ خطير, فنحن لسنا في إطار التحليل بل نتحدث عن مستقبلنا جميعا وصيانة أعراضنا وأموالنا, ولعلنا وصلنا إلى مرحلة لا يجوز معها أن نعزز هذه القناعة بل نفيها بفعل سياسي كامل الأوصاف.
ce@alrai.com
سميح المعايطة