من أجل «نيو ديل» وخطة جديدة

من أجل «نيو ديل» وخطة جديدة
أخبار البلد -  

أستعير هذا التعبير من الكاتب أمين معلوف، في كتاب صدر له باللغة الفرنسية قبل عشر سنوات ما يزال يحتفظ براهنيته بعنوان «اختلال العالم»، أنقل منه إلى اللغة العربية ما يلي: «لم يسبق للبشرية أن عرفت الحاجة إلى تضامن فعلي وتضافر الجهود (كما تعرفه الآن) لمواجهة مختلف الأخطار المحدقة بها، الناجمة عن تطور العلوم والتكنولوجيا والديمغرافية، وكذا الاقتصادية التي تتهدد البشرية، وقد تقضي على ما تراكم لآلاف السنين. ينصرف ذهني إلى انتشار الأسلحة النووية وأدوات الدمار، ويذهب كذلك إلى استنزاف الموارد البشرية وعودة الجوائح».
من كان يراهن على نبوءة أمين معلوف حول عودة الجوائح وتهديدها للبشرية؟
لقد أضحت جائحة كورونا تقييما زمنيا، كما كل التقييمات التي أشّرت إلى تغيرات جسيمة في تاريخ البشرية، كما سقوط روما، أو اكتشاف أمريكا، او أحداثا طبعت مخيال شعوب، يختلط فيها الواقع بالخيال أحيانا، كعام الفيل، أو عام الرمادة، أو ترتبط بحالات اجتماعية أو ظواهر طبيعية، من مجاعة أو أمراض أو زلازل أو احتلال أو انتصار.
كان يقال إن القرن العشرين بدأ مع الحرب العالمية الأولى، وانتهى مع سقوط حائط برلين. ولعله يقال بأن عالم ما بعد إغلاق قوس سقوط حائط برلين، بدأ مع جائحة كورونا.
في غضون أقل من أسبوعين تحولت جائحة كورونا من وباء ناء، في إقليم في الصين، إلى خطر آني، ومن تصور هلامي إلى إجراءات عملية واحترازية. ما عاشته البشرية خلال الأسبوعين المنصرمين غير مسبوق، ولا يمكن مقارنته حتى مع أشد الأوضاع العسكرية أو السياسية توترا، أو مع الكوارث الطبيعية الأشد ضراوة، مما عرفته البشرية في تاريخها الحديث.. ندرك أن الأفراد كما الجماعات، لا يتغيرون بالنوايا الحسنة أو الإرادة، ولكن بالخوف بدرجة أولى، والمصلحة ثانيا، ولا يريدون التخلي عما ارتبط بتقاليدهم وموروثهم، حتى لو جافى العقل، ويضعون هذا المقتضى الأخير في درجة أدنى. من الغريب حقا، أن يكون العقل في أدنى سلم العناصر المؤثرة في سلوك الناس، مما كان انتهى إليه مؤرخ فرنسا وأديبها هيبولت تين، في نقده لفلسفة الأنوار التي تجعل دعامتها العقل.
ما انتزعه الخوف من البشرية في غضون أسابيع، لم تستطع المصلحة، ولا العادة، وما دأب عليه الناس من تقاليد، أن يحافظوا عليه، ولا ما كان يمليه العقل ليس فقط عن الجائحة، بل عن اختلال المنظومة العالمية ككل. جائحة كورونا هي أكبر خطر عرفته البشرية يتهددها مباشرة، بعد الخطر النووي وتفجير قنبلتين نوويتين في هيروشيما وناكازاكي، ما أسفر عن الخوف من الدمار الشامل، وأرسى توازن الرعب. فلعل جائحة كرونا أن تفرز عالما جديدا، وقواعد جديدة، ومرجعيات جديدة، وفاعلين جددا. ماذا سيتبقى من «العولمة السعيدة»، والتجارة الرقيقة، والتعاون الدولي، والدولة المسهلة؟ هل ستثبت أمام إعصار كورونا الجارف؟ لم تُرسِ التجارة العالمية علاقات ودية بين الأمم. وتبدى أن التطاحن لم ينته، وتغير شكله فقط، من خلال ما تقوم به الإدارة الأمريكية على سبيل المثال من إجراءات حمائية، وضرب لقواعد منظمة التجارية العالمية عرض الحائط، وشن حرب تجارية مع الصين، وفرض إجراءات حمائية مع المتعاملين مع الولايات المتحدة، والتهديد بأخرى. ارتبطت العولمة بالمصلحة فقط، أو مبدأ رابح رابح، وقامت على الشعور الثاوي في المنظومة الرأسمالية، وهو الجشع والأنانية، التي يعتبرها منظرو الليبرالية الاقتصادية «فضيلة». لم تستند العولمة على أي قيمة من قيم التضامن والتعاون، ولعل مثال إيطاليا، في مواجهتها أزمة كورونا، أبلغ تعبير عن أنانية أعضاء المجموعة الأوروبية، أو قرار الولايات المتحدة إغلاق المجال الجوي مع أوروبا بشكل انفرادي، من دون تنسيق ولا إخطار.

من نتائج جائحة كورونا الوعي بدور الدولة الوطنية، لا يمكن للدولة أن تكون رديفا للرأسمال، أو تُختزل في مقاولة كبيرة. بدا جليا أن لا مندوحة من الدولة، فهي الموئل أثناء المخاطر، والضامنة للأمن والاستقرار، وكذلك الحامية والراعية. وهل كان يمكن معالجة الأزمة الناتجة عن فيروس كورونا بمنطق الربح، أو الرأسمال، أو الاستثمار وعودة الاستثمار؟ المؤسسات الدولية التي من شأنها أن تسهر على الحد الأدنى من التضامن عاجزة ماليا، ومن دون أدوات قانونية وغير قانونية، وغارقة في مستنقعات بيروقراطية عقيمة، هذا فضلا عن تجاهل القوى الكبرى لها، خاصة الولايات المتحدة، التي تهزأ بمنظومات الأمم المتحدة وما يتحلق حولها. الأخطار الكونية ومنها الأخطار البيئية والتحولات المناخية، والأوبئة حقيقة، ولكن خطورتها لم تترسخ في الأذهان، أمام صمم بعض القوى العظمى التي كانت تنظر إليها باستخفاف، كنظرة الولايات المتحدة للأخطار البيئية، والاحتباس الحراري، وعدم وعي شرائح واسعة منها.
يتحدث أمين معلوف في الكتاب ذاته، عما يسمه بالانتصارات الواهية، وهو يحيل إلى انتصار النيوليبرالية، ولكننا هنا لسنا أمام هزيمة معسكر، أو أيديولوجية، بل أمام خطر يتهدد البشرية، وهو الأمر الذي يستلزم ما يسميه أمين معلوف بضرورة خطة جديدة، أو «نيو ديل» كتلك التي أرساها الرئيس الأمريكي روزفلت، عقب الأزمة العالمية الكبرى. ذلك أن المطلوب مثلما يقول أمين معلوف، مما أنقله إلى اللغة العربية، ليس تحريك الاقتصاد، أو اتخاذ تدابير لمعالجة قضايا اجتماعية، ولكن إنشاء واقع كوني جديد وإرساء علاقات جديدة بين الأمم ونُظُم جديدة لسير الكرة الأرضية، وتدبير شؤونها، ما يضع حدا لمختلف الاختلالات الاستراتيجية والمالية والأخلاقية والمناخية.
من هنا نبدأ.
كاتب مغربي

 
شريط الأخبار محكمة صلح جزاء جرش توقف ملاحقة رجل ضرب زوجته ضربا مبرحا في الشارع العام بسبب طلبها "علبة لبن" فرصة لتوظيف حملة بكالوريوس التمريض بالأردن للعمل في ألمانيا.. (رابط تقديم) مزاد علني لبيع 1620 شقة في الأردن - رابط - اعلام عبري: إجلاء جنود جرحى من غزة ب5 مروحيات بلدية إربد تنقل التجربة البرازيلية في مجال ألعاب الأطفال الى أولى حدائقها الاحتلال يشدد الإجراءات ويعرقل دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء (سبت النور) السعودية.. سحب لقب "معالي" من "المتورطين في جرائم الخيانة والفساد" عاجل مزاد علني لبيع 1620 شقة في الأردن - رابط صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على القطاع دراجة "شرطي سير" تثير الفزع في الصويفية نضال منصور يعلق على ترتيب مؤشر الأردن الجديد للحريات الإعلامية البنك الاسلامي الاردني يحصد جائزة أفضل بنك اسلامي في الاردن لعام 2023 سماء المملكة على موعد مع ذروة شهب غداً القبض على 34 مطلوبا ومروجا للمخدرات بإربد والعقبة والبادية الشمالية مستشفى الاستقلال يتألق مجددًا بحصوله على شهادة اعتماد وحدة تصوير الثدي للمرة الرابعة على التوالي عدد سكان الأردن يتضاعف بأكثر من 6 ملايين بآخر عقدين البوتاس العربية تحقق أرباحاً صافية بقيمة (52) مليون دينار في الربع الأول من العام 2024 وتواصل مسيرة النمو والتطوير الأردن يشارك في الدورة 57 للجنة الأمم المتحدة للسكان والتنمية التشريع والرأي: لا يجوز ترشح الحزبيين المنتسبين بعد 9 آذار 2024 على القوائم الحزبية الذهب ينخفض 20 قرشا في السوق المحلي.. تفاصيل