تواجه صناعة الالبان الاردنية في الاونة الاخيرة حالة من اهتزاز الثقة مع المستهلكين لمختلف منتجاتها, بعضها يعود الى الارتفاعات المتوالية على اسعارها من دون مبررات موضوعية, والاخر الى الشكوك التي تحوم حول طبيعة عملياتها التصنيعية والانتاجية, وفيما اذا كانت متوافقة مع المواصفات والمقاييس الاردنية والمعايير الدولية في انتاج المواد الغذائية, اضافة الى اصرار نسبة كبيرة منها على استخدام البودرة كمادة اولية في الوقت الذي يحقق فيه الاردن اكتفاء ذاتيا من الحليب الطازج يتم اتلاف كميات كبيرة منه لاعراض المصانع عن استخدامه, لانه لا يحقق لها ارباحا قياسية حتى لو كان الضحية خسائر جسيمة لمربي الابقار !.
حرب الاتهامات متبادلة بين مصانع الالبان مع بعضها البعض .. لان ما هو ملتزم منها بشروط المواصفة القياسية والاسعار العادلة يعزو الحملة التي تواجهها الى مخالفات من قبل غيرها, والجميع في حالة اشتباك مع جمعية حماية المستهلك لانها تحاول كشف المستور في محاولتها تبيان التكلفة الحقيقية لانتاج اللبن الرائب على سبيل المثال, حيث بينت اخر دراساتها ان الارقام التي خلصت اليها من داخل احد المصانع الكبرى ان السعر العادل للكيلوغرام الواحد منه واصلا للمستهلك يتراوح بين 750 الى 950 فلسا في حين انه يباع بحوالي دينار ومئتي فلس ! .
مصانع الالبان ترد على ذلك بان مثل هذه الدراسات لا تقوم على اسس علمية سليمة ولا تطابق الواقع, ومع ذلك فانها لا تعلن صراحة عن الارقام الحقيقية نظرا للخلاف فيما بينها على احتساب التكاليف, وكل ذلك يتم في غياب دراسة حيادية يفترض ان تقوم بها وزارة الصناعة والتجارة, مع انها كانت قد عقدت مرارا وتكرارا عزمها على اجراء ذلك للبت في هذه المسألة الخلافية, لكنها اكتفت بتحديد سقوف لاسعار بعض منتجات الالبان لا يتم الالتزام بها عادة وتعتبر بمثابة اجراء شكلي لرفع العتب في احسن الاحوال.!
قضية خطيرة ايضا تناولتها ردود الفعل خلال الاشهر الاخيرة وشاركت في حيثياتها بعض لجان مجلس النواب, تتركز على ان بعض منتجات الالبان الاردنية ربما يكون لها تأثيراتها على صحة المستهلكين, ورغم نفي صحة ذلك الا ان الامر ما يزال مطروحا, ما دامت بعض المصانع تطالب مؤسسة المواصفات والمقاييس بتعديل بعض القواعد الفنية الخاصة بتصنيع الالبان من خلال اضافة مواد حافظة او غيرها, في الوقت الذي اكد فيه تقرير لجنة الدستور الغذائي ان "الحليب المتخمر" المستعمل في انتاج اللبن او اللبنة لا يحتاج الى اضافات غير مبررة, وان اتباع الممارسات التصنيعية والصحية السليمة هو الاساس في انتاج مثل هذه المواد الغذائية لكن بعض المصانع تتهرب من ذلك طمعا في الربح الوفير ! .
صناعة الالبان الاردنية شهدت تطورا متسارعا منذ سنوات بعيدة وتم استثمار عشرات الملايين من الدنانير فيها, وتزايدت مصانعها على نحو لافت من خلال انتشارها في مختلف المناطق, وهي بحاجة ماسة الى تجاوز ازمة الثقة التي تعاني منها مع المستهلكين في الجودة والاسعار معا عن طريق تبيان الحقائق بلا اية مواربات, ويمكن لغرفة صناعة الاردن ان تلعب دورا رئيسيا في معالجة اي اختلالات واشكاليات في هذا الشأن, بما يضمن تلبية احتياجات المواطنين من مواد غذائية اساسية لا يستغنون عنها على موائدهم اليومية وفق المواصفات المعتمدة لمنتجات الالبان المحلية ! .
ماذا يحدث في صناعة الالبان?
أخبار البلد -