الآن نكتشف ايضا بان «مزاج» الاردنيين قد تغير كثيرا لدرجة يصعب فهمها وبان غياب الرؤية في التخطيط والتنفيذ هو عنوان مشكلتنا الاساسي وبان ما افسدنا طيلة السنوات الماضية لا يمكن اصلاحه بالادوات المألوفة ذاتها ولا بالسياسات والاجراءات التي تعتمد على «ما يطلبه المتنفذون» او ما يرضي السادة المستمعين.
امس حذر اكثر من 64 نائبا من فشل عملية الانتخابات البلدية ما لم يعاد النظر في ما تم من اجراءات كما دعا اربعة احزاب الى تأجيل هذه الانتخابات وقبلهم علّق الاسلاميون مشاركتهم فيها فيما تصاعدت الاحتجاجات والمطالبات «الشعبية» التي تدعو لمزيد من «الانفصال».. اما ردود الحكومة فما زالت غير واضحة لا على صعيد تحديد موعد الانتخابات بشكل دقيق ولا على صعيد «دفعات» استحداث البلديات الجديدة التي تجاوز عددها الـ» 100» حتى الآن، ولا على صعيد شروط التسجيل ودفع رسوم المستحقات البلدية والحدود الجغرافية بين البلديات.
نحن اذن امام «ازمة» تحتاج الى مراجعة واستبصار فاجراء الانتخابات البلدية التي يتوقع ان تجري بعد شهرين يبدو «صعبا» في ظل مزاج عام غير مفهوم واجراءات غير واضحة وخرائط لم تحدد ولم تحسم بعد وبالتالي فان «المجازفة» بتقديم «بروفة» ميدانية للاصلاح سيكون محكوما عليها بالفشل وسيترتب عليها ان نعود للمربع الاول من التشكيك وفقدان الثقة واستيلاد الازمات.. وكل هذا سيقودنا الى خسارات جديدة لا حاجة لنا بها الآن.
لا اريد ان اكرر سؤال الامس: ماذا فعلنا بأنفسنا ولكنني ادعو الى اعادة النظر في موعد الانتخابات البلدية وفي «رزمة» الاجراءات والتعليمات التي تتعلق بالبلديات ابتداء من الدمج والفصل الى المديونيات الى «التوظيفات» ووصولا الى ضمان مشاركة الجميع فيها لكي يصدق الناس بأننا نسير نحو «الاصلاح» لا نحو مزيد من «الارتجال» والاخطاء في السياسات والمقررات.
الانتخابات البلدية .. التأجيل افضل
أخبار البلد -
يرفض الاردنيون نظام الدوائر الصغيرة في قانون الانتخابات البرلمانية ويطالبون بتمثيل نسبي على مستوى الوطن او المحافظة لكنهم -وهذه مفارقة غريبة- يصرون على «الانفصال» حين يتعلق الامر بالانتخابات البلدية.. والسؤال: ما الذي يدفع الناس في بلادنا الى الشعور بالحاجة الى الانفصال عن بعضهم، والى اقامة «ادارات» صغيرة تدبر امورهم؟ هل كان ذلك بسبب تجربة «الدمج» وما رافقها من اخطاء في التصور وفي التنفيذ معا؟ ام ان وراءه مزاجا خاصا يعكس فشلنا في ادارة شؤوننا العامة وفي ترتيب بيتنا الداخلي وفق رؤية واضحة بعيدة عن الفزعة والارتجال؟! الآن نكتشف بان تعاملنا مع ملف «البلديات» لم يكن صحيحا، وبأن ما نحتاجه لاصلاحها يتجاوز اصدار قانون جديد لاجراء انتخاباتها، وبان الاجراءات التي قمنا بها لضمان نجاح «بروفة» الانتخابات البلدية باعتبارها اختبارا ميدانيا لجديتنا في الاصلاح السياسي لم تكن موفقة.