ربما يكون مشروع الجولات الشعبية لكبار المسئولين قد توقف فعليا قبل أن يكتمل بعد ان تمخضت النتائج التي يبغونها عن صفر، وفشل أسلوب تسويق سياسة الدولة وطريقتها في إدارة أزمة الثورة الشعبية ضد الفساد التي دبت الرعب في اوصال الدولة واشعلت الراس شيبا ،ولم يثمر زبد اللقاءات المنصرمة في استمالة قطاعات شعبية كبيرة كانت شملتهم تلك الزيارات لمحاولة جذبهم للانخراط في صف الحكومة أو تحييدهم على اقل حال .
مجرد زيارة لا تكفي لإطفاء نار ما تحت الرماد وتغيير مواقف الجياع واولئك الممارسين لترف استخدام القمامة وقطع كاوتشك السيارات للتدفئة ، فالقناعة استقرت على أن الحكومة لا تعني ما تقول طالما إنها لم تسترد الأموال المنهوبة وتوقف عمليات النهب القائمة التي ذهب ضحيتها محافظ البنك المركزي وفقد منصبه ،وتزعزعت الثقة بسبب استمرار الرواتب الشاهقة لكثير من الموظفين التي تتراوح بين ربع إلى نصف مليون دينار سنويا في الوقت الذي ينتعل فية كثير من طلابنا بقايا احذية ولا يملكون شطائر يتبادلونها في المدرسة وفي الوقت الذي يصرف فيه مبلغ خمسون دينار سنويا إكرامية لأسر شهداء الأمن العام للتخفيف من بشاعة تدني المخصصات الشهرية ،اضافة لما يتقاضاه المنتفعون من صندوق المعونة الوطنية البالغ ست وعشرون دينار شهريا للفرد والقريب مما تعتاش علية النسبة الكبرى من الساخطين في الشارع الثائر على الفساد.
وفي تأثيراتها على الشارع ذهبت تلك الجهود جفاءا فاعتذر الناس وحصل العكس، وكانت النتيجة اقل من اللاشيء، ولوحظ أن الاحتجاجات المتحركة قد اهتزت وربت بعد الإعلان عن التعديلات الدستورية ولن تتوقف إلا بمعجزة في المدى المنظور، فقد جرى إدارة الأزمة (بالشقلوب ) في طريقة العرض والطلب فعرضت الحكومة بضاعتها مغموسة بقضايا الفساد بدل شراء العرض الشعبي بالإصلاح لوقف الاتجاه نحو الشارع ودفق مظاهر الرفض، وقول دولة عبدالرؤوف الروابدة أمام جلالة الملك (قبل أن يرى المواطنون انجازات حقيقة ستبقى قوى الشارع تهاجمنا ) قول قل ودل ، وهو بينة قاطعة على أننا لا زلنا نعيش في مرحلة الاحتباس الإصلاحي وما قبل مرافقة مد الربيع العربي الذي مكث في الارض، والأوضاع تراوح مكانها والتغييرات لا تزال وهمية دون انجاز .
الجهات المنظمة لم تستوعب لغاية الآن حقيقة ما يدور في الساحة الداخلية والاقليم ، وتتحمل مسؤولية فشل وتوقف الزيارات وعلى رأسها وزارة الداخلية ومستشاريه العشائر بسبب ممارسة التفرقة والتمييز سواء في انتقائية ترتيب الزيارات وتخصيصها للمناطق والعشائر الاكثر خطرا وتجاهل الأغلبية، او ببرمجة وضع حواجز بشرية تقليدية كزعامات شعبية مفروضة وغير معترف بها لاستخدامها كسدود بين يدي الزائر وخلفه لحجب الفئات الكبرى المهمشة المستهدفة بالزيارة .
الخبز قبل الولاء احيانا ولا بد من اتباع أحسن القول والإصغاء للرأي الآخر إذا ما استؤنفت الزيارات مستقبلا ،والحكومة وهي تستأنس برأي حملة الفكر الرسمي إنما تزيد من عزلتها وتعطي دفعة قوية للاحتجاجات المتشعبة وتحرك سكون الاذلة وضحايا الفساد.
Fayz.shbikat@yahoo.com