يوميا تقدم لنا الحكومة رسائل مفادها أن احترام دولة القانون والمؤسسات هو آخر ما تفكر به، وان الدوس على هذه الفكرة وتهشيمها أمر ليس بالكبير، رغم الأثر السلبي الكبير الذي تتركه في أذهان الناس.
أخطاء الحكومة تتكرر ولا تتوقف، وهذه المرة بقرار مختلف، حيث تؤكد المعلومات أن مجلس الوزراء قرر قبل عدة أيام تعديل وضع أمين عام الرئاسة بحيث يصبح برتبة وراتب وزير، بدون إعلان رسمي بذلك.
القرار الذي اتخذ بسرية وصدر له عدد خاص من الجريدة الرسمية رقم 5116 يوم الخميس الموافق 29 أيلول (سبتمبر) الماضي، تم بدون الرجوع إلى اللجنة القانونية وديوان الخدمة المدنية وديوان التشريع.
المستغرب أن صدور العدد الخاص لم يكن مبررا هو الآخر، إذا ما عرف أن الحكومة أصدرت عددا آخر بعد يومين فقط من صدوره تضمن التعديلات الدستورية، الأمر الذي يكشف شعورا برغبة رسمية بعدم تعميم الخبر للرأي العام لحين صدور القانون المعني مباشرة بهذه المسألة وبشكل رسمي.
والاستعجال في اتخاذ هكذا قرار غير مبرر وإحاطته بالسرية مسألة تفسيرها سهل، وكأن الحكومة كانت تستشعر إمكانية رحيلها، فعجلت باتخاذ القرار كسبا للوقت رغم أن الإعداد لقانون الخدمة المدنية الذي تخضع له يتم بحثه الآن من قبل ديوان التشريع ووزارة العدل بهدف إقراره، فهل لدى الرئيس ووزرائه جواب شاف عن "لماذا تم تسريع إتمام هذه المسالة"؟.
القصة ليست في هذا القرار والموقع بعينه، بل أبعد وأعمق من ذلك بكثير، فالمسلك الحكومي إنما يدل على استخفاف بالقانون وعدم احترام للتشريعات وهيبة الموقع والعمل العام.
قد يكون المثال بسيطا لكنه انعكاس لطريقة التفكير المطبقة، وتأكيد على أن منطق الشللية ما يزال يحكم لدينا، وأن التغيير الذي ألم بطريقة إدارة العمل لدينا يقتصر على التصريحات الرسمية.
واتباع أسس الشفافية والحاكمية والإفصاح من قبل الرئيس وفريقه كان يقتضي الالتزام بالإجراءات المحددة بهذا الخصوص، هذا إذا أسقطنا من الحساب الأسس التي تتم التعيينات وفقا لها، والتي ما تزال تتبع الأهواء والأمزجة الشخصية بعيدا عن المؤهل والإمكانيات.
ثمة وزراء في الحكومة تعينوا ولم نسمع منهم حرفا واحدا، وكل ما سيتركونه لنا بعد أن يغادروا الدوار الرابع فاتورة تقاعد تتضخم يوما بعد يوم، وتزيد عبء النفقات الجارية.
الحكومة ماضية في أخطائها، وفي اتخاذ قرارات متعاقبة تدخلنا في أزمات متتالية تسهم بتصعيد حالة عدم الرضا، وتفاقم أزمة الثقة بين الشارع والدوار الرابع، طالما أن الأطر التي تحكم العمل هي ذاتها وهي عصية على التغيير.
وتتابع العثرات يؤكد أن لدينا حكومة تأزيم، فيما البلد بأمس الحاجة إلى حكومة تهدئة وتوافق، يتوفر لها الحد الأدنى من القبول الشعبي والرضا عن أداء آخذ بالتراجع.
الإصرار على استمرار مسلسل الأخطاء خطيئة، لكن لا ندري إلى أي مستوى من التردي سيجرنا!.
الحكومة: أخطاء لا تتوقف
أخبار البلد -