أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً بالسجن سـبع سنوات بحق وزير الإعلام المصري السابق أنس الفقي بتهمة هـدر المال العام.
هذه سابقة تحدث لأول مرة في العالم العربي ، فهـدر المال العام كان لا يستدعي أكثر من توجيه انتقادات للمسؤول ، ولكن لم يحدث أن اعتبر جريمة يستحق مرتكبها أن يقضي سبع سنوات في السجن.
الاعتقاد الشـائع أن المال العام لا يخص أحداً ، وبالتالي يجـوز إهداره بأي شكل طالما أن المسؤول لم يضع شـيئاً في جيبه ، فالإهدار في هذه الحالة يدخل في باب الاجتهاد الإداري!.
ماذا لو جرى تطبيق هذا الحكم على جميع المسؤولين وفي جميع البلدان؟ أغلب الظن أن السجون ستمتلئ بذوي الياقات البيضاء من أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة.
إهـدار المال العام يعني سرقة كل مواطن في البلد ، لأن المال العام جاء من جيوب المواطنين الذين يدفعـون الضرائب المباشرة وغير المباشرة ، ويجب أن يصرف لما فيه مصلحة المواطنين ، ضمن موازنـة عامة أجازها ممثلو هـؤلاء المواطنين. وأي إهدار أو إنفاق غير قانوني هو جريمة يستحق مرتكبها أن يقضي سبع سنوات وراء القضبان.
المحاكم تأخذ بالسوابق القانونية وقرارات المحاكم ، ولذا فإن حكم محكمة جنايات القاهرة على أنس الفقي بالسجن سـبع سنوات لأنه أهدر المال العام يصبح سابقة يحتج بها وتأخـذ بها المحاكم.
هناك فرق بين المال العام في الدولة والمال الخاص في الشركات ، فالقاعـدة أن المال العام لا يصرف إلا بقانون ، في حين أن المال الخاص يصرف بالطـرق التي لم يمنعها القانون أو النظام الداخلي ، ومع ذلك فإن الفسـاد موجود في القطاعين العام والخاص.
في الفترة الأخيرة أخـذ فساد القطاع الخاص يلقـى العناية ويوضع تحت الأضواء حمايـة للمال الخاص كما تدل إحالـة قضايا الفساد في الشـركات إلى المحاكم بالجملة ، فماذا عن فسـاد القطاع العام وما يحدث من إهـدار للمال العام يؤدي إلى العجـز الذي يقـود إلى المديونية.
اتساع عجز الموازنة العامة وارتفاع المديونية هما من المعايير الصالحة لقياس حجـم ومستوى الفساد وهـدر المال العام في البلدان الناميـة ، حيث تغيب أدوات المحاسـبة والمسـاءلة الفعالـة.