قبل نهاية رمضان بأيام أنهت اللجنة الملكيّة لمراجعة الدستور عملها وسلمت ما أنجزت للملك، ويومها أشار الملك بوضوح إلى أمله بأن يتم الانتهاء من إقرار التعديلات المقترحة خلال شهر, ومساء الأربعاء أقرَّ مجلس الأعيان التعديلات الدستورية بعد أن تم إقرارها في مجلسي الوزراء والنواب..
ودون أي تأخير كانت الإرادة الملكيّة السامية بالمصادقة على الدستور الجديد في رسالة واضحة تؤكد الحرص على إنجاز كل ما يتم التوافق عليه من إصلاحات سياسيّة على صعيد التشريعات كافة.
نحن اليوم نحتكم إلى دستور جديد بعد مراجعة وتعديلات شملت أكثر من أربعين مادة تضمنت خطوات إصلاحيّة كبرى عززت في محصلتها الفصل بين السلطات واستجابت للمطالب الكبرى من محكمة دستورية وهيئة مستقلة لإدارة الانتخابات والإشراف عليها, وأيضاً ما يتعلق بمحاكمة الوزراء والمحاكم الخاصة والعديد من القضايا المهمة, لتضاف إلى إنجاز إصلاحي كبير تمثل في إقرار قانون نقابة المعلمين وبدء نفاذه وأيضاً قانون البلديات الذي ستجرى الانتخابات وفقه قبل نهاية العام, وبعد مناقشة مجلس الأمة لقانون الانتخاب والهيئة المستقلة سنكون وكما أعلن الملك على موعد مع انتخابات مبكرة لاختيار مجلس نواب جديد في النصف الثاني من العام المقبل.
رسالةٌ واضحةٌ بأن الدولة جادة في الإصلاح, وأنها تنجز كلَّ يوم على هذا الصعيد, فلا شراء للوقت أو مماطلة بل خطوات تسير بشكل معلن ووفق جدول زمني واضح, وهذه الرسالة التي يحرص الملك على إرسالها والتأكيد عليها في كل مناسبة تنسجم مع ما يعلنه الملك بأن الإصلاح خيارنا وأنه لا يوجد ما نخشاه؛ لأن الدولة الأردنيّة تؤمن بأن الإصلاح فيه مصلحتها وهو شكلٌ من أشكال تعزيز قوة الدولة وتحصينها من عوامل الضعف.
المصداقيّة والجدّية عنوان الأداء العام للدولة, وهذا ليس مجاملة أو حديثاً عاماً لأن كل متابع منصف يرى أمامه ما يتم إنجازه, فنحن لا نتحدث عن أمنيات أو وعود بل إنجازات على الأرض من قوانين المعلمين والبلديات والدستور الجديد ولجنة الحوار ومخرجاتها إلى المواعيد المعلنة للانتخابات البلدية والنيابيّة وأخيراً قانون الانتخاب الذي سيكون أمام مجلس الأمة في بداية الدورة العادية نهاية الشهر.
وإذا كنا نفتخر بإنجاز تاريخي هو دستور الملك طلال-رحمه الله-عام 1952 فإننا نحتكم جميعاً من اليوم إلى دستور إصلاحي ديمقراطي جديد هو دستور عبدالله الثاني, وهذا يثبت قدرة الدولة الأردنيّة بكل مكوناتها على تجديد نفسها وإعادة بناء مؤسساتها بثقة وإيمان بالإصلاح الذي لا يخاف منه الإصلاحيون الحقيقيون.
ما تمَّ؛ يفرض علينا جميعاً التعامل بايجابية وتعزيز المشاركة الشعبيّة في كل العمليات الإصلاحيّة القادمة وأولاها الانتخابات البلدية المقبلة, فمهما اختلفنا حول التفاصيل؛ يجب ألا ننكر ما أنجزناه وأن نبني على ما تمَّ بخطوات أخرى وليس بالانكفاء أو غيره من الممارسات غير الإصلاحيّة.