اذا التقى المحتال مع الطماع فثمة جريمة حاصلة لا محالة أكاد لا أصدق عيني حينما أطلع على قضايا نصب واحتيال يقع ضحيتها مواطن متعلم يحمل شهادة عليا !! ليس بسبب دقة حبكة العملية الاحتيالية وانما لوضوحها وضوح الشمس ومع ذلك فان الضحية يمضي في تسليم ماله الى المحتال وكله أمل وطمع بربح وفير وصيد ثمين، وكأن على عينيه غشاوة.
أخر عمليات الاحتيال التي أطلعت عليها كان بطلها مواطنا أردنيا يزعم أنه مندوب لشركة في دبي ترغب بشراء قطعة أرض يملكها مواطن يحمل شهادة (دكتور)، ومع أن قطعة الارض قد لا تساوي أكثر من أربعمائة ألف دينار الا أنه تم الاتفاق بين المالك ومندوب الشركة على شرائها بمبلغ سبعماية وخمسين الف دينار، ويذهب الطرفان الى كاتب العدل في المحكمة لتنظيم وكالة غير قابلة للعزل بقطعة الأرض جاء النص فيها أن المالك قبض الثمن، وقبل التوقيع على الوكالة يتسلم المالك من (مندوب الشركة) شيكا بنكيا مسحوبا على بنك في دبي، فيكتشف وجود خطأ في أسم المستفيد (مالك الأرض) فيرفض التوقيع على الوكالة، فما كان من المحتال إلا أن أخذ الشيك وغاب لمدة نصف ساعة وعاد بشيك أخر مطبوع بالاسم الصحيح، فيوقع الدكتور الوكالة، ويتسلمها المحتال.
وحتى يتبين أمر الشيك فانه يوضع بالحساب لعدة أيام إلى أن يأتي جواب البنك في دبي بالصرف من عدمه، وفي تلك الأثناء يكتشف مكتب عقاري يعرف الارض وصاحبها أن حامل الوكالة يعرضها للبيع بمبلغ مائة ألف دينار!! فيصل العلم الى الدكتور متأخرا فقد سجل الوكيل المحتال الأرض باسم شخص ثالث وعاد الشيك من البنك (لاختلاف التوقيع) وفر الوكيل المحتال خارج البلاد.
واضح أن هناك شركة بالفعل في دبي وأن الشيك من أوراقها (نموذج بنكي) وما اختلاف التوقيع الا حيلة أخرى لمقاضاة المستفيد (البائع) بجرم التزوير فيما اذا رفع دعوى شيك بدون رصيد على الشركة، حيث ستدعي الشركة أن ورقة الشركة مسروقة أو مقلدة.
وواضح أن هناك أسلوبا جديدا في الاحتيال يتم من خلال تسجيل شركة حقيقية في دبي أو غيرها وفتح حساب بنكي باسمها والحصول على دفتر شيكات للنصب والاحتيال في الاردن أو دولة أخرى، وبعد ذلك تختفي الشركة أو تكون قد أبلغت عن سرقة دفتر شيكات من مكتبها.. الخ.
ما أدهشني كيف لم يتنبه صاحب الأرض إلى حصول المحتال على شيك جديد بالاسم الصحيح خلال نصف ساعة ؟؟ هل ذهب إلى دبي وعاد في نصف ساعة؟!
خلال نفس الأسبوع يقع مواطن أخر متعلم ضحية عملية شراء (ليرات ذهبية) حصل عليها نصاب يزعم أنه عثر على كنز تركي، ويزود المواطن بعينة منها وبعد فحص العينة ثبت أنها حقيقية فيسلم المحتال مبلغا كبيرا ليتسلم منه فورا في بيته كمية ذهب بالقيمة فيحمل النصاب النقود لعدها مع زوجته في الغرفة الأخرى ولكنه يفر من باب خلفي، ليكتشف المشتري أن لا وجود لأحد في المنزل وأنه مستأجر لمدة أسبوع..
وآخر قصص الاحتيال هذا الأسبوع وقعت على مواطن عربي عرضت عليه قطعة أرض ثمينة بثمن منخفض فقام بتسليم محتال مائتي الف دولار عربون لحين اتمام الثمن واجراء التسجيل، فاختفى المحتال بعد قبض المبلغ وجرت الملاحقة.. الخ.
مواطنون متعلمون يبيعون -وقد أعماهم الطمع- فيسلمون مالهم للنصابين ويبخلون في استشارة محام بمائة دينار أتعاب استشارة قبل أتمام العملية ليقوم المحامي بالتدقيق في الأوراق قبل ان يقع الفأس بالرأس.. فارحموا عقولكم وعقولنا..