عندما كتبت في هذه الزاوية عن تأجيل دفع المساعدات الأميركية للأردن بانتظار الوفاء بشروط محـددة ، كنت اعتمـد على مادة منشـورة في أكثر من وسيلة إعلام محلية ، تعطي تفصيلات لتلك الشروط ومنها: الشـفافية وبناء مدارس وإعادة تأهيل مستشفيات وموضوعات تخص تمكين المـرأة والشباب.
بهذه التفصيلات المحـددة من حق القارئ أن يصدّق ما يقرأ ، لأن مختلـق الخبر لغرض ما لا يأتي عادة بتفصيلات تدعـو للتصديق. مع ذلك فإننا نأخذ بما أوضحه وزير التخطيـط من أنه ليس هناك تأجيل لدفـع المساعدات الأميركية المقررة ، وأن الاتفاقية ستوقع هذا الشهر ، وسـيتم الدفع قبل نهاية السنة كالمعتـاد.
في هـذا المجال ذكر لنا وزير تخطيط سابق أن ما قـد يصدر عن السفارة الأميركية من تصريحات وتسـريبات تتبناها وتنشـرها وسائل إعلام بحسـن نية ودون تمحيص ليست بالضرورة صحيحـة والأسباب واضحـة:
المساعدات المالية الأميركية للأردن لا تخـرج عن أربعة مسارب: أولها: الجانب العسـكري ويتمثل في تجهيزات ومعدات ووسائط نقـل مقدمة من الطرف الأميركي ولا تحتاج أميركا لمن يعلمهـا بها ، وثانيها مقـدم للموازنة العامة ويستخـدم لتخفيض العجـز ولا يحتاج لتفسير أو تبرير ، وثالثها يخص تمويل مشاريع اقتصادية يتم الصرف عليها من قبل الجانب الأميركي مباشرة ، بل إنه كوزير تخطيط كان يطلب من السـفارة معلومات عن هذه المساعدات ونتائجهـا ولا يحصل عليها. ورابعها يمثل دعماً لما يسـمى مؤسسات المجتمع المدني ، وقد فطنت الحكومة مؤخـراً لطلب تقارير من تلك المؤسسات عما فعلتـه بتلك المساعدات التي لا قول للحكومة في تخصيصها أو تحـديد وسائل إنفاقهـا.
يذكـر أن جانباً هاماً من المساعدات الأميركية يصرف لصالـح شركات أميركية تقـوم بأعمال التنفيـذ أو الإشراف أو إعـداد الدراسات والتقارير ، ولا تدخل ميزان المدفوعات الأردني.
هذه هي الصورة الحقيقية ، وعلى ضوئها من حقنـا أن نطلب من السفارة الأميركية التي تعلن عن حجـم مساعداتها السـنوية للأردن أن تنشـر تفصيلاً يوضح أوجه صرف تلك المساعدات ، والجهات التي استفادت منها ، والمشاريع التي نفذتهـا ، والنتائج التي أسـفرت عنها.
أميركا تقـدم للأردن مساعدات ماليـة تستحق الشـكر ، ولكن الأردن يقـدم لأميركا خدمات تستحق التقديـر.