فاروق بدران غصن أصيل يهتصر من دوحة الإخوان رحمه الله

فاروق بدران غصن أصيل يهتصر من دوحة الإخوان رحمه الله
أخبار البلد -   اخبار البلد-
 
بدأتُ أسمع به أواسط الستينيّات من القرن الماضي، وأنه أستاذ علم ودعوة ورجلُ موقفٍ وفكرةٍ. ثُمَّ رحتُ أتعرّف إليه بعض الشيء في السبعينيات من القرن نفسه، ومن ثَمَّ أكثرَ وأكثرَ على قلةٍ في اللقاءات الدعويّةٍ أو غيرها، لتباين الأمكنة والمواقع وطبيعة الأعمال والاختصاصات. غيرَ أنّه ما كان يُذكَر في مجلسٍ دعويٍّ، إلاّ على أنّه ابنُ العروبة والإسلام ونِتاج دعوة الإخوان التي يُؤمن بها أجلّ إيمانٍ، ويُكِنُّ لها كُلَّ توقيرٍ واحترامٍ، داعياً للثبات على أفكارها والتمسُّك بوشائجها، مُكبِراً لها ولرجالها.
نشأَ الأستاذ فاروق الذي وُلِدَ في مدينة السلط سنة 1932م في أسرة مُسلمة ملتزمة وفي بيئةٍ متعلِّمةٍ مُثقفةٍ. فوالده عبد الحليم بدران كان من أوائل مَنِ افتتحَ صيدليّةً في الأردنّ، وذلك في السلط سنة 1928م. وقد بدأ تعليمه المدرسي إلى أنْ أنهاه في أكبر ثانوية في الأردنّ هي ثانوية السلط التي تخرّج فيها كبارُ رجالات البلد من أساتذة ودُعاة ومُفكِّرين ووزراء ورؤساء وزارات. وكان معروفاً عن أسرته رحمه الله، رجالاً ونساءً منذ وقتٍ مُبكِّرٍ حرصُهم على التكلُّم باللغة العربية الفصيحة، كما أنَّ والده كان من أوائل المنتسبين لدعوة الإخوان الداعينَ لها والمتسلِّمينَ يوماً لنيابة شعبتها.
ولقد طَوَّفَ الأستاذ فاروق في بيئاتٍ علميّةٍ متعدّدةٍ، كما تنقّل في بيئاتٍ عمليّةٍ عدّة، ومن ثَمَّ مواقع وظيفية شتّى داخل الأردنّ وخارجه. فبعد أنْ أنهى تعليمه الثانوي سنة 1951م، سافرَ إلى مصر للدراسة هناك سنة 1952م وذلك بداية عهدها بالثورة، ومن ثَمَّ انتقلَ – لظروف سياسية – للدراسة في بغداد بتخصص الزراعة، حيث تخرَّجَ فيها سنة 1959م. وبعد العودة إلى الأردن شَغَلَ مناصبَ مختلفة: مدرِّساً في الضفَّتَيْن، ومديراً لثانوية السلط، ومن بعدُ مديراً للتربية والتعليم في لواء البلقاء. وفي خارج الأردن عَمِلَ في قطر في المناهج، وبُعِثَ إلى بريطانيا لدراسة نُظُم الامتحانات، إلى غير ذلك من الأعمال، وآخرها مسؤولاً لجمعية العفاف الخيرية.
وسأشير في كلمتي هذه عن الأستاذ الكريم رحمه الله إلى أربعة أحداث كان لها في رأيي، دلالاتُها الكبيرة فيما نحن فيه من معانٍ فكريةٍ وسياسيةٍ ودعويةٍ. أحدُها - وقد أشرتُ إليه في مقالٍ سابق – أننا دُعينا بتوجيه من الإخوان أواسط الثمانينيات المنصرمة إلى جلسة في المركز العام بعمان. أنا العبدُ الفقير إلى الله تعالى وهو والدكتور عبد اللطيف عربيات ولعلّ الرابع الأستاذ زياد أبو غنيمة رحمهم الله جميعاً، وذلك للتدارس بشأن الكتابة في الصحف ووجوب تنميتها والاهتمام بها والاستمرار فيها خدمةً للدعوةِ والدعاة والوطن والمجتمع. وأذكر أنّه كان لقاءً خَيِّراً وإيجابياً إلى حدٍّ بعيد، تعاهدنا فيه على المضي في الدرب. وقد كنتُ حينها ومن وقتٍ سابق أكتب في عدد من الصحف المحلية مقالاتٍ متنوعةً: فكرية وسياسية وأدبية واجتماعية. 
والحدث الثاني وقد يكون له أهميته كالأول أو أكثر، وكان قبل سنةٍ تقريباً، إذِ التقيتُه في قاعة مطعم جبري – شارع وصفي التل بدعوةٍ من حزب جبهة العمل الإسلامي لانتخاب أمينه العام، وعددتُها فرصةً سانحةً أنْ أراه وأجلس إليه بعض الوقت للحديث في أمور الفكر والدعوة والكتابة. ولقد بادرني بأنّه يُتابع مقالاتي في جريدة السبيل بكُلِّ دقة واهتمام، وعندما سألته أتقرؤها كُلَّها؟! قال لي: حرفاً حرفاً، مما جعلني أُكبره أكثرَ وأكثر. وكان ذلك مما شجَّعني على المضي في الكتابة. ومما زاد تقديري له رحمه الله، أنَّ أحدهم قال له عن مقالاتي: ولكنّها طويلة، فردَّ عليه: وما الضير في ذلك؟! إنَّ هناك في الأدب القصةَ القصيرةَ والقصةَ الطويلةَ. والطولُ بعدُ، قد يقتضيه إتمام الفكرة ومعالجتها من مختلف جوانبها حتى تستويَ وتتكامل.
والحدث الثالث هو أنّني لمّا أصدرتُ كتابي عن الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة المراقب الأسبق للإخوان المسلمين في الأردنّ قبل عامٍ، بعنوان: (فرائد القلائد من كلمات أبي ماجد) خصصْتُه بنسخةٍ منه إهداءً لشخصه الكريم لِمَا أعرف عنه من حُبِّه للقراءة والرغبة في متابعة شؤون الدعوة ومعرفةٍ بقادتها الكبار هنا وهناك. ومنهم أبو ماجد ولا شكّ. وبعد أشهرٍ أردفتُه هديّة له بكتابي الثاني عن مؤسس الدعوة في مصر حسن البنا رحمه الله، بعنوان: (حسن البنّا الرجل الذي أحيا أُمّة في الذكرى المئوية لولادته). وقد علمتُ في حينها أنّ الرجلَ يُعاني من الآلام، إذْ ثَقُلَتْ حركته وتهدَّجَ صوته، ولكنّ العزيمةَ الوثّابةَ كانت ما تزال تخالط نفسه حتى المُشاش: حُبّاً للدعوة وثباتاً عليها والتزاماً بفكرها وأنظمتها وقوانينها. وقد عزمتُ حينئذٍ على زيارته في بيته مع ولدي الدكتور أيمن، ولكنَّ الأقدارَ جَرَت بما لا نشتهي، رحمه الله.
والحدث الرابع مما يتعلّق بمعرفتي بالأخ فاروق، أنَّ شقيقه المهندس الكهربائي الدكتور علي بدران كان زميلي في الدعوة في إربد وفي التدريس بجامعة اليرموك سنوات الثمانين الأولى من القرن الغارب. وقد كُنّا وإياه ممَّنْ وقع علينا وعدداً من الإخوان وغيرهم الفصلُ من الجامعة نفسها إثرَ أحداثها المشهورة. وكان مِمَّنْ فُصِلَ كذلك رئيس الجامعة ذاتها الدكتور عدنان بدران وهو ابن عمّ فاروق وعلي وإخوانها لَحّاً. غيرَ أنَّ عدنان سرعان ما عاد إلى العمل وزيراً، وبقينا نحن حتى عُدنا بداية التسعينيات من القرن عينه. أما فصلنا نحن بالذات فكان ظلماً وعدواناً، ولم ينفعنا حينها نحن الإخوانَ ماضينا وحاضرنا المشرِّفان في خدمة البلد والحفاظ على أمنه والعمل على تربية أبنائه التربيةَ القويمةَ والارتقاء بمستواه بكُلِّ صدقٍ وإخلاصٍ، ولكنّها ضريبةُ الدعوةِ إلى الله ونحن عالمون بذلك ومؤمنون به!!
رحم الله أخانا فاروقاً أبا عمر الذي وافاه أجلُه الأحد (25/8/2019م)، وقَبِلَه عنده في جنّات عليِّين. فقد كان الرجلُ – أحسبه كذلك ولا أزكِّيه على الله – قمّةً في الأدب والأخلاق، وأستاذاً في التربية والتوجيه، وطليعةً في أعمال المعروف والإحسان، وعَلَماً في الثبات على الدعوة ومبادئها ونُظُمها. ومن هنا أحببناه، وخاصّةً عندما نشأتْ في الأوساط اختلالات كادت تعصفُ بالجمع. غير أنها باءت بالخيبة، ومضتِ الدعوة بفضل الله قويّةً شامخةً. وعزائي والحركة الإسلامية في إربد خاصّةً لأهله وأصهاره وأشقّائه من آل بدران وآل شاكر، ولأبنائه الأعزّاء: عمر وعبد الحليم والدكتور محمد، وبناته: بيان وسيرين والدكتورة إيمان. ومنّي هذه الأبيات هديةً وتحيّةً لجدثه الطاهر:
أَنْعاكَ يا فارُوقُ للأَدَبِ الذِي
قَدْ كانَ فِيكَ عَلامَةً وَوِساما
تَدْعُو إِلَى اللهِ العَظِيمِ عَلَى هُدَىً
يَهْدِي لِكُلِّ العالَمِينَ سَلاما
ويُبَصِّرُ السارِينَ فِي غَسَقِ الدُّجى
بالنَّهْجِ قَصْداً يُقْتَضَى وَقَواما
فاجْتَزْتَها تِلْكَ الثَّمانِينَ الَّتِي
قَدْ صُنْتَ فِيها للصِّحابِ ذِماما
ولَقَدْ أَسِينا إِذْ تَغَوَّرَ كَوْكَباً
مِنْ بَيْنِنا صَلْتَ الجَبِينِ حُساما
لَكِنَّهُ قَدَرُ الإِلَهِ المُرْتَضَى
تَعْنُو لَهُ جَبهاتُنا اسْتِسْلاما
فاذْهَبْ حَمِيداً يا أُخيَّ وبُورِكَتْ
تِلْكَ السِّنُونُ قَضَيْتَها هَمّاما
تَسْعَى لِبِرٍّ فِي أُمُورٍ عِدَّةٍ
قَدْ كُنْتَ فِيها رائِداً وإِماما
وإِلَى الجِنانِ وفِي الفَرادِيسِ العُلا
بِجِوارِ رَبِّكَ مَنْزِلاً ومُقاما
فَلَئِنْ مَضَيْتَ لَقَدْ تَرَكْتَ مَسِيرَةً
عِطْراً تَفُوحُ كَما تَفُوحُ خُزامَى
وإِلَى اللِّقاءِ عَلَى حِياضِ المُصْطَفَى
نَحْظَى بِرَحْمَةِ رَبِّنا إِكراما
ومع السلامة أخي أبا عمر، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
شريط الأخبار العماوي: شكلنا لجنة لتقييم نتائج الانتخابات ومعالجة السلبيات لتجاوزها في الانتخابات اللامركزية والبلديات وزير التربية:الهجوم على دروس الأغاني والمطربين "مسيّسة" إنهاء خدمات موظفين في الصحة .. أسماء وزيرة النقل تلتقي ممثلين عن العاملين بالسفريات الخارجية وتستمع لمطالبهم 48 محامياً يؤدون اليمين القانونية أمام وزير العدل "دعيبس" يعري وزارة الثقافة بدموع سكبها بغزارة في دار المسنين نقيب المعاصر يُطلق صافرة بدء موسم الزيتون: جاهزية كاملة وأسعار ثابتة رغم التضخم وزير الطاقة: الأردن يمتلك قطاع طاقة متميز نتنياهو يأمر ببناء حاجز على الحدود مع الأردن الرياطي والنمور لرئيس سلطة العقبة: أوقفوا الدعايات الخادشة للحياء وحاسبوا من عرضها !! وثيقة الملخص اليومي لحركة تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاثنين .. تفاصيل رئيس مجلس ادارة شركة تعدين كبرى سيترك منصبه قريباً !! الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة مجددا.. طيران الاحتلال يشن سلسلة غارات عنيفة على جنوب لبنان من نيويورك.. هذا ما قاله الملك دموع المخرج الشهير حسين دعيبس تجتاح التواصل والحكومة تتحرك طقس لطيف فوق المرتفعات اليوم وتحذيرات من خطر الانزلاق بالمناطق الماطرة "نقابة معاصر الزيتون" تعلن جاهزيتها اتحاد العمال يلتقي وزير العمل .. والفناطسة: نطالب بسحب تعديلات قانون العمل وفيات الأردن اليوم الاثنين 23-9-2024