في الأخبار أن وزراء خارجية الدول الثماني الكبرى وعدوا في اجتماعهم الأخير بباريس (تقديـم) 38 مليار دولار خلال ثلاث سنوات 2011-2013 إلى بعض دول الربيع العربي: مصر وتونس والأردن والمغرب لدعم الإصلاحات الديمقراطية.
إذا تحقـق هذا الوعد فإن عشرين مليار دولار أي حصة الأسـد سـوف تذهب لمصر، وسـتكون حصة الأردن هي الأقل، ولكن القليل جيد ومرحب به ولو كان يخص المستقبل.
المشكلة أن كلمة (تقديـم) لا تعني (منح) كما قد يخطـر بالبـال، فهذه الدول تبدي اسـتعدادها لإقراض الدول العربية، مع أن القروض متاحـة لها بدون قرارات سياسـية. وفي ظل انخفاض أسعار الفائـدة عالمياً فإن كلفـة القروض السـهلة لا تقل كثيراً عن كلفـة القروض التجارية، فالمشـكلة هنا تكمن في ارتفاع المديونية والتداعيات الناشئة عن تلك المديونية التي تؤثر سلباً على قرارات المستثمرين.
لا بد من ملاحظة أن القرار سياسـي وليس ماليـاً، بدلالة صدوره عن وزراء الخارجية وليس وزراء المالية أو رؤساء الحكومات، وأن كل الدول الثماني تعانـي من ارتفاع المديونيـة وتطبق برامج تقشـف قاسـية، وخاصة الدول الأوروبية في منطقة اليورو، ولذا فلا يجوز أن نتوقع الكثير من السـخاء.
تدل السوابق على خطورة الاعتماد على وعود مسـتقبلية كهـذه، فهناك مؤتمرات عربية ودولية قررت (تقديـم) مئات المليارات من الدولارات إلى فلسطين ولبنان وغيرهما، ولم يتحقق شـيء منها لأن لها شـروطاً صريحة وضمنية قلما تتحقق. هناك سخاء عربي ودولي في جانب الوعود المستقبلية، وإنجاز محـدود للغاية في جانب التطبيـق والالتزام.
فيما يخص الأردن فإن علينا أن نرتب بيتنـا الداخلي بالدرجة الأولى، فلا يعتمد مسـتقبلنا على ما قد يقدمه لنا الآخرون، فإن قدمـوا مشكورين فإن ما نحصل عليه من منح يجب أن يقلل حاجتنـا للاقتراض ويخفض مديونيتنـا.
بهذه المناسبة وعـدنا وزير المالية بأن النمـو الاقتصادي لن يزيد كثيراً عن 3%، وأن الحكومة سوف تصدر في العام القادم صكوكاً بمليـار دولار، وأن الإنفاق العام هذه السنة سيرتفع بأسرع من نسـبة النمو الاقتصادي بالأسعار الجارية ليناهز سـبعة مليارات من الدنانير أو 35% من الناتج المحلي الإجمالي، فهل هـذه خطتنا وطموحاتنا لهذه السـنة والسـنة القادمة؟.