اتضح من الجلسة المشتركة لمجلس الأمة أن المجلس والحكومة يدركان عيوب ومحدودية مشروع قانون البلديات، لذلك، أدعو لتأجيل الانتخابات البلدية وبذل الجهود الصادقة، وبالاستئناس، برأي خبراء التنمية المحلية وأصحاب التجربة وزراء ورؤوساء بلديات، لتقديم صيغة جديدة لمشروع قانون للبلديات يطور القطاع البلدي ويؤسس لإدارة محلية حقيقية قوامها التنمية الشاملة ومشاركة حقيقية للمواطنين في صنع قرارهم المحلي، وإعادة القطاع البلدي لدوره كرافعة للتنمية الشاملة وكحاضنة تفريخ للقيادات الوطنية المتواصلة مع مواطنيها وناخبيها، تاركين للناخبين حرية الانتخاب بدون لبس وتدخلات.
إن أسبابي لتأجيل الانتخابات البلدية، تتلخص بأن مشروع القانون الحالي يتجاهل التاريخ الناصع للقطاع البلدي والإدارة المحلية الأردنية، ويكرس حالة الفشل الماضية، بينما بلديتا إربد والكرك قائمتان منذ أكثر من مائة عام، كوحدتي إنتاج محليتين ميدانيتين لتصنيع القيادات الوطنية.
ولأن مشروع القانون الحالي لا يعالج خلل وجود مجالس استشارية ومجالس تنفيذية وحكام إداريين وسلطة مناطق تنموية، فيأتي المشروع ليضيف إليها مجالس بلدية منزوعة الموارد، ليستمر مسلسل مكاسرة الأيدي فيما بينهم.
ولأن مشروع القانون الحالي يؤكد دور السلطة التنفيذية بتكبيل المجالس المحلية ورؤسائها من خلال سيطرة وزارة الشؤون البلدية على كل صغيرة وكبيرة في البلديات، لتصبح مخرجات العملية الانتخابية صورة مشوهة للديمقراطية وللإدارة المحلية.
ومشروع القانون الحالي لا يعالج الخلل التنموي القائم؛ حيث يقطن أكثر من 40 % من سكان الأردن في محافظة العاصمة، في مقابل انتكاسة تنموية في بقية المحافظات بفقرها وبطالة أبنائها، أرخت بظلال سوداء على كامل تراب الوطن.
ولأن مشروع القانون لا يعالج الجانب المالي للقطاع البلدي، ويبقيه منكسرا تحت سيطرة وزارتي المالية والشؤون البلدية وبنك تنمية المدن والقرى، وتحت رحمة إعلانات وزير الشؤون البلدية بالتبرع لهذه البلدية حينا وتلك البلدية أحيانا أخرى، فإن ذلك يجعل الصورة كاريكاتيرية صعبة التصديق، بينما المجالس التي سيتم انتخابها ستتسلم بلديات مفلسة ومطالب كبيرة.
ولأن مشروع القانون مقطوع الصلة بأحداث الربيع الأردني ومطالب الإصلاح التي تنفجر أسبوعيا منذ أشهر في الكرك ومعان والطفيلة وإربد والسلط ومادبا وعمان، فإنها تطالب بدور لها في صنع القرار.
السادة الأعيان والنواب والحكومة، لا تتنازلوا لبعضكم عن تسمية مشروع القانون، وقدموا تنازلا للوطن بإعداد مشروع قانون بلديات وحكم محلي يحقق رؤية قائد البلاد بمبادراته التي ظلمتموها من "اللامركزية" إلى "تطوير المحافظات" إلى "تطوير الطفيلة" إلى "سكن كريم"، بدلا من إصراركم على تغميض أعينكم عن دروس السنوات الماضية وكأنكم من كوكب آخر، شاغلين أنفسكم بمعارك غير معارك المواطنين، وقبل أن تصبح الفجوة بينكم وبينهم غير قابلة للعبور.