قراءة في السياسة الخارجية الأردنية

قراءة في السياسة الخارجية الأردنية
أخبار البلد -  


يقود السياسة الخارجية الأردنية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله بحكمة واقتدار ورؤى ثاقبة، ويسعى لتحقيق الإنجازات المتوالية للوطن والأمتين العربية والإسلامية من خلال الإرتكاز على ثقة دول العالم به وعلاقاته الدولية المتوازنة والوسطية والخالية من الغلو والتطرّف أو سياسة الأقطاب.
ونتائج نجاح السياسية الخارجية على الأرض حيث هنالك علاقات دولية ودبلوماسية عالمية متوازنة ومعتدلة دون تطرّف أو تعنّت في المواقف مع كل دول العالم، وحضور عالمي وعالي المستوى في كل المحافل (الدولية والعربية والإسلامية)، وإحترام الإلتزامات الدولية على كافة المحاور والدوائر العربية والإسلامية والدولية، وإستقرار وأمن ومعادلة المواءمة بين الأمن والديمقراطية وتجاوز الربيع العربي، وتوازن في العلاقات مع المحيط العربي والدولي، وهذا دليل على الإنفتاح الأردني وعدم التقوقع في إطار محاور قطبية بعينها، بالرغم من التحديات الإقتصادية الجسام وهجرات اللاجئين وغيرها كنتيجة لثوابت وطنية وقومية سياسية راسخة، كمسألة نقل السفارة الأمريكية للقدس، وبالرغم من التحديات السياسية بتهديدات صفقة القرن كنتيجة للمواقف القومية المشرّفة.
وتقوم مرتكزات وثوابت السياسة الخارجية الأردنية على عدة محاور سنتطرّق لها هنا، حيث المساهمة بفاعلية في مؤسسات العمل الأممي والعربي والإسلامي، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي بما يعود بالخير على المواطن الأردني والعربي والإسلامي، والمساهمة بفاعلية في مؤسسات العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية لتتعزز من خلالها العلاقات العربية- العربية في المجالات كافة بما يعود بالخير على المواطن العربي وبما يخدم القضايا العربية كافة، والمساهمة بفعالية في عمل الدائرة الاسلامية والعالم الاسلامي كأحد أهم المجالات الحيوية التي تستند إليها سياستنا الخارجية، وذلك من خلال السعي والعمل على تعزيز منظمة التعاون الإسلامي وتقويتها خصوصاً في إطار حشد الدعم والمؤازرة والمساندة للدور الهاشمي الحيوي والتاريخي بقيادة جلالة الملك في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية المحتلة، ودعم صمود أهلها حتى زوال الاحتلال الإسرائيلي عنها، ودعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والتصدي لمن يحاول إختطاف الدين الإسلامي وتشويه سمعته ويقترف جرائم إرهابية بإسمه، بالرغم من أنه دين عظيم يجلّ ويصون النفس البشرية ويحترم التعددية ويعلّي مكانة الإنسان وكرامته.
وهنالك إحترام للإلتزامات الدولية والعربية والإسلامية والمترتبة على عضويتنا في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي، بالإضافة لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والإحترام المتبادل، وبالقدر الذي نحرّم فيه على أنفسنا أن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول فإننا نرفض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية أو في الشؤون الداخلية لأي من الدول العربية.
والأردن يسعى دوماً لحل المشاكل العربية البينية داخل البيت العربي ورفض الاستقواء على الاشقاء بالتدخلات الأجنبية، وبدى ذلك جلياً في أزمات العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان وغيرها، بالرغم من التيه العربي والتصدع بالمواقف العربية-العربية وانغلاق سياسات كثير من الدول العربية على شؤونها الداخلية وتخلي الكثيرين عن قضايا الأمة والقضية المركزية القضية الفلسطينية، والمبدأ الراسخ بالإيمان بأن جوهر الصراع العربي-الإسرائيلي هو القضية الفلسطينية التي لا حل للصراع دون تسويتها من خلال حل الدولتين، ولذلك فالقضية الفلسطينية هي القضية المركزية والأولى بالنسبة للدولة الأردنية، والإيمان المطلق بأن حل الدولتين والسلام الشامل والدائم يتحقق فقط من خلال مفاوضات جادة وملتزمة ومبنية على المرجعيات الدولية للسلام ومبادرة السلام العربية بكل عناصرها في القمّة العربية في بيروت في العام 2002، وبالتالي ما يروّج له البعض فيما يدعى ب «صفقة القرن» والمُنادي باستخدام الأردن كمستوعب سياسي وسكاني للفلسطينيين المُهجّرين وهويتهم بما يُدعى «الخيار الأردني أو الوطن البديل» مرفوض بالمطلق رسمياً وشعبياً.
والإلتزام الراسخ بدعم القضايا العربية وحماية المصالح العربية الحيوية والذود عنها، وفي مقدمتها السعي لإنجاز حل الدولتين والذي بموجبه نتطلع لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لهذه الدولة المستقلة لتعيش بأمن وسلام في إقليم مستقر وآمن إلى جانب كل دول المنطقة وشعوبها بما فيها إسرائيل وفق معادلة الحل السلمي الشامل والدائم، وأن الحل النهائي للقضية الفلسطينية يجب أن يصون الحقوق الفلسطينية والاردنية كافة وخصوصاً ما يتعلق بقضية اللاجئين وحق العودة والتعويض ضمن رؤية مبادرة السلام العربية المستندة الى قرار منظمة الامم المتحدة رقم 194 وحق الدولة الاردنية بالتعويض، وقضية القدس التي يرعاها جلالة الملك أسوة باسلافه الهاشميين وكذلك قضية الحدود والأمن.
والأردن حليف إستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية حيث العلاقات المتنامية وبتوازن ملحوظ، وهنالك دعم كبير من الإدارة الأمريكية للأردن كنتيجة لهذه العلاقة، وأصبح الأردن حليفاً إسترتيتيجياً من خارج دول الناتو وهنالك إتفاقية تجارة حرّة ثنائية أيضاً وعلاقات ممتازة على كل الأصعدة.
أما بخصوص الأزمة السورية فالأردن ساند ومنذ البداية لكل الجهود الدولية الرامية إلى إعادة الاستقرار لسوريا الشقيقة ووقف القتال وإنهاء المظاهر المسلحة وأن يتم تنفيذ الإصلاحات الموعودة والمنشودة على الأرض درءاً لأي تدخلات خارجية وصوناً لوحدة سوريا وإستقلالها السياسي وعدم التدخل بشؤونها الداخلية، وفيما يتعلق بالعراق، فالمصلحة الوطنية الأردنية تستدعي أن يكون هناك عراق قوي وموحّد وفق الصيغة التي يرتئيها أبناؤه، ولذلك لاحظنا تطوّر وتنامي العلاقة الثنائية مع العراق الشقيق على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية، لكننا نلحظ أن غياب العراق كقوة أقليمية هو خطر على الأمن القومي العربي.
وهنالك سعي لمأسسة العلاقات الثنائية الوطيدة والممتازة التي تربطنا بكل دولة من دول الخليج العربية الشقيقة في إطار جامع مع مجلس التعاون لدول الخليج العربي التي نعتبر أمنها وإزدهارها وإستقرارها ركيزة أساسية من ركائز الأمن الوطني الاردني والعربي، ويحاول الأردن بشكل عام لعب دور المعتدل في المنطقة، وهو ما ينسجم مع رؤية العديد من الدول ذات الدور الإقليمي التي تمتلك مشاريع بالمطقة، وخاصة تركيا، حيث تعمّق التقارب مع تركيا وبتوازن رغم الإبقاء على تحالفات المملكة مع المعسكر السعودي-الإماراتي، في خطوة دبلوماسية بإمتياز لجمع ملفات متناقضة في حقيبة واحدة، وكنتيجة للدبلوماسية الملكية الناجحة والمشاركة في قمة مجلس التعاون الإسلامي، مما أدّى أن دعمت تركيا عمّان في موقفها المناهض لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
بالمقابل كنّا نتباعد في نفس الوقت إلى حد ما عن اللاعب الإقليمي الآخر في المنطقة، وهو إيران، حيث ما لبثت العلاقات الثنائية أن تدهورت بشكل كبير اثر إعلان الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 ووقوف الأردن إلى جانب العراق، لكنها بدأت تعود تدريجياً إلى طبيعتها منذ منتصف التسعينات، كنتيجة لهذا الموقف، والعلاقة الآن في تنامي وصعود، ومع ذلك فالأردن ينتهج سياسة خارجية متوازنة ومعتدلة مع هذه الدول دون تمحور أو قطبية كي لا تؤثّر على حضوره ودبلوماسيته الدولية.
أما بالنسبة لعلاقة الأردن بروسيا والمعسكر الشرقي بشكل عام، فقد كان يسودها الفتور في أغلب الأحيان - وخاصة مع الإتحاد السوفيتي ومن ثم روسيا لاحقا-، لكنها تحسنت كثيراً في الوقت الحاضر وبجهود جلالة الملك من خلال التعاون العسكري والعلاقات الدبلوماسية والمباحثات السياسية وفي مجالات بحوث الطاقة النووية والسياحة وغيرها.
ويشارك الأردن بشكل فعّال في قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، حيث تصدّر قائمة الدول المشاركة في القوات الدولية من حيث حجم المشاركة، وكما أنه شارك أيضاً في محادثات السلام المتعددة الأطراف في إطار الاتحاد الأوروبي، في عام 1996 توصّلت الولايات المتحدة والأردن إلى اتفاق جعل الأردن حليف رئيسي خارج الناتو، وهنالك اتفاقاً للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وهنالك العديد من المشاركات الدولية للأردن في شتّى المجالات.
ويسعى الأردن كذلك وبجهود ملكية حثيثة لتعزيز علاقاته الاقتصادية والتجارية مع العالم والسعي لجعل الأردن مركزاً اقتصادياً واستثمارياً بالبناء على المفهوم الإصلاحي الشامل والاستراتيجي لجلالة الملك، وذلك يهدف لخلق فرص عمل جديدة للأردنيين وتحسين مستويات معيشتهم، وذلك من خلال تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة لمشاريعنا الكبرى في قطاعات المياة والطاقة والنقل والبنى التحتية وغيرها، وجذب الاستثمارات لها عملاً بمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك لتسويق المنتجات والكفاءات الأردنية في الخارج.
وأخيراً، فإن هنالك تأثيرا واضحا لمجموعة من المحددات والعوامل الداخلية والخارجية، الإقليمية والدولية، والتي اغتنمها جلالة الملك بدبلوماسية فذّة وحكيمة لغايات تطوّر السياسة الخارجية الأردنية، وأن العامل الاقتصادي كان أهم مؤثر في السياسة الخارجية الأردنية على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية خلال العقود الأخيرة.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق
mobaidat@just.edu.jo

 
شريط الأخبار فيديو || المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في "إيلات" هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة أمريكية في سوريا الجيش: صاروخ من نوع "غراد" سقط في الموقر مجلس الوزراء يقر نظام القيادات الحكومية لسنة 2024 رسالة حادة من وزير الخارجية لدولة الاحتلال الحوثيون: استهدفنا مطار بن غوريون أثناء وصول نتنياهو سوريا عن اغتيال نصر الله: الكيان يؤكد على سمات الغدر والجبن والإرهاب فرض حصار عسكري على لبنان... وإلقاء 3500 قنبلة خلال أسبوع فيديو || حالة ذعر بين الإسرائيليين في الشوارع والشواطئ ومطار "بن غوريون" بسبب صورايخ من اليمن هيئة الطيران المدني: نحو 400 طائرة عبرت وهبطت وغادرت الأردن الجمعة من التخطيط إلى "الطُعم" فالتنفيذ... هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصرالله القوات المسلحة تنفذ إنزالا جويا جديدا لمساعدات على جنوب قطاع غزة وزير الداخلية يتفقد جسر الملك حسين وزير الخارجية يبحث مع نظيره السوري أمن الحدود ومحاربة تهريب المخدرات الرجل الثاني بحزب الله.. من هو هاشم صفي الدين الأوفر حظا لخلافة نصر الله؟ رجل دين شيعي تنبأ باغتيال نصر الله.. فيديو يشهد تداولاً كبيراً حماس تنعى حسن نصرالله وإخوانه حزب الله: سيد المقاومة نصر الله على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء بعد 30 عامًا من الجهاد والتضحيات حزب الله يعلن بشكل رسمي استشهاد حسن نصر الله "صناعة عمان" تنظم ورشة تعريفية ببرامج دعم التشغيل بالتعاون مع "العمل" و"المهندسين"