تشي رسالة النائب بسام حدادين إلى رئيس الوزراء بالأمس بملامح لسيناريو مقلق لدوائر القرار حول "المحطة النيابية" في التشريعات الرئيسة، التي من المنتظر أن تمرر إليها لإقرارها خلال الأسابيع المقبلة.
في الرسالة، يدعو حدادين رئيس الوزراء إلى أخذ رأي مجلس النواب قبل إرسال التعديلات الدستورية إلى المجلس، حتى يتسنى للمجلس أن يقترح ما يراه من تعديلات، ضمن السقف الحالي المطروح، لا أن يفرض عليه فقط مناقشة التعديلات المرسلة من الحكومة والتصويت عليها.
يطالب حدادين بمزيد من الوقت قبل تمرير التعديلات لمجلس النواب. وهي ملاحظة لا تخصه وحده، فالزميل جميل النمري وربما عدد آخر من النواب والأعيان لديهم ملاحظات وتصورات حول التعديلات الدستورية المقترحة، وهي مقترحات ليست ثورية، كما وصفها حدادين نفسه.
رسالة حدادين تعكس "المزاج النيابي" عموماً، ويمكن أن نلمسه من أحاديث النواب وشجونهم، إذ يشعرون أنّهم، كما وصف حدادين الوضع، بمثابة "تحصيل حاصل" عند التفكير في تمرير التشريعات الأساسية الحالية، من دستور وقانوني انتخاب وأحزاب.
هذا المزاج نفسه هو الذي يقلق دوائر القرار بأنّ المجلس ربما يعرقل ويؤخر التشريعات المطلوبة، على قاعدة "الثأر للنفس"، سواء من هذا الشعور بالتجاهل أو حتى السيناريو الذي بات محسوماً بانتخابات نيابية مبكرة في العام المقبل، كما صرّح رئيس مجلس النواب نفسه، فيصل الفايز، فجعل ما يتم الهمس به في الأروقة قضية معلنة وصريحة!
الخشية لدى دوائر القرار تتجاوز التعديلات الدستورية إلى إقرار قانون الانتخاب، الذي قد يعمل النواب فعلاً على تأخيره وعرقلته "كسباً للوقت"، وعند ذلك فليس من السهل بمكان أن يقوم صانع القرار بحل المجلس وأن تصدر الحكومة قانون الانتخاب بصفة مؤقتة، وفقاً للتعديلات الدستورية الجديدة (التي من المفترض أن تكون قد أقرت) وتحدّ كثيراً من صلاحية الحكومة لإصدار القوانين المؤقتة.
هذه "المعضلة" في التعامل مع المزاج المحبط والساخط في مجلس النواب تستدعي من الحكومة أن تنصت جيداً لأعضاء المجلس وأن تتحاور معهم بصراحة، خارج القبة، حول التعديلات الدستورية والقوانين المطروحة، وألا تزيد من هذه المشاعر المحبطة، بخاصة أنّ نسبة لا بأس بها من النواب تدرك تماماً أنه لا أمل لها بالعودة تحت القبة مع مشاريع قوانين الانتخاب المقدمة، وتلاشي الدوائر الصغيرة والوهمية.
الرسالة التي تحملها الحكومة للنواب للتعامل مع سيناريو "الانتخابات النيابية المبكرة" -بعد أن صرّح رئيس المجلس، فيصل الفايز، بذلك- تتمثل في أنّنا أمام مرحلة جديدة في المنطقة بأسرها، وأن هنالك نظماً تتحول وتتغير وتسقط، ونظماً أخرى تتطور، ما يستدعي الدخول في "وصفة" التحول الوطني، وهذا لن يمس فقط مجلس النواب، بل الدستور والمعادلة السياسية بأسرها ونمط تشكيل الحكومات، وذلك يعني أنّنا جميعاً معنيون بإنجاح التحول الأردني الهادئ الواعي نحو المرحلة الجديدة.
ذلك يستدعي أن تمنح الحكومة أعضاء المجلس مساحة خاصة من "الإنجاز"، ليشعروا أنّهم جزء أساسي من هذه اللحظة التاريخية، سواء في التعديلات الدستورية أو القوانين المقترحة، بأن تتشاور معهم قبل أن ترسل هذه التشريعات، لتشجيعهم على المسارعة في العملية، بدلاً من عرقلتها.
أحسب أنّ حواراً في اللحظة الراهنة مطلوب مع أعضاء من مجلس النواب وقوى سياسية، كالجبهة الوطنية للإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين، وغيرهم حول التعديلات الدستورية والقوانين الجديدة، أولاً لردم فجوة الثقة، وثانياً لمحاولة إشراك الجميع وتحسين نوعية المخرجات بصورة توافقية عامة، وهي عملية ليست صعبة كثيراً.
تحصيل حاصل!
أخبار البلد -