ضحكت لبرودة فكرة صديقي، وقلت ممازحاً: ربما سنفكر بأكبر حمام (ساونا) في العالم!، يجعل بلادنا مشتى مميزاً يقصده السواح من كافة أرجاء المعمورة، أو أننا سندفئ البحر الأحمر ليكون ساخناً كطنجرة مضغوطة؛ فنأكل الأسماك الملونة والجمبري والأستكوزا دون عناء الطبيخ والنفيخ!!. أو ولربما سنستغني عن فاتورة الطاقة التي صهدتنا بلهيبها.
وفكرة الحرارة الناشئة من تلاصق الأجساد ذكرتني بفيلم سينمائي غريب، حضرته قبل سنوات تاه فيه ثلاثة رجال بصحراء سيبيريا الجليدية بلا نار أو أغطية، وعندما شارفوا على تخوم الموت تجمداً، اقترح أحدهم أن يتعانقوا ويتراصوا، فهذا سيعطيهم مزيداً من الحرارة!!: فنفذوا الاقتراح، وبالعناق استطاعوا البقاء على قيد الحياة.
والآن أتذكر السؤال الافتراضي الطريف، الذي طرحه علينا أستاذ الحرارة، ذات درس: كيف تستطيع أن تبقى على قيد الحياة، لأطول فترة ممكنة، إذا حكم عليك بالموت حبساً في ثلاجة بحجم غرفة؟!. البعض من الزملاء اقترح أداء التمارين السويدية أو الركض، وقال آخر: ما على هذا الإنسان، إلا أن يتمدد على ظهره، ويبتهل بالدعاء الحار إلى الله؛ كي ينقطع التيار الكهربائي، فضحكنا بحرارة وضحك الأستاذ ببرود!!.
التصرف الفيزيائي الحكيم، الذي على هذا الشخص القيام به ليؤخر موته، لحين من الزمن، هو أن يتكور على نفسه ويقرفص!، فالشكل الكروي يحافظ كثيراً على حرارة الجسد: ألم تلاحظوا القطط وهي تتكور على ذاتها أيام البرد؟؟!!.
وطننا العربي الذي كان محشوراً في ثلاجة الموتى، ثلاجة لا يترجى انقطاع كهربائها. ربما كان سينصاع لقانون الحكمة الفيزيائي، ويتكور على ذاته، منتظرا موته المحقق. مع أن بعض العرب عمدوا إلى النطنطة والركض على الواقف، والرقص على حبال ضحك الذقون، مبددين حرارتهم الداخلية.
العرب في هذا العام الثوري، عام الوقوف العربي، وعام رمي العكاكيز، العرب خرجوا على مبدأ (امشِ الحيط الحيط، وادعو يا رب الستر)، وحتمية (حُط راسك بين الرؤوس وقل يا قطاع الرؤوس)، ولم ينصاعوا لحكمة قانون الفيزياء، الذي يأمرهم بالتكور والتقرفص والانكماش. العرب فكروا بثورية ثائرة حينما ذهبوا إلى باب الثلاجة، وخلعه من جذوره، وخرجوا للشمس.
ramzi972@hotmail.com
شكراً للذين خلعوا باب الثلاجة
أخبار البلد -
قال لي بلغة علمية: هل تعلم أن جسد الإنسان يطلق حرارة في كل ساعة، تكفي لغلي لتر واحد من الماء؟!. وبعدما قلبت شفتي عجباً، أضاف هامساً: فماذا لو تعانقنا، وتراصصنا، وتجمعنا ككتلة واحدة موحدة وجسد واحد؟!. ماذا سنفعل بكل ذلك الماء الساخن المتدفق؟!.