من يقرأ المقابلـة التي أجراها الزميل سلامة الدرعاوي مع وزير المالية ونشرت في العرب اليـوم تحت عنوان أبو حمور يحذر من عواقب وخيمة ، يتمنى لو أن الوزير كان في المعارضة لكي يحذر الحكومة من العواقب الوخيمـة ، أما وهو في الحكومـة فليس معروفاً لمن يوجه تحذيراتـه.
قـّدم الوزير تشـخيصاً واضحاً للتحديات التي تواجـه الأردن اقتصادياً ومالياً ونقدياً ، ولم يذكر شـيئاً عن الحلول التي تأخذ بها الحكومة لمواجهة هذه التحديات والمخاطر.
ينتقـد الوزير التأخير في اتخاذ القرارات (الصحيحـة) والإصلاحية بشكل يفاقم المشاكل ويزيد من صعوبـة التعامل معها ، وهو انتقاد في محلـه ، ولكنه يمثل وجهـة نظر تصلح للمعارضة وليس للحكومة التي تتأخر في اتخاذ القرارات الصحيحة.
لا يسـتطيع الوزير أن يلوم ارتفاع أسـعار النفط العالميـة مما قد يرفع فاتورة النفط السنوية إلى أربعة مليارات دولار ، فهذا ُمعطى ، لا يد لنا فيه ، ولا نستطيع أن نغيره ، السـؤال هو ماذا نفعل إزاء هذه الحالـة الصعبة.
ويقول الوزير بحق أن العجز والمديونية مسائل مؤرقة للاقتصاد الأردني ، فهل يكـون العلاج بالسماح باتساع فجـوة العجز وارتفاع سـقف المديونية دون أن نحرك ساكناً.
ويضع الوزير أصبعه على أحد أهـم أسـباب ارتفاع المديونيـة ، وهو كفالـة المؤسسات والشركات الحكومية المتعثرة ، فهل يعالج تعثر مؤسسـات القطاع العام بتزويدها بالمزيد من السـيولة المقترضة التي يعرف الوزير أن تسـديدها سيتم من الموازنة وليس من عوائد تلك المؤسسات التي لا تحقـق سوى الخسائر.
ليس صحيحاً أن عجز وخسـائر المؤسسات المسـتقلة وبعض الشركات الحكومية حصل خلال السنوات (الماضية) وأفرز عجزاً وخسائر مالية تراكمية ، فما يحدث خلال السنة الراهنة أسـوأ بكثير.
ولم يكن الوزير جاداً بالقول أن أداء الموازنة العامة جيـد ، وأن المشكلة تكمن في مواجهة تحديات الطاقة ، فالحقيقـة أن أداء الموازنة ليس جيداً طالما أن عجزها يتصاعد من عام إلى آخـر.
لا داعي لقلق وزير المالية من تراجع الاحتياطات الأجنبية فما زالت عالية جـداً ، أو من انخفاض الحوالات والدخل السـياحي فالانخفاض إن وجد مؤقت وبسيط للغاية. المشكلة تكمن في الموازنة التي لا تلتزم بها الحكومة بل تمـد رجليها إلى أبعد مما يسمح به غطاؤها.