المثقف الممنوع من الصرف!

المثقف الممنوع من الصرف!
أخبار البلد -  

اكثر الفئات ضيقا بالحقائق، ونأيا عن الطرق الموصلة اليها، تلك الفئة التي استبدلت الحلم بالوهم لأن الحلم يتطلب قدرا من الممكنات الهاجعة والقابلة للتحقق بعكس الوهم الذي يتفاقم متناغما مع اتساع المسافة او الهوة بين الرغبة والقدرة على اشباعها.
واذا كان الناقد وليم امبسون قد ألف ذات يوم كتابا بعنوان سبعة أنماط للابهام بهدف التفريق بين الغموض الشعري المتلألىء كالماس والابهام المطفأ كالفحم، فإن هناك أنماطا تتجاوز السبعة للوهم وهي بانتظار من يرصدها سواء في الثقافة او أي حراك انساني، فالمستقبل مثلا بالنسبة للواهم هو بمثابة تعويض او تسديد مديونيات لما انقضى، لكنه بالنسبة للحالم حاصل جمع الممكنات، وهذا هوالفارق الجوهري بين نبوءات عشوائية تستلهم الأبراج او تقرأ الفناجين وما ترسب فيها من قهوة الزبائن وبين توقعات مبنية على الحدس بمعناه المعرفي، والذي يتعامل مع القادم بوصفه العناقيد التي تعد بها البراعم ما لم يحصل اعصارا يعصف بهذه البراعم او الممكنات!
والمثقفون في العالم كله وليس في نطاقنا القومي فقط لا يمكن وضعهم في قارب واحد لأنهم اضافة الى تفاوت الوعي بين مطابق للواقع ومفارق له.. يمثلون كما يقول غرامشي مصالح الفئات التي ينتسبون اليها، وحين يكون هناك تجانس قسري بينهم بهدف التعميم والدفاع عن الكسل الذهني، يختلط حابلهم بنابلهم، وقمحهم بزؤانهم، فالمثقف الذي يؤمن مثلا بسلطة الثقافة ليس هو النقيض الذي يتحول الى مخلب لسلطة السياسة ، والحرب دائمة ولم تنقطع ولا هدنة فيها بين هذين النموذجين، فالأول يرى الواقع بكل معطياته ناقصا لهذا يسعى الى استكماله بينما يرى الثاني ان الواقع قد تطابق مع حلمه لهذا يسعى الى تكريسه ويخاف من اية رياح تهدده بالتغيير لانها قد تكنسه وتحذفه من المعادلة، وهناك ثلاثة فراديس او يوتوبيات تحدد لنا منسوب الوعي والانسجام مع الذات لدى المثقف..
فردوس ضائع، لانه اكتمل في الماضي وتحول الى نموذج يحتذى به، وفردوس قادم كالذي حلم به ناظم حكمت عندما قال في احدى قصائده ان الاجمل لم يولد بعد. سواء كان طفلا او نصا شعريا والفردوس الثالث هو القائم الذي يستغرق فيه حتى السبات من يرون ان هذا الواقع يلبي احلامهم، رغم انه قد يكون كابوسا لاخرين لا يقاسمونهم الرحم ذاته!
وان كان هناك فردوس رابع فهو المتعذرالذي لا تصل اليه اقدام البشر حتى لو حلقت ارواحهم واشواقهم في سماواته. . وهو ما سماه الشاعر برخت رغم واقعيته وماركسيته مدينة بيلارس التي حلم الاشقياء ببلوغها لكنها دمرت ذات فجر من زلزال مباغت والى حد ما قد تكون مدينة ايثاكا الاغريقيه بالنسبه للشاعر كفافيس هي هذا الفردوس المستحيل. لان الحلم به افضل بكثير من الاقتراب من تخوفه، فالاقامه في المسافه او الطريق بين ما نشتهي وما يمكن تحقيقه هي المجال الحيوي الرحب والخلاق للابداع..
ولم تشذ ثقافتنا العربيه المعاصره عن هذا الثالوث الفردوسي لان الفردوس الرابع بقي غائبا بسبب فائض المكبوت الذي يسعى الى اشباع مضاعف.
* * * * * * *
سابدا من مثال قد يكون منسيا او مجهولا قبل عدة عقود، عندما كان المثقفون العرب وتحديدا في مصر يلجأون الى المقاله لاهداف تنويريه لهذا كتبها الشاعر والروائي والاكاديمي ورجل الدين والناشط، وكانت اهم الكتب التي صدرت في النصف الثاني من القرن العشرين مقالات نشرت في الصحف ثم جمعت، والمثال الذي سأورده في هذا السياق هو فكري اباظه، المثقف والكاتب الذي يعترف معاصروه ومنهم اصحاب صحف كان ينشر فيها مقالاته، فأن نشر مقاله له في واحده من تلك الصحف كان يضاعف توزيعها عشرات المرات ولم يكن يتقاضى اجرا عما يكتب، ويبدو ان الرجل صدق مثل هذا الصدى لكتاباته فقرر ان يرشح نفسه للبرلمان. ثم فوجئ بسقوط فاضح ، ولم يكن امامه للاستدراك الا اللجوء الى سعد زغلول زعيم حزب الوفد كي يعينه في مره قادمه على استعادة الاعتبار وذلك من خلال سحب مرشحه الوفدي من الدائره الانتخابيه لفكري اباظه.
وفد دفعني هذا المثال الذي لم يعد مجرد امثولة في مجال ما اسميه المثقف الممنوع من الصرف الى تقصي امثلة اخرى في عدة اقطار عربية بدءا من ذلك الصديق القاص المبدع الذي استقال من عمل اداري يحسده عليه الكثيرون ورشح نفسه للبرلمان، ففقد المشيتين معا لأن شرط الترشيح هو الاستقالة من الوظيفة ومقابل ذلك عرفت اديبا عربيا بقي نائبا مزمنا بالبرلمان لأنه يمثل عشيرته وليس قراءه او ما كتب.. وكان اول مثقف من ذلك الجيل وتلك الرحلة قد تنبه الى وهم المثقف وتصديقه ما يسمعه هو احمد لطفي السيد الذي حمل لقب استاذ الجيل، فقد طرح عليه عبد الناصر من خلال وسيط صحفي ان يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية في فترة انتقالية هي على ما اظن في اعقاب تنحية اللواء محمد نجيب او خلالها فجاء رفض لطفي السيد واضحا وذكيا وبه الكثير من الحدس الصادق، واكتفى بالقول للوسيط بأنه لم يقرأ كل ما قرأ ولم يكتب كل ما كتب ليصبح طرطورا في عالم السياسة.
* * * * * * * * *
لقد وجد بعض المثقفين العرب في العقود الثلاثة الماضية على الاقل حلا سحريا لتلك الاحجية التي تتلخص في ازدواجية الحلم والوهم، فهم يدركون جيدا الهامش الذي يعيشون ويكتبونه ويشتبكون فيه، اولا ومن قبل منهم بمنصب رسمي اوهم نفسه اولا ومن ثم كذب على زملائه بأنه فعل ذلك لأن السلطة قبلت بشروطه وانه يسعى الى تحسين شروط الثقافة في بلاده ويتحول الى سلفادور او منقذ، وحقيقة الامر ان السلطة في اي بلد في العالم الثالث لديها تعريف محدد للثقافة والمثقف ولأنها أمية او شبه امية في هذا المجال فان المثقف الاقرب الى السطحية والبعد عن التأويلات، وكالعادة حولت الثقافة العربية المعاصرة كل ما وصل الى سمعها من نعمة الى نقمة، وكان اندريه مالرو وزير ثقافة ديغول هو المثال المتكرر، حتى عندما طلب الراحل ياسر عرفات من محمود درويش ان يقبل بهذا المنصب، فقد قال له ان اندريه مالرو الروائي الكبير كان وزيرا للثقافة في فرنسا، فأجابه محمود كما سمعت منه وبالحرف الواحد... ان ثمة فرقا كبيرا بين الحالتين وقال: انا محمود الشاعر ولست اندريه مالرو الروائي، وانت ياسر عرفات ولست الجنرال ديغول، واخيرا رام الله وما حولها ليست فرنسا.
* * * * * * * *
ان حاجة ثقافتنا المفترى عليها والمغتصبة بل المختطفة اكثر من ماسة الى كتاب من طراز ذلك الكتاب الذي الفه وليم امبسون عن غموض اشعر وابهامه، لأن لدينا الان سبعين نمطا من اوهام الثقافة ازدهرت في حاضنة نموذجية تزاوجت فيها الأُميتان السياسية والثقافية، فأن تكون مثقفا من شعب ثلثه اميّ بالمعنى الدقيق عليك ان تعيد النظر باحلامك، فأنت بحاجة الى غربال مشدود اكثر بعشر مرات من غربال ميخائيل نعيمة كي تفرز قمح احلامك عن زؤان اوهامك. ...!

شريط الأخبار الأردن يرحب بقرار الأمم المتحدة بعدم قانونية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية الاتحاد الأردني لشركات التأمين يدرس مسودة قانون التأمين وتعد أدلة إرشادية ونشرات توعوية الفيدرالي الأميركي يخفض سعر الفائدة 50 نقطة أساس لأول مرة منذ 2020 الحكومة تتقبل التهاني لتشكيلها في هذا الموعد أردني يقتل شقيقتيه في عين الباشا تسمية وزير الاتصال الحكومي محمد المومني ناطقا رسميا باسم الحكومة استشهاد 14 شخصًا وإصابة المئات بانفجارات جديدة لأجهزة اتصالات لاسلكية في لبنان- (صور وفيديو) موجة تفجيرات جديدة في لبنان... أجهزة لاسلكي تنفجر في الضاحية والمناطق المحيطة (فيديو) انظـار المقترضين الأردنيين من البنوك تتجه صوب "الفيدرالي" اليوم الملك: الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة خطيرة على استقرار المنطقة الملك يغادر إلى الولايات المتحدة للمشاركة باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة طقس معتدل إلى لطيف نهاراً وبارد نسبياً ليلاً يوم الخميس حسَّان لوزراء حكومته: أطلب منكم العمل بلا كلل نقيب وكلاء السيارات الجبالي: رفع الضريبة على السيارات الكهربائية سيضر الجميع.. وننتظر الحكومة الجديدة لتصحيح المسار "نيشان" الوكيل الحصري لمصنع "ايكو باتش" تشارك في معرض الصناعات البلاستيكية والبتروكيماوية.. صور وفيديو سعيد ذياب: الحكومة الجديدة استمرار للنهج القديم.. ومشاركتنا غير مطروحة بسبب طلباتنا النواصرة يدخل مجلس النواب بسيارة ميتسوبيشي موديل 1994 ويقول: "تفي بالغرض وأنا خادم للشعب" 5 وزراء حزبيين في حكومة حسان المدير بمصنع المتميزة في الظليل: جميع المصابين بصحة جيدة ونحن ملتزمون بأجراءات السلامة العامة الملخص اليوم لحجم تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الأربعاء .. تفاصيل