استهداف الاعلاميين المبرمج يثير أسئلة حول جهات خفية تقف خلفه .
من يطالع من المراقبين في الخارج التصريح الفرنسي حول القلق من المضايقات التي يتعرض لها مكتب وكالة " فرانس برس " في عمان سيخيل اليه ان الحالة الامنية في عاصمتنا كحالة مدن في افريقيا او امريكا اللاتينية تحكمها عصابات و يتعرض فيها الصحافيون الى الاختطاف والقتل. عمان ليست كذلك بالطبع وميزتها الاساسية هى الاستقرار والامن, لكننا قبل باريس بتنا نشعر بالقلق من تنامي ظاهرة استهداف الاعلاميين والتضييق عليهم, ففي الاشهر القليلة الماضية تعرض اكثر من صحافي ووسيلة اعلام الى الاعتداء والتنكيل اثناء ممارسة عملهم, او على خلفية تقارير واخبار صحافية نشروها. ومصدر القلق الاكبر في ظاهرة الاستهداف هو الشعور بأن جهات رسمية تقف خلفها وتقدم لمرتكبيها الحماية للافلات من العقاب القانوني. وقد دلت الشواهد في اكثر من حادثة اعتداء على ذلك بوضوح.
قبل شهر ونصف الشهر تقريبا تعرض مكتب " الفرنسية" للاعتداء واقدمت مجموعة من الشبان الغاضبين على تحطيم اثاثه, وتعرضت مديرة المكتب الزميلة رندا حبيب الى التهديد. قوبل الاعتداء انذاك بالادانة الواسعة من اوساط اعلامية وحقوقية وحكومية ايضا, ووعدت الجهات الرسمية بالقبض على الفاعلين وايداعهم للقضاء. لم تف الجهات الرسمية بوعدها, لابل حصل أسوأ من ذلك, فبعد قرابة شهر ونصف الشهر من الاعتداء الاول تعرض مكتب الوكالة لمحاولة ثانية, وحال تدخل الامن في اللحظة الاخيرة دون وقوع مكروه للزملاء هناك. وفي اليوم التالي, وبينما كان الملك عبدالله الثاني يلتقي الرئيس ساركوزي في باريس احتشد العشرات بقيادة احد النواب امام السفارة الفرنسية مطالبين باغلاق مكتب "فرانس برس" في عمان. المطلب غريب جدا, ففي العادة يتظاهر الناس احتجاجا على اغلاق السلطات للمكاتب الاعلامية وليس العكس, واللافت ان محاولة الاعتداء و" انذار " الحكومة الاردنية باغلاق المكتب خلال 24 ساعة والمظاهرة امام السفارة الفرنسية جاءت بعد ايام قليلة على تلقي الزميلة رندا حبيب تعهدات وتطمينات من رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب بعدم تكرار محاولات الاعتداء ووقف حملات التحريض ضد حبيب ومكتب الوكالة في عمان ! .
بصراحة لم نعد نفهم ما يجري وبالتأكيد لن نقبل ايضا, فاذا كتب لهذا النهج ان يسود فان احدا لن يكون بمنأى عن الاستهداف, رندا حبيب وبعد اكثر من ثلاثة عقود من العمل الصحافي في الاردن تعيش تحت التهديد هى واسرتها, ياسر ابو هلالة كاد ان يهجر وطنه من شدة ما تعرض له من تضييق وتحريض واعتداءات, سامي محاسنة سحقوا عظامه في ساحة النخيل, وزملاء آخرون تلقوا الصفع والاهانات. لم نعد نفهم او نقبل التبريرات المتداولة, هناك جهة خفية تقف خلف كل ما يجري, نأمل ان تتدخل الدولة وتضع حدا لها, كي لا تصبح عمان مثل مدن العصابات.