الأخ رئيس التحرير المحترم
ارجو التكرم بنشر المقال ادناه في موقعكم المقرؤ ولكم خالص شكري وتقديري وياحبذا ان كان بالامكان ان اكتب عندكم ايضا
عمر العسوفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ايها المتقاعدون العسكريون ...لا تبتعدوا عن صهوات جيادكم .
- عمر العسوفي
هذا نداء من القلب لا يشبه الا نداء الحارث بن عباد وهو زعيم قبيلة بكر في قصيدته المشهورة "قربا مربط النعامة مني" التي عدها العرب واحدة من عيون التراث العربي والنعامة هي فرس الحارث المشهورة باصالتها ،القصيدة قيلت في مقتل "بجيرا" ابن الحارث على يد الزير المهلل في غير موقعه قتال، بعد ان نأى الحارث بقومه عن الاشتراك في حرب البسوس نظرا لحكمته ونظرته الثاقبة وقرائته لما ستؤول اليه الامور ، وعندما طلب منه اصلاح ذات البين بين بكر وتغلب افتداء ابنه بجيرا ولكن المهلل غدر به، فنظم الحارث قصيدته من عمق وبؤس المأساه، وقد بلغ من العمر الثمانين وعلى مفرقيه الشيب ،اقتبس من القصيدة الرائعة الابيات التاليه :
قـل لأم الاغـر تبكـي بجيـراً حيل بيـن الرجـال والامـوالِ
ولعمـري لا بكـيـن بجـيـراً ماأتى الماء مـن رؤوس الجبـالِ
لهف نفسي على بجيـرا اذا مـا جالت الخيل يوم حرب عضـالِ
وتساقـى الكمـاة سمـاً نقيعـاً وبدا البيض من قبـاب الحجـالِ
وسعت كل حرة الوجـه تدعـو يالبـكـر غــراء كالتمـثـالِ
يابجير الخيرات لا صلح حتـى نملأ البيد مـن رؤوس الرجـالِ
ويستطرد الحارث قائلا في اربعة عشر بيتا يبداءها بقربا.....
قربـا مربـط النعامـة مـنـي لقحت حرب وائل عـن حيـال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي ليس قولي يـراد لكـن مغالـي
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي جـدّ نـوح النسـاء بالاعـوال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي شاب راسي وأنكرتني الغوالـي
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي للسـرى والغـدو والآصــالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي طال ليلي على الليالـي الطـوال
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي لا عتنـاق الأبطـال بالأبـطـالِ
قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي واعـدلا عـن مقالـة الجهـالِ
"انتهى الاقتباس"
ربما يتعجل البعض الحكم ما وجه الشبه بين العنوان وهذه ، فأقول ان اوجه الشبه كثيره جدا ولكنني اعد منها ، ان السكوت على الظلم والضيم ليس من شيم الاحرار وان الحكمه مهما طلبت فان البغي لا بد وان يزول وان الفرسان مهما تقدم بهم العمر لن يتخلو عن فروسيتهم ولو تخلقوا بخلق الفرسان ....
بعد ان بان لكل ذي لب وبصر وبصيرة حجم ونوع الاخطار المحدقة بالاردن وما يرسم له من سيناريوهات وبعد ان اعلنت المعارضة في الخارج برنامجها ووزعته على الدول الكبرى، وبعد ان اصبح سفراء الدول الكبرى يصولون ويجولون دون ادنى اعتبار لسيادة الدوله، فمنهم من يتناول طعام الغداء في ذيبان وآخر مع قادة الحركة الاسلامية وثالث مع نشطاء سياسين ومسؤولين عن جميعيات ياتي تمويلها من الخارج ولاهداف مشبوهه .
انا اعرف ان الغالبية الساحقة منكم وتحديدا من رتبة عقيد فما دون يعيشون تحت خط الفقر المدقع بعشر مرات ويطبقون المثل القائل "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" ، تكظمون غيظكم جراء سياسات الفرز الطبقي والوظيفي وتصنيف الولاء على اسس غير الاسس التي تربيتم عليها، وعندما تحركتم عدة مرات تطالبون فيها بالاصلاح كما يطالب غيركم من احرار الاردن اتهمكم بعض الرموز ومنهم من تقلد المناصب عدة مرات بانكم اناس مطلبيين ولا تمتلكون الفكر والرؤيا الاصلاحية في محاولة للغمز من قدراتكم .... قالها من استمراء الفساد ولبس عباءة اهله .
لا يخفى على احد ان نية الاصلاح لدى الاردن الرسمي عالية الخطاب قليلة النتائج ، لا بل ان مطابخ صنع القرار (ان كان هناك صنع قرار) منهمكة في اخراج ما يمكن اخراجه من رؤوس الفساد من الملف الذي لن يهدأ حراك الاردنيين الا بانجازه مهما كانت التكلفة والتضحيات ، لا يخفى على احد ان معوقات الاصلاح في الاردن اصبحت محددة وهي تتلخص في اربع ملفات هي : " ملف العلاقات الاردنية الفلسطينية المفتوح، ملف الاملاءات الخارجية وتجاذباتها ،ملف الطبقة البرجوازيه الحاكمة التي تسيطر على كل مفاصل البلد ، ملف الفساد غير المسبوق والذي يتركز في القمم " .
ان نظرة تحليلية عميقة تدرك ببساطة ان اصحاب ملف الفساد وحكومة الظل ربما وصلوا الى تخيير الاردنيين بين القبول بالامر الواقع وبهم او جر البلد الى الهاويه ولا يخفى على احدانهم ومن خلال ادواتهم المتعددة المعززة بالسلطة والمال ، يطلبون ذلك علانيه اي على الاردنيين ان يتجاوزوا الحديث عن الفساد لا بل ومحاسبة كل من يتحدث عن ذلك .
الاخوة المتقاعدون العسكريون ، الوطن اكبر من الجميع واغلى من الجميع واذا ما كان الخيار بين الوطن او الاشخاص والمزايا والامتيازات فاننا ننحاز الى الوطن ولا شئ غيره ، انكم احترفتم استخدام اكثر الاسلحةتطورا وتقنية واليوم وانتم في وسط اهلكم فان سلاح الوعي والبعد عن السطحية والسذاجة هو افتك الاسلحة في مقاومة سياسات بيع الوطن ومقدراته وافقار شعبه ونهب ثرواته والتوسل على ابواب وموائد اللئام كي نتلاقى كارثة اقتصادية شبه محققه لا سمح الله ، اوقعها علينا من سرقوا اموالنا ورتبوا علينا مديونية غير مسبوقة ،
ان الموارد والخيرات الموجودة في باطن الارض الاردنية تجعل من الاردن دولة ثريه لو توفرت الارادة لاستخراجها ، ولكن الاردن الرسمي يطبق معادلة " الاردن الفقير هو الاردن الضعيف هو الاردن الافضل "
لقد دافعتم عن الاردن وفلسطين والجولان ودربتم العديد من الجيوش العربية ، فربما ان الوطن قد يحتاجكم فلا تبتعدوا عن صهوات جيادكم لان الوطن اكبر من الجميع واغلى من الجميع ، وبحصافتكم التي عرفت عنكم ان الحقوق تنتزع ولا توهب .
باحث ومحلل
