انقسامات حادة وفوضى شعارات تكرس ثنائية الدولة والاخوان .
لاكثر من ثلاثين اسبوعا والمسيرات مستمرة في معظم محافظات المملكة, المتغير الوحيد فيها هو في نوعية الشعارات وسقفها احيانا, اما بالنسبة لاعداد المشاركين واشكال التعبير فانها ثابتة تقريبا. الاسبوع الماضي فقط كانت هناك محاولة لكسر الروتين باعلان ائتلاف شباب 24 اذار عن نيتهم تنظيم اعتصام مفتوح, لكنهم تراجعوا في اللحظة الاخيرة, ورغم تواضع اعداد المشاركين خلافا للتوقعات فقد تعرضوا لقمع مفرط من طرف قوات الامن.
في الاسبوعين الاخيرين حصلت انقسامات عميقة في صفوف ما بات يعرف بقوى الحراك الشعبي, ففي اوساط شباب 24 اذار وقع خلاف عميق على خلفية الموقف من فكرة الاعتصام المفتوح, وعلى اثره اعلنت عدة مجموعات انسحابها, وامتد الخلاف الى حركات الاحتجاج في المحافظات. في الاثناء ظهرت بوادر انقسام في لجنة احزاب المعارضة بين الاسلاميين من جهة, واحزاب يسارية وقومية من جهة اخرى.
سياسيا يمكن القول ان اسابيع الحراك الطويل افضت الى ثلاث حقائق رئيسية:
الاولى: احتفاظ الحركة الاسلامية بموقع متقدم في الحراك الشعبي, الامر الذي يكرس ثنائية الدولة والاخوان في المشهد السياسي الاردني. وبقدر ما يحقق هذا الوضع حالة الرضى للاسلاميين, فهو في المقابل يسهل على الحكومة خلق اصطفافات شعبية في مواجهتها, وبدا ذلك جليا منذ احداث دوار الداخلية في اذار الماضي, ثم تبدى في الحملة الاعلامية الواسعة " لشيطنة " بعض رموز الحركة الاسلامية في نظر الرأي العام, وقد نجحت تلك الحملة في تأليب قطاعات شعبية عفوية ضدهم, كما ساهمت في احداث شرخ في العلاقة بين الاسلاميين وقوى في الحراك الشعبي اشتكت من الاقصاء وسلوك الاسلاميين وانفرادهم بالقرار.
الثانية: مع مرور الوقت واستمرار المسيرات الاسبوعية من دون تحقيق اي شيء ساد ما يمكن تسميته بفوضى الشعارات في الشارع وتحولت الشعارات المرفوعة من العام الى الشخصي, وصارت الاتهامات تكال بالجملة الى اشخاص بعينهم بقصد الاساءة والاستفزاز ليس اكثر, وفي احيان اخرى رفعت شعارات غير اصلاحية في مسيرات تدعي انها تطالب بالاصلاح. وفي كل اسبوع اصبح بوسعنا ان نتوقع الاسماء المرفوعة على اليافطات في ضوء ما شهده الاسبوع المنصرم من احداث وما برز فيه من " نجوم ", في المقابل حافظت شعارات رئيسية مثل " الشعب يريد اصلاح النظام " على حضورها الدائم في مختلف المسيرات, لكن من المرجح ان فوضى الشعارات ستستمر في الشارع وتأخذ اشكالا مقلقة اذا ما تباطأت عملية الاصلاح او جاءت بنتائج اقل مما يأمله الجمهور.
الثالثة: اتساع فجوة الثقة بين الدولة والشارع خاصة بعد احداث ساحة النخيل, التي ساهمت الى حد كبير في زيادة حدة الانقسام, وارتفاع في نبرة النقد الشعبي, وأسوأ من ذلك تراجع في الرهانات المعقودة على حزمة الاصلاحات الموعودة خلال الاسابيع والاشهر المقبلة, رغم اعلان الحكومة عن خطة زمنية للاصلاحات. وقد سيطر مزاج سلبي على اوساط واسعة في الآونة الاخيرة حيال فرص التغيير في الاردن واذا ما استمر الحال على ما هو عليه, فان الدفعة الاولى من الاصلاحات والمتمثلة بتعديلات الدستور ستواجه تهديدا كبيرا يبدد النتائج المرجوة منها. ولذلك ينبغي العمل وبسرعة لتعديل المزاج الشعبي المكتئب لضمان استقبال تلك التعديلات بروح متفائلة.