يجزم ياسر أبو صلاح بأن الجروح النازفة والذم والتحقير والرضوض والآثار النفسية التي تعرض لها في ساحة النخيل لم تشعره إلا بمزيد من الاعتزاز كونه طالب بحماية الوطن من المفسدين، ونطق بكلمة حق.
أصبح أبو صلاح عنوانا عريضا لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية مع استهجان شعبي واسع بعد أن رُصد أحد مرتبات إدارة السير وهو ينهال عليه بالضرب مستخدما وسيلة غريبة عبارة عن "منقل شواء".
وحال أبو صلاح كحال كثيرين ممن ذاقوا وجع صفائح الحديد لكن تفاصيل ما حدث استطاعت "السبيل" أن تحصل عليها من الشخص المعني الذي بدت آثار تلك الصفائح ظاهرة على وجهه وجسمه، بعد أن استخدم أحد مرتبات إدارة السير "منقل الشواء" لضرب معتصمين في ساحة النخيل الجمعة الماضية، مع العلم أن شخصية الشرطي الذي أصبح يحمل لقب "أبو منقل" مجهولة.
بيد أن ضحايا "أبو منقل" يبقون ظاهرين للعيان، والوصول إليهم ممكن. إذ تعرفت "السبيل" على أحد ضحاياه، وهو المواطن ياسر أبو صلاح، الذي يقطن في منطقة جبل النصر.
أبو صلاح الذي يعمل (ميكانيكي سيارات)، منحه الله قوة في جسده، يقول إن المشاركين بالاعتصام أخذوا يفرون عندما بدأت مرتبات الأمن العام تنهال بالضرب على المواطنين، وفي حين غرة توجه أفراد من الأمن العام إلى مكان تجمع النساء، وبدأوا يضربونهن بشدة مستخدمين العصي والواقيات البلاستيكية، وحزام الوسط (القايش)، وما لاح لهم من خشب (الطوبار)، وكراسي خشبية، وقضبان الحديد والسلالم.
وزاد أنه عندما عاد هو وستة من زملائه للدفاع عنهن، ولتوفير مخرج آمن تعرض هو ومن معه لضرب مبرح عندما وقفوا حاجزا بين النساء والشرطة.
وبين أنه بعد تفرق النساء وخروجهن من مكان ما وصفه بـ"المعمعة"، حاول الهروب من أفراد الأمن، فتبعوه، وكان من بينهم أحد رجال الأمن العام يحمل "منقل شواء"، يضيف أن من بين الضربات التي تعرض لها في بادئ الأمر ضربة "بالمنقل" على وجهه ولا زالت آثارها على الجهة اليمنى واضحة.
وخلال إصراره على الهرب تعثر ووقع أرضا، عندها بدأت تنهال عليه الضربات من كل جانب، وسط تجمهر عدد كبير من "ضباط" الأمن الذين لم يستطع معرفة عددهم، كما يقول.
أبو صلاح يصف كيف لم يعُد بمقدوره التحرك، ومقدار الشتائم التي سمعها، إذ كان حينها ما زال يعي ما يحدث حوله، بحسب قوله.
وتابع: "حتى جاءت لحظة ضربني أحدهم "بمنقل الشوي" على رأسي، وكنت حينها مطروحا أرضا، وبسبب الضربة فقدت "إدراكي" لما يجري حولي، وكان بعضهم يصرخ (لقد مات لقد مات).
يشير إلى أنه لم يعرف ماذا جرى له بعد ذلك، ولم يستفق إلا وهو ملقى بجانب مركبة للأمن العام، وفوق رأسه ضابط برتبة (رقيب) أمطره بالماء وسقاه. أبو صلاح وبعد هذه الحادثة، استمر بالاعتصام، واكتفى بعد أن تم تعليق الاعتصام بمراجعة طبيب عام الذي شخص حالته ولم يجد في جسمه كسورا، بل رضوضا وجروحا.
وحول الأسباب التي دعته إلى عدم مراجعة المستشفى قال: "حفاظا على نفسي"، في إشارة منه إلى تخوفه من الاعتقال إذا ما راجع المستشفى. وأكد أنه لم يقدم شكوى، ولن يفعل ذلك في الأيام القادمة.
ولا زال أبو صلاح يشكو من آثار الضرب الذي تعرض له، فالجروح لا زالت تغطي جسده، والآلام في رجله اليمنى ويده تلازمه، كما أن آلام الظهر تقض مضجعه، بحسب قوله، علاوة على الأثر النفسي الذي بدأ يراوده في احلامه.
يقول:" لقد تم ضربي وتحقيري من غير ذنب اقترفته، لكنني أشعر بالكرامة والعنفوان، لأنني نهضت لحماية بلدي من براثن المفسدين، وأقول لهم حسبي الله ونعم الوكيل".عن السبيل
الضحية "أبو منقل "يتحدث عما تعرض له في ساحة النخيل
أخبار البلد -