عاد 600 من الذين شملهم العفو العام إلى السجن، قبل أن يمر شهر على اطلاق سراحهم وقبل أن يوافق مجلس الأمة على القانون المؤقت للعفو.
- هل اخطأنا في اصدار هذا العفو العام، كما أخطأنا في العفو الذي أطلق سراح الزرقاوي؟
- من الصعب ان نناقش قضايا حساسة وإنسانية كالعفو ومسامحة الذين اساءوا إلى مجتمعهم وشعبهم. فهناك أكثرية عادت إلى عالم الاجرام حتى قبل أن يجف حبر القانون وقبل أن يستكمل إجراءاته الدستورية، لكن هناك أيضاً من قَبِلَ عفو الدولة ومسامحة الشعب، وامسك بالحرية بكلتي يديه، ليكون المواطن الذي عاد إلى حياته النظيفة وعائلته وأطفاله.
حين اثيرت قضية اخراج احد المدانين من السجن، والسماح له بالسفر إلى الخارج لإجراء جراحة صعبة قال الأطباء إنها تعرض حياته لخطر الموت، سمعت من وزير العدلية السابق حسين مجلي كلاماً مثيراً: فالحياة الإنسانية تعلو على العقاب وحتى على العدالة. وأن عقوبة الرجل بالسجن لثلاث سنوات هي العقوبة الوحيدة .. فالموت ليس في قرار الحكم، والمدان يحكم بعقوبة واحدة، وليس بعقوبتين في جريمة واحدة: السجن والموت!!.
في بلد كبلدنا تطغى قضايا العدالة والرحمة والعقاب والموت والحياة على الفهم العام لمحصلة الجريمة، ولقبول المجتمع بالتسامح والرحمة والعفو إزاء الخطأ البشري. فحتى في قضايا الثأر القبلي نسمع أن العشيرة «تفوت» دم أبنائها لوجه الله، وجلالة الملك، والجاهة الكريمة مهما بلغت بشاعة العدوان، فالأساس عندنا هو التعايش والسماح والرضى وخيار الحياة والكرامة على كل خيار آخر.
عفونا عن مجرمين، لأننا اخترنا المسامحة والرضى, وعاد المجرمون إلى السجون لأنهم اختاروا الشر ودونية الحياة. ومن المؤكد أن وقتاً طويلاً سيمر قبل صدور عفو عام آخر!!.