وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك يا ولدي
ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي
ليس لها عنوان!!
لم أقل لضيفي العزيز ماذا خطر ببالي، لكنني ضحكت في سري ضحكة سوداء، فالرجل أصبح هو خيط الدخان، ولا وقت لديه للحب أو حتى للحياة، فهو إنسان بلا أي ورقة تدل عليه، من هو؟ أو ما اسمه، أو لأي أرض ينتسب، ولد في برقا/ نابلس سنة 1935، ويحمل جواز سفر أردنيا منذ عام 1935، صدر من جوازات القدس، تنقل كثيرا في بلاد الله غير الواسعة بفعل البشر، واستقر به المقام في بغداد، حيث اعتقل وحينما عاد إلى منزله لم يجد لا ورقة ولا قطعة قماش، بما في ذلك جواز سفره، عاد إلى عمان بوثيقة من السفارة الأردنية في بغداد، ومنذ ذلك الحين يحاول أن يحصل على وثيقة تثبت انه هو ولكن بلا جدوى، فليس له أي قيود في دوائر الدولة، حيث أتلفت ملفات القدس بعد الاحتلال، المشكلة انه لا يطمح بأي وثيقة دائمة، يقول لي: ليتهم يؤجرونني بطاقة هوية لمدة ساعات، ثم أعيدها لهم، وأسأل: ولم لساعات؟ فيقول انه عمل في ألمانيا في قديم الزمان، وله منذ نحو أربعين عاما مبلغ محترم من المال في ذمة الحكومة الألمانية كتأمينات اجتماعية، ولكنه لا يستطيع أن يسافر، أو حتى أن يعطي أحدا توكيلا رسميا بجلبها، لأنه لا يمتلك بطاقة هوية أو جواز سفر، أو شهادة ميلاد حتى، ولهذا يحتاج أن تؤجره الحكومة بطاقة هوية لساعات!
طبعا محمد دار على جميع دوائر الدولة، من الداخلية إلى الجوازات إلى الإقامة والحدود، مرورا بالشوارع كلها، لم يستمع إليه أحد، ولم يفده أحد، وكان الكلام الدائم له: لا نستطيع أن نفعل لك شيئا!
محمد له شقيق أردني، له أوراق وملفات وجواز سفر، لكنه لا يملك أيا من هذه الأشياء، كما لا يملك ما يسد رمقه، وفوق هذا.. لا تعترف به دولته، فهو مجرد وهم، او خيط دخان!
hilmias@gmail.com
مواطن بصفة: خيط دخان!
أخبار البلد -
حينما فرغ محمد أمين علي خضر سليمان من إكمال روايته لقصته التي تصلح فيلما دراميا، استدعيت كلمات من قصيدة لنزار قباني، غناها عبد الحليم حافظ ولامست قلوب الكثيرين يقول فيها..