"اليسار في الحكومات مثل اليمين، وأحياناً يكون أكثر يمينية"، هذا المدخل والوصف ليس له علاقة بما سأقوله للوزير والصديق اليساري الرفيق موسى المعايطة، الذي لا يترك وزارة التنمية السياسية إلا ويعود إليها.
عودة الوزير اليساري إلى وزارة التنمية السياسية تفرحنا نحن اليساريين، لكن ما لا يفرحنا أن المعايطة ما إن يهبط على الوزارة حتى يبدأ بمنحنا جرعات تفاؤل ليست في مكانها، آخرها ما قاله قبل أيام من "أن العام الحالي هو عام الإصلاح السياسي، حيث يشهد الوطن الكثير من العمل تجاه الإصلاح الذي يدلل على اهتمام الحكومة بمسيرة الإصلاح".
المعايطة قال هذا الكلام ذاته قبل عام، وفي أكثر من مناسبة، وكان آخرها في مادبا خلال افتتاحه ملتقى مؤسسات المجتمع المدني والتنمية، حيث أكد أن "العام 2010 سيكون عام الإصلاح السياسي في الأردن من خلال خوض تجربة اللامركزية والمجالس المحلية التي تعد محطة مهمة من محطات الإصلاح السياسي".
وفي حالة نشوة غير مفهومة يقول المعايطة "إن عملية الإصلاح السياسي تسير بخطى حثيثة وفقاً للرؤية الملكية، وإن ما قامت به حكومة رئيس الوزراء معروف البخيت من خطوات على هذا الصعيد منذ مطلع العام الجاري يعتبر جيداً"، منتقداً الأصوات المطالبة برحيل الحكومة، ومعتبراً أن رحيل الحكومة في الوقت الراهن سيؤثر سلباً على عملية الإصلاح.
الحديث عن الإصلاح يجب ألا يتوقف بكل الأحوال، وهذه مهمة السياسيين الحكوميين والمعارضة، والزمن الذي نعيشه هو زمن الإصلاح والتغيير، لكن المعضلة التي لا يمكن فهمها هي لماذا عجلة الإصلاح في بلادنا لا يراد لها أن تسير على سكتها الطبيعية، وكل ما يحدث بعيد عن الإصلاح؟ (وفي هذا المقام أنصح الرفيق المعايطة بقراءة مقال الكاتب الأردني المبدع أمجد ناصر "انسوا الإصلاح في الأردن").
وحتى فكرة الإصلاح الإداري، التي تحمسنا لها مثل الحكومة وأكثر من مهندسها مازن الساكت، يبدو أنها باتجاه الرَّكن على الرف بعدما انتقل الرفيق البعثي السابق إلى وزارة الداخلية، وفي أولى غزواته قرر منع إقامة نشاط شبابي في شارع الوكالات تضامناً مع الثورة السورية، بحجة خصوصية الموقع التجاري.
الجميع يتحدثون عن الإصلاح ولا أحد يلمس خطوات فعلية، وإن تحدثنا بتشاؤم أكثر فنقول إن عدم الرضى في البلاد ظاهرة عامة، الكل في مرحلة انتظار، وكأن السماء ستمطر يوماً ما إصلاحاً علينا، لا بل يضع كل الغيورين أيديهم على قلوبهم، ويعلنون تخوفهم من الأيام المقبلة، منطلقين من بعض تصريحات رئيس الحكومة قبل يومين أن "رسالة هؤلاء المحتجين وصلت منذ فترة طويلة، ونحن منخرطون في عملية الإصلاح بطريقة جدية وسريعة"، خوفاً من أن تكون مشابهة لقول زعيم تم خلعه: "أنا فهمتكم".
بالمناسبة، لو أقسم مدير مدينة عمان المهندس هيثم جوينات أن أعمال الصيانة وإعادة التأهيل الجارية في ميدان جمال عبدالناصر (دوار الداخلية) تقع ضمن خطة شاملة أقرتها الأمانة منذ أشهر، وتتضمن إعادة تأهيل وصيانة الميادين والجزر الوسطية والأرصفة في مختلف مناطق العاصمة، وبوشر العمل فيها بوقت سابق، لما اقتنع أحد بذلك، لأنهم يعلمون أنها جاءت رداً على دعوات نشطاء في "الفيسبوك" لإقامة نشاط احتجاجي على غرار نشاط 24 آذار!