أمام ذلك التعنت من وزير المالية قرر مجلس نقابة الصحفيين الطلب من كل الصحفيين والصحف والوكالات مقاطعة وزير المالية، بحيث لا يذكر اسمه في الصحف ولا توضع صورته، واذا كان هنالك اضطرار لنشر خبر عنه تنسق الصحف مع بعضها ويقتصر الخبر على ذكر المنصب أي وزير المالية دون ذكر من هو.
وأذكر أننا واجهنا في أحد الأيام مأزقاً عندما استقبل جلالة الملك حينها وزير المالية الكويتي، وأرسلت للصحف صورة واحدة كان فيها وزير ماليتنا المذكور يتوسط جلالة الملك ووزير المالية الكويتي، وتشاورت الصحف في الأمر فتقرر تكليف فني متخصص في احدى الصحف بأن يقوم بمونتاج ناجح للصورة يحذف فيها صورة وزير المالية الاردنية ويقتصر الظهور على صورة جلالته مع الوزير الكويتي، وهكذا كان.
كانت المقاطعة محكمة من قبل الجرائد اليومية الأربعة آنذاك وهي "الدستور" و"الرأي" و"الاخبار" و"الشعب"، وكذلك التزمت بالامر الصحف الاسبوعية التي كانت الفسحة الزمنية تسعفها بالغاء اي خبر لوزير المالية ليس باسمه فقط وانما بمنصبه ايضاً.
تذكرت هذه القصة اليوم بعد أن اصدر مجلس النقابة الحالي مشكوراً قراراً بمقاطعة أحد النواب الذي تمادى كثيراً في تعدياته على حرية الصحافة والحريات العامة.
وكانت ذروة ذلك الاعتداء على مكاتب وكالة الصحافة الفرنسية في عمان...الخ، وتركت هذه الممارسات ايحاء بأن الصحافة باتت حيطاً واطياً!!
لا يوجد أدنى شك ان الحكومة ومجلس النواب تتحمل اليوم تبعات هكذا سلوك لنائب يمارس العنف والاستفزاز وحتى لو كانت هنالك جهات تشد على يده ممن يعتقد أن المزاودة والتطرف في مواجهة اي معارضة او انتقاد هو علاج لهكذا حالات.
ما يعنينا هو ان يلتزم الصحفيون وتلتزم الصحف في قرار مجلس النقابة وأن تتم مقاطعته بشكل محكم بما يوازي على الاقل المثل الذي ذكرناه عند مقاطعة الصحافة لوزير المالية، والمقاطعة الصحفية لهذا النائب هي أسهل وهي أجدى وأحق حيث يقصد هذا النائب أن تكون صورته واسمه وأخباره في الصحف والمواقع الالكترونية عبر اثارة متعمدة تجلب له الاضواء وتبقيه في دائرتها عبر الاهتمام الاعلامي بممارساته وأقواله، ولا يهمه من أين يختطف هذه النجومية والاضواء وحتى لو كان ينطبق عليه القول الدارج: "مثل اللي كسر مزراب العين".. وذاك الذي كسر مزراب العين بات مشهوراً ولا يهمه أن شهرته تأتي من وراء سخط وذم الناس له أو غير ذلك!!
rakan1m@yahoo.com
لنثبت أن الصحافة ليست حيطاً واطياً..!!
أخبار البلد -
في العام 1977 سادت أجواء التوافق والتفاهم القطاع الصحفي في الاردن، وكانت تصدر آنذاك في الاردن أربعة صحف يومية وعدد من الصحف الاسبوعية، بالاضافة الى وكالة الانباء الاردنية والعديد من مكاتب وكالات الانباء العالمية، يومها كرمني الزملاء بانتخابي نقيباً للصحفيين بالتزكية، ومن القصص التي لا تنسى ان المغفور له جلالة الملك الحسين عندما استقبل مجلس النقابة حينها استجاب لطلب مجلسنا بمنح النقابة قطعة أرض لتقيم عليها مشروعاً لاسكان الصحفيين، وأصدر أوامره لرئيس الوزراء بتنفيذ هذا المطلب باسرع وقت، لكن الحكومة آنذاك ماطلت بعد أن تم تحديد قطعة الارض والاجراءات اللازمة، وبعد شهرين بررت الحكومة عدم تنفيذها للرغبة الملكية بممانعة وزير المالية تفويض هذه الارض، ولم تنفع كل المراجعات والوساطات باقناع تلك الحكومة التي ظلت تتمترس خلف رفض وزير المالية!!