فذهب ابنا العم الى المدينة لشراء « الأسكمو» وركبا من أجل ذلك حمارين كانا وسيلة المواصلات الوحيدة في القرية. وسارا أكثر من 10 كيلو مترات مؤملين نفسيهما بالعودة ب « الإختراع الجديد» لكي يستعرضان أمام أقرانهما من أبناء القرية الفقيرة.
كان الطقس حارا ـ مثل أيامنا هذه ـ. وتمت « الصفقة « وحصل الاثنان على مرادهما ووضعها حبتي الاسكمو كل في « دشداشته» أو « قمبازه» للدقة. وانطلقا نحو القرية والابتسامة تملأ وجهيهما والضحكة كما يقولون « من الذان للذان «.
لكن الطقس الحار خذلهما ولم يدر المسكينان أن ما جاءا به قد ذاب وتحول الى سراب. لكن الغريب أن أيا منهما لم يحس ببرودة في جسمه أثناء ذوبان « الاسكمو «. ربما أنستهما الفرحة أي إحساس آخر.
فما أن وصلا لبيتيهما حتى تحسس كل منهما جيبه واكتشف أنه لم يبق من حبة الاسكمو الا العود الخشبي الذي عادة ما يتوسط قطعة الثلج الملونة. فظن كل واحد أن الآخر هو الذي التهم «حبته» أو قطعته. فتعاركا معا وتنازعا واستمر « الخلاف « بينهما ثلاث سنوات بسبب اختفاء حبتي الاسكمو.
وما حدث لإبني العم « سعيد ومسعود « يتكررمعنا في كثير من الامور التي نجد أنفسنا في خلاف حولها مع أننا في النهاية كلنا خاسرون . ولكننا نتعارك ونختلف ونتشاطر على بعضنا ونقسو والنتيجة « صفر «. وهو ما يذكرنا بالمقولة الشهيرة « نحن نختلف على فروة الثعلب قبل أن نصطاده».
المهم أن نصطاده.. وين الثعلب؟.
من أكل الأسكمو..؟
أخبار البلد -
ذكرتني ساعات الحر الشديد التي اجتاحتنا وتجتاحنا هذه الأيام، بأيام الفقر الأُولى التي كنا نعيشها ونتعايش معها ، ليس حبا فيها بل لأنه لا يوجد بديلا لها. ومما رواه « ختيارية زمان « أن بعض أبناء الجيل القديم لم يكونوا يرون « الاسكمو « والبوظة التي يسمونها اليوم « آيس كريم «. فما أن سمع مسعود وسعيد بوجود « أسكمو» وهي قالب صغير من الثلج ملون بالأحمر غالبا وله طعم حلو ويباع في صناديق تحتوي على مادة عازلة لكي يحتفظ بالمادة باردة الى أطول فترة ممكنة.